-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سيتفاوضون مع السِّنوار

سيتفاوضون مع السِّنوار

طال الزمن أو قصُر سيتفاوضون مع السِّنوار أو مَن يُمثِّله أو من يُمثِّل المقاومة.. لن تذهب دماء آلاف الشهداء هَدرا.. لن تذهب آلام عشرات آلاف الجرحى هَباءً.. لن تذهب تضحيات ملايين الفلسطينيين وصبرهم ومعاناتهم من دون نتيجة..

لم يعرف التاريخ شعبا قدّم مثل هذه التضحيات من دون أن ينال حقوقه.. لذلك فإن رهان بعض الدول على هزيمة المقاومة وهزيمة أصحاب الحق سيكون رهانا خاسرا إِنْ اليوم أو غدا.. خاصة بعض الدول العربية التي باتت تتكلم باسم المصالح الوطنية وباسم الأمن القومي عن كونها لا تستطيع الخروج عن الإطار الأمريكي الصهيوني الغربي في حركتها السياسية باعتبار أنه مازال هو الذي يحكم ويتحكم في المنطقة وفي العالم ومن غير الممكن التعامل معه بنِدِّية من دون مخاطرةٍ بالأساس التي تقوم عليه أنظمة هذه الدول… ولذلك تجدها إلى اليوم تراهن على هزيمة المقاومة في غزة وانتصار الجيش الصهيوني لتتدخل ببدائلها السياسية المتقاطعة مع البدائل الأمريكية الصهيونية الغربية… يتجلى ذلك من خلال إعلامها وسياستها الخارجية وبياناتها التي – باسم المحافظة على صداقاتها مع الغرب – باتت تتحدث عن “ضحايا مدنيين من الطرفين” وعن “عنف من الطرفين” وعن “حق للطرفين”… واضعة الجلاد والضحية في المستوى نفسه ومُمتَنِعة عن الانحياز إلى الحق وإن اختلفت مع أصحابه.. ومُمتَنِعة عن نصرة المظلوم بغضِّ النظر عن انتمائه العرقي أو الديني..

ما الذي يدفع كولومبيا إلى قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني وهي التي تبعد عنه بـ11538 كيلومتر؟ ما الذي يجعل كوبا التي تبعد 10776 كلم تُبقي علاقاتها مقطوعة مع الكيان منذ سنة 1973؟ وعشرات الدول الأخرى في إفريقيا وآسيا مازالت لا تعترف بهذا الكيان الغاصب ولا تقيم معه علاقات دبلوماسية في حين تُصرّ دول عربية تُسمي نفسها “شقيقة للفلسطينيين” على التطبيع معه وعلى رفض طرح موضوع قطع العلاقات الدبلوماسية التي تربطها به حتى على جدول الأعمال كورقة تفاوض، بل إن السلطة الفلسطينية ذاتها في رام الله ترفض حتى التلويح بهذه المسألة لوقف المجازر المرتكَبة في حق الشعب الفلسطيني شعبها؟ هل مازال هؤلاء ينتظرون هزيمة السِّنوار ليستثمروا في معاناة الشعب الفلسطيني وشهدائه وجرحاه وأسراه لعلهم يحققون بعض المكاسب؟

إن كان الأمر كذلك، فالمؤكد أن كفاح الشعب الفلسطيني البطل في القطاع والضفة وجنوب لبنان وفي كل بقعة من بقاع العالم سيزيد من قوة السّنوار وقيادة المقاومة في أي مكان، وستضطر القيادة الصهيونية الأمريكية للتفاوض معه من موقع موازين القوة وليس من موقع الاستسلام، وكل المؤشرات تدل على  المنحى التصاعدي وليس التنازلي للمقاومة من سنة إلى أخرى، مما يعني أن المحتل سيضطر، عاجلا أو آجلا، إلى الاعتراف بالمجاهد والجريح والأسير، في حين سينظر بعين الاحتقار للمتخاذلين المتخلّين عن إخوانهم في زمن الشدة، وإنْ ربط معهم علاقات مصالح مشتركة وإن وصفهم بالأصدقاء والمُنتَمين لعالم الأمم المتقدِّمة ماديا، فلن يكون ذلك أبدا من الند للند، بل من السيد إلى العبد.. كان ذلك في السر أو العلن..

هذا ما ينتظر الذين أعلنوا العداء للقريب وتقرَّبوا بالود والمحبة للبعيد، ومازالوا يخادعون أنفسهم بأن هذا البعيد (الغرب وأمريكا والصهيونية) راض عنهم ولن يحيد عن دعمهم.. لن يحدث ذلك أبدا، وفي اللحظة الملائمة سيكتشفون الانقلاب الكبير عليهم وكيف سيُتَخلى عنهم ويُترَكون إلى مصيرهم المحتوم كما فعلوا مع أكثر منهم ولاءً وخدمة في العقود القليلة الماضية… يكفي أن يقبل السِّنوار التفاوض معهم من موقع المنتصر، ويكفي أن تقبل المقاومة بشكل عامّ الجلوس معهم على طاولة واحدة لافتكاك الحقوق افتكاكا، ليكتشف الذين أقروا بظلم ذوي القربى أنهم لم يختاروا الطريق الصحيح للحفاظ على مصالح بلدانهم.. وأن هذا الأمن القومي سينهار يوم يبدأ التفاوض مع السّنوار.. وسيتفاوضون معه إن لم يكن اليوم ليلا، فغدا في وضح النهار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!