-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أجانب يعتنقون الإسلام وآخرون يقبلون على قراءة القرآن

صبر الغزاويين يُبهر العالم

نادية سليماني
  • 1783
  • 0
صبر الغزاويين يُبهر العالم
أرشيف

أثار صبر الغزّاوييّن وقوة إيمانهم، ورضاهم الدّائم على ما أصابهم، رغم المجازر والقصف والنزوح والجوع وفقدان الأهل.. دهشة الكثير من الغربيين، وهو ما جعل غير المسلمين يبحثون عن سرّ هذا الصّبر والتفاؤل العظيم، فتحولت أنظارهم نحو قراءة القران الكريم والتعمّق في الدين الإسلامي لأنه السّر في ذلك. وهو ما جعل طوفان الأقصى، زيادة على إعلائه شعار الحركات التحررية والمُقاومة ونشره الكثير من القيم والعبر والدروس، فقد ساهم في التعريف بالدّين الإسلامي عبر دُول العالم.
المُتتبّع لأطوار الحرب الدائرة في قطاع غزة، يرصد صبرا غريبا للعائلات الغزّاوية وهي تفقد آباءها وفلذات أكبادها، الذين تحوّلت أجسادهم إلى أشلاء مُتناثرة تحت حُطام القصف الهمجي الصهيوني،فكثير من العائلات لم يتبقى منها سوى فرد واحد، وأخرى شُطبت كلية من السجل المدني ومع ذلك لا تسمع منها سوى عبارات “الحمد لله، سننتصر، نحن مع المقاومة، صابرون وصامدون..”. وهذا الصّبر العظيم على الابتلاء أثار استغراب المسلمين وغير المسلمين.
ومنذ انطلاق طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، نشر كثير من الأجانب تسجيلات لهم عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وهم مستغربون من صبر سكان غزة على ما يتعرضون له من قصف شديد ومتواصل ليلا ونهارا، وترديدهم كلمة ” الحمد لله ” كثيرا. والظاهرة جعلت هؤلاء يبحثون عن السّر، ليتمّ إخبارهم بأن السّرّ هو في الدين الإسلامي، ما جعل هؤلاء يسعون للتعرف على هذا الدّين وعلى القرآن الكريم.

كندية دفعها صبر غزة إلى البحث في الإسلام
“نبيلة”، طالبة جامعية بقسم التّرجمة من الجزائر العاصمة، أخبرتنا بأنّ لها صديقة أجنبية من كندا يتواصلان باستمرار عبر الإنترنت، ومنذ انطلاق طوفان الأقصى، بدأت الكندية في طرح كثير من الأسئلة على صديقتها حول القضية الفلسطينية، وأخرها عن سبب صبر العائلات في غزة وحمدهم الله عز وجل كثيرا.
وتقول مُحدّثتنا: “سألتني عن صبر الغزاويين والتفافهم حول المقاومة، رغم ما يتعرضون له من تقتيل، فأخبرتها بأن ديننا الإسلامي يحثّ على الصبر في الابتلاء والجهاد، وهو ما جعلها تسعى للتعرف على ديننا وعلى القرآن الكريم.. رغم أنني أعرفها منذ قرابة 10 سنوات، وقد فشلت جميع محاولاتي السابقة بجعلها تطلع على ديننا، وهاهو طوفان الأقصى يدفعها نحو الإسلام وبإرادتها”.

“حملهم جثث أطفالهم وهم يحمدون الله.. حيّرني”
وغالبية المتأثرين بصبر العائلات الفلسطينية، هم المؤثرون الأجانب المشهورون على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم “يغان رايس” شابة أميركية تنشط على منصة “تيك توك” وتنشر فيديوهات عن الطبخ والأكل الصحي و”الشوبينغ”، يتابعها نحو 534 ألف مشترك.
والأخيرة اعترفت في أخر فيديوهاتها، بأن المجازر البشعة التي يرتكبها الجيش الصّهيوني في قطاع غزة المحاصر، ويقابلها أهل غزة بكثير من الصمود حيّرتها، وقالت “إنهم مصرون على التوجه إلى الله بالشكوى والحمد، حتى وهم يحملون جثث أطفالهم بين أيديهم. ومثل هذه المشاهد تظهر إيمانا قويا ثابتا”.

