-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سيناتورٌ أمريكي صهيوني يحرض على الجزائر!

خير الدين هني
  • 3292
  • 0
سيناتورٌ أمريكي صهيوني يحرض على الجزائر!

لا أحب أن أذكر اسمه حتى لا يُرفع شأنه كثيرا، وإنما اكتفي بذكر صفته في المسئولية، وهو نائب أو شيخ أو عضو في مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، صهيوني حتى النخاع، وقد تعوّد على أن يستضاف في مجالس المنظمة الصهيونية (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية تسمى اختصارا أيباك)، ومن اسمها نعرف مدى اللحمة الوثيقة التي تربط هذه المنظمة بالسياسيين الأمريكيين، والمسئولين منهم بخاصة، فلا تُعقد مشورة ولا رأي سياسي في العلاقات الأمريكية الخارجية مع العرب والمسلمين، إلا وكان لهذه المنظمة دورٌ بارز في رسم هذه السياسة وتوجيهها نحو الأهداف السياسية للكيان الصهيوني، وتُعدّ هذه المنظمة الصهيونية أكبر جماعة (لوبي) ضغط أمريكية على المسئولين الأمريكيين، لما تملكه من نفوذ مالي وإعلامي وعلاقات قوية مع الدولة العميقة والقوميين والإيديولوجيين والعقائديين والعنصريين من أصحاب البشرة البيضاء من الإنجيليين والترامبيين.

وحتى بعض المسئولين اليساريين والملوَّنين، ممن لا ينجذبون إلى السياسة العدوانية والتوسعية الصهيونية، يجفلون من مجرد سماع اسم هذه المنظمة ويخشون سطوتها وتأثيرها على سمعتهم ومستقبل مسارهم السياسي في سلم المسئوليات، لذلك تراهم يتحفظون عند الحديث عن الكيان وسياسته الغاشمة، وتراهم يدارون ويمارون ولا يُبدون ما في أنفسهم من معارضة لسياسته العنصرية والدموية.

هدف هذه المنظمة منذ أن تأسست في عام 1953 على عهد الرئيس أيزنهاور، هو حمل الولايات المتحدة على تقديم الدعم المادي والعسكري والسياسي والدبلوماسي، للكيان الإسرائيلي ومصالحه في الشروق الأوسط، وهي تضم جمهوريين وديمقراطيين، كانت تسمى عند  التأسيس (اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة). وهذه المنظمة هي التي تنخس بالمهماز المتصهينين من أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ، ليطرحوا مشاريع عقوبات على الدول التي تعادي إسرائيل أو لا توافق على سياستها العدوانية، أو ترفض سياسة التطبيع والتركيع والإذلال، على نحو ما فعله هذا النائب المتصهين حين نخس بالمهماز وطرح فكرة فرض عقوبات على الجزائر بحجة أنها تشتري الأسلحة من روسيا، وروسيا -حسب زعمه- معاقَبة ولا يجوز التعاملُ معها بأي وجه من الوجوه.

والصهيونية العالمية ومن تبعها من الدول المتصهينة وأحلافهما، وكأنها تلميذٌ غبي حين لم تفهم أن الدول والشعوب، تتمتع باستقلالها وسيادتها وحرية قراراتها واختياراتها السياسية والاقتصادية والعقيدية، تملك ذلك بموجب القوانين المتفق عليها في المواثيق الدولية، ولم تكن هذه الدول قاصرة أو عاجزة بيولوجيا عن بلوغ سن الرشد  العقلي أو السياسي، يؤهلها لإدارة شؤونها الخاصة مما يوجب أن تفرض عليها الوصاية الدولية في تسيير سياستها الخارجية.

وإذا كانت روسيا متورطة في مشكل سياسي وأيديولوجي مع الولايات المتحدة وأحلافها، وفرضوا عليها عقوبات صارمة، فما دخل الجزائر وبقية الدول المحايدة في مشكل ثنائي بين دولتين أو مجموعة دول، خاصة إذا كان الغرب هو من استفز روسيا، حين كان يخطط لتهديد أمنها القومي بنشر الصواريخ  الإستراتيجية على حدود أوكرانيا الشرقية وإنشاء قواعد عسكرية محاذية لحدود روسيا الغربية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يحرك هذا النائبُ المتصهين مهماز الإيعاز، وينادي بفرض عقوبات على الهند والصين، وهما أكبر موّرد للسلاح الروسي ومتعاون معه ومؤيد لسياساته الخارجية، والحال أن الهند والصين أكبر من أن يذكرهما هذا النائب الصهيوني؟

وحتى الكيان الصهيوني يحسب ألف حساب، حينما تريد نفسه أن تنزع به نحو المساس بمصالح الهند والصين، وهو يتودد إليهما لكسب تأييدهما في المحافل الدولية، والجزائر أكبر من هذا الصهيوني وأجلّ وأعظم بتاريخها النضالي والثوري، وعلاقاتها مع الحكومات الأمريكية جيدة، منذ أن استقلت الولايات المتحدة عن التاج البريطاني، فكانت الجزائر من أوائل من أيَّد ثورتها واعترف باستقلالها، حينما كانت الدول الأوروبية حليفتها اليوم تعارض استقلالها، لأن هذه الدول كانت مصابة بمرض استعمار الشعوب الضعيفة وقهر ها واستعبادها ونهب مواردها وثرواتها وخيراتها.

