-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شعب بلا دولة

شعب بلا دولة
ح.م

يسعى العراق لبلوغ كيان يستعيد فيه دولته، فهو الآن أسم لشعب بلا دولة، وأرض لا يحكمها، وثروات لا يعود إليه ريعها، صار الموت طقسا تقليديا في حياته اليومية، جيشه بلا سلاح، وميليشيات تحكم مدنه مدججة بأخطر سلاح، أعجمي جاء من خلف الحدود، نصب أزلاما حاكمين، شكلا بلا مضمون، وسلطة بلا قرار.

العراق مازال خارطة نرى رسمها في أطلس جغرافي، لكن حدودها تستقطع يوما بعد يوم، والعالم يرى وطنا يتآكل بنهم، وتنتزع كل خصائصه في وحدة كان يتغنى بها.

شعب بلا دولة، يدرك غيابها، ويشخص مظهرها الفارغ من أي محتوى، فلا أحد يمثله في سلطة حاكمة، هي مجرد واجهة لحاكم أعجمي جاء في غفلة من الزمن، ألغى كل مظاهر الحياة المدنية، وأحال الدين إلى طائفية مقيتة تتلاعب بالعقول، تغذيها ميليشيات لا تجيد غير القتل والسلب والنهب والاختطاف.

العراق غائب حتى في أسماء سلطة أفرادها لا ينتسبون إليه، الأمر لم يعد غريبا حينما تكشف تفاصيل الحقيقة في رئاسات حاكمة ثلاث. تقاسمتها إيران مع حليفها الكردي، دون اعتبار لمكونات مجتمع تاريخي موحد، يدون الدستور”المفبرك” حقوقها، لكن في الواقع هي بلا حقوق.

ماذا يعني العراق بلا دولة؟

رئيس الجمهورية كردي ينتسب إلى الاتحاد الوطني الكردستاني، الحليف الاستراتيجي القديم للنظام الإيراني، وأداة يتحرك بها في عمق العراق.

رئيس مجلس الوزراء إيراني بمضمونه، عراقي في شكله، ينتسب إلى حزب تشكل في دهاليز دائرة الاستخبارات “اطلاعات” .

رئيس مجلس النواب، عراقي لا أحد يشك في ذلك، لكنه ينتسب إلى حزب إسلامي “سني” ينتسب إلى المنظومة الحاكمة التي تديرها إيران، ويستقطب من خلالها مكونا اجتماعيا في خدعة سياسية.

البرلمان العراقي اسما، لا وجود للعراق فيه، فالأغلبية فيه لتكتل القوى الموالية لإيران، والمتحالفة استراتيجيا مع تكتل القوى الكردية الموالية بدورها لإيران أيضا,
تشكيل رئاسي “إيراني – كردي ” لقيادة العراق، أقصي العراقيون تماما من إدارة شؤون بلدهم، وأجبروا على الخضوع لهذا الهجين، الذي لا يقره منطق.

يبدو العراق في هذا البناء الحاكم مثل دولة افتراضية، في العصر الاتصالي الجديد، له “بروفيل” وجدار مصور ومساحة مفتوحة لمنشورات يسمح بالتعليقات عليها.

العراق الآن مجرد اسم في كوميديا ساخرة، يؤدي أدوارها ممثلون “كومبارس” انتفض الشعب العراقي لهد خشبة مسرحها، وإعادة الحياة إلى نمطها الإنساني الطبيعي.

مهما عظم الدور الإيراني في العراق، فهو قائم على قواعد رخوة، لم يعتن الغزو الأمريكي ببنائها الذي لا يقاوم الهزات، فالطائفية التي شتتت وحدة مجتمع، تنهار أمام نزعة حضارية يتمسك الشعب العراقي بمبادئها، وميليشيات الجهل الطائفي، بلا عقيدة تضمن بقاءها، فهي مثل قطيع هائج سيساق إلى حتفه عاجلا في ساحات القصاص، قصاص العراق في ظل دولة ستعيد بنائها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!