مسيحيّون ويهود يبادرون لقراءة القرآن الكريم
وأضافت: “يغان رايس” بأن بعض الأشخاص أخبروها بأن الفضل في ذلك يرجع إلى الإسلام والقرآن. وهو ما جعلها تشرع في قراءة القرآن لتعرف سرّ مصدر قوة أهل غزة. واعترفت لاحقا بدهشتها مما يتضمنه القرآن الكريم من تعاليم وأحكام مشروحة بأسلوب مباشر، والذي وجدته يعطي للمرأة والرجل حقوقا متساوية، ويدعو إلى حق المظلوم في الدفاع عن نفسه، عكس الدين المسيحي الذي يحث على تجنب مواجهة المعتدي، حسب قولها.
ومن شدّة إعجابها بتعاليم القرآن الكريم، أطلقت “يغان رايس” مبادرة عبر “تيك توك” لقراءة القرآن وتبادل الانطباعات والتجارب بشأنه، والتي لقيت تفاعلا كبيرا بين غير المسلمين ومنهم يهود.
ومن بين متابعيها يهودية، أكدت بعد قراءتها للقرآن الكريم بأنه ” ليس ضد حقوق المرأة” كما يدّعيه الغرب.
أما “أليكس”، وهي شابة مسيحية نشطة على “تيك توك” بدأت بعد العدوان على غزة في قراءة القرآن ومشاركة مقاطع منه، بعدما كانت تنشر فيديوهات عن حياتها اليومية، لتفاجئ متتبعيها لاحقا بأنها ستتعمق أكثر لفهم تعاليم الدين الإسلامي.

طوفان الأقصى قدم دروسا للعالم
ومن جهته، أكد مسؤول العلاقات في اللجنة الوطنية لإغاثة غزة، كريم رزقي، بأن ملحمة طوفان الأقصى قدمت دروسا عديدة للبشرية، فهي اختبرت إيمان المسلمين المطالبين بإغاثة ونصرة أخيهم المسلم، واختبرت إنسانية المواطن الغربي غير المسلم المتشدق بحقوق الإنسان والديمقراطية، وامتحنت المواطن العربي المطالب بالاستنفار لأخيه في العروبة.
وقال في تصريح لـ ” الشروق”، البعض نجح في امتحان طوفان الأقصى من المسلمين وأحرار العالم، وآخرون انفضحوا بعدما ظلوا في سباتهم نائمين. ومضيفا ” أن ما يعيشه قطاع غزة من مجازر إبادة، هو امتحان لإيماننا وعقيدتنا، فمظاهر صبر الغزاويين وهم يحملون أقاربهم وأولادهم وآباءهم أشلاء ممزقة بصبر وحمد كبيرين، يجب أن تعلمنا الصبر والمقاومة والعزيمة والثقة في الله عز وجل”.
وأكد على أن ملايين الأوروبيين اكتشفوا القرآن الكريم من صبر أهل غزة، كما انتصرت ملحمة طوفان الأقصى على ظاهرة ” الإسلاموفبيا” التي عششت في المجتمع الغربي لعقود، وجعلت المسلمين يعانون تضييقا وعنصرية عبر كثير من الدول الغربية، ” وهو نصر عظيم يُحسب للمقاومة الفلسطينية”.
وبدوره، قال رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عبد رزاق قسوم لـ” الشروق”، بأن طوفان الأقصى حقق كثير من الغايات الشرعية وقدم للإنسانية قاطبة دُروسا وعبر، رغم عدم انتهاء المعركة بعدُ. ومنها الإيمان بحق الشعوب في الدفاع عن وطنها، الاستعداد النفسي لبذل النفس والنفيس عندما تتكون لدينا قناعة ثابتة بأننا على حقّ، وبأننا نملك القوة والعزيمة لذلك، وبأن الظالم سيسقط مهما طال الزمن.
وأضاف محدثنا أن أبناء غزة البشرية، علمونا بأن الحياة الدنيا فانية وما ينتظرنا بعد الموت أفضل بكثير، وقال “شاهدنا رجلا يوزع الحلوى في قطاع غزة بعد استشهاد كامل عائلته، وأخر يسأل الله عز وجل عن ما سيقدمه له أكثر ليرضى عنه، بعد استشهاد ولده”، وكل هذه الصفات جعلت من سكان غزة ” أشخاصا غير عادييّن في نظر المواطن الغربي”.
ومن جهة أخرى، يضيف قسوم جدّدت هذه المقاومة الباسلة إيمان الشعوب المسلمة، التي كانت غارقة في ملذات الحياة “بحيث ساهمت مشاهد الموت اليومية، وفقدان نعمة الحرّية والأكل والشرب والصحة، في جعل المسلمين يحمدون المولى عز وجل على ما هم فيه من نعم، مع استعدادهم لفكرة الموت في أيّ لحظة”.

ابراهيمي: غزة انتصرت أخلاقيا ودينيا وكسبت تضامن العالم
ومن جهته، قال نائب رئيس الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين، ورئيس جمعية البركة، أحمد ابراهيمي، ان الدروس المستفادة من ملحمة طوفان الأقصى كثيرة جدا، أولها استفاقة المسلمين، من خلال قدرتهم على تحقيق ملحمة نجاح في أي مجال واي معركة لتحرير الأرض، وتعاطف العالم الغربي مع القضية الفلسطينية من خلال مظاهرات هزت العواصم الأمريكية والأوروبية.
وقال