والإيعاز والنخس بالمهماز، كان باتفاق بين مهلكة المخزن وبعض أحلافها المطبِّعين وزعيمهم الروحي كيان الاحتلال، كانوا جميعا على ميعاد وقد بيَّتوا على الكيد والمكر بالجزائر، وزادوا على ذلك بأن نخسوا نائبا إسبانيّا صهيونيا إذ نادى الأوربيين إلى استعمار الجزائر لأخذ ثرواتها، لأنها لا تملك الحق في أن تتصرف في ثرواتها وحدها ومن تلقاء نفسها، ونسي هذا الغبيُّ الجهول أن الفلسفة الاستعمارية بمفهومها الغربي والصهيوني أصبحت من الأدب السياسي الماضي، ولا أعلم إن كان هذا النائب حين دعا إلى ذلك كان صاحيا من ثمل سكره أم كان به بقية من يقظة وشعور؟ وإذا سلمنا بمنطقه –جدلا- فنقول له: نحن مستعدون لتقاسم ثرواتنا معكم ولكن مقابل أن تقاسمونا ثرواتكم الصناعية والتكنولوجية والفنية، لأن التكنولوجيا ميراث الإنسانية وإن اخترعها فردٌ في أقصى الأرض، وأنتم تضِنُّون علينا بتصدير تكنولوجيتكم، أم إن القسمة بيننا ضيزى حلال عليكم وحرام علينا؟

سياسة من لم يكن معنا فهو ضدنا سياسة جاهلية، استحدثها الطغاة المكابرون والمغامرون وقطاع الطرق، وليس معقولا أن دولة، أيّ دولة، تدعي أنها ديمقراطية وتدافع عن حقوق الإنسان، وتنصّب نفسها على الوصاية الدولية، فتجعل ذاتها وصية على مبدأ الحرية والعدالة والمساواة، أن تنتهج سياسة الطغيان والاستكبار والعدوان، وتُرْغم الدول التي تخالف سياستها الخارجية على انتهاج منهجها السياسي، على حساب المصالح القومية والأمنية والإستراتيجية لتلك الدول، والنائب الأمريكي ومثله الإسباني، مازالت فيهما رعونة الجاهلية الأولى وهي الرعونة الفرعونية التي منهجها “مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ”.

كل دولة لها الحرية في أن توجه سياستها وفق مصالحها ومصالح شعبها، والقانون الدولي ينظم العلاقات بين الدول ضمن أطر قانونية وأخلاقية، كل دولة تمارس حقوقها المشروعة من غير ضغط ولا إكراه ولا وصاية، وهذا ما يجب على هذين النائبين أن يعياه جيدا إذا أرادا أن يقيما علاقات ودية مع  الدول التي يختلفون معها في السياسة الخارجية، والأخلاق السياسية تقول: إن الكيان الصهيوني مغتصِب للأرض والحقوق الفلسطينية، وقوانين الأمم المتحدة المنشورة في القرارات واللوائح، هي من ضمن الحقوق لأصحاب الأرض بعدما اغتصبت فلسطين وقسّمت بين الفلسطينيين والكيان الغريب عن الأرض الذي عاش في الشتات آلاف السنين.

الجزائر أكبر من هذا الصهيوني وأجلّ وأعظم بتاريخها النضالي والثوري، وعلاقاتها مع الحكومات الأمريكية جيدة، منذ أن استقلت الولايات المتحدة عن التاج البريطاني، فكانت الجزائر من أوائل من أيَّد ثورتها واعترف باستقلالها، حينما كانت الدول الأوروبية حليفتها اليوم تعارض استقلالها، لأن هذه الدول كانت مصابة بمرض استعمار الشعوب الضعيفة وقهر ها واستعبادها ونهب مواردها وثرواتها وخيراتها.

وإذا كان السيناتور الأمريكي يعتبر المقاومين الفلسطينيين “إرهابيين”، فينطبق الأمر على الأمريكيين أنفسهم حين حاربوا الإنجليز من أجل الاستقلال، فيسميهم الإنجليز وأحلافهم “إرهابيين” لأنهم حاربوا الاستعمار والاستيطان، رغم أن الأمريكان ليسوا مواطنين أصليين لأمريكا الشمالية، بل هم غزاة متغلبون مغتصِبون للأرض، لذلك نراهم ينافحون عن الكيان ويوفّرون له الحماية لاشتراكهم في علة سياسية واحدة.

والتطبيع مع عدو مغتصِب للأرض والحقوق، وهو السياسة التي تعمل الولايات المتحدة على تعميمها على الدول العربية بالترغيب والترهيب، يعدّ خيانة في الأعراف الدولية، ولا أخال أنه يوجد شعبٌ في الأرض أو نظام سياسي رشيد يقبل إقامة  علاقات ودية وحميمية مع عدو معتد مغتصب للأرض والحقوق، إلا إذا كان المطبع فقد الإحساس بالانتماء إلى قومه وأمته ودينه وثقافته وأعرافه، فهذه الحالة تعد حالة غير سوية في الطب النفسي، ولا أعلم إن كان هذا السيناتور الأمريكي يدرك الفرق بين القيم الأخلاقية والسياسية؟ ومن هذه القيم وأسماها وأنبلها العدالة الاجتماعية، لأن الإيمان بالعدالة الاجتماعية يجعل الفرد يوازن بين الأمور حين يختل النظام النسقي بين الأشياء، وحين يؤمن الشخص بالعدالة يعرف معايير القياس والحكم على الأشياء، وبذلك –فقط- لا يجور ولا يظلم ولا يطغى في الأرض ولا يمشي مرحا، أم إن هذا السيناتور مصابٌ بعشىا الألوان، فلا يرى إلا ما هو متعوِّد على رؤيته فقط وهو اللون الأسود الحالك. وفي هذه الحال ينطبق عليه قول ابن زهر الأندلسي:

عشيـَتْ عيناي من طول ِ البـُكاء*** وبكى بعضي على بعضي معي.

ومعنى ذلك أنه يتوجب على هذا السيناتور البكاء على حاله، كي يسرّي عن نفسه ما أصابها من علو وغرور وتيهان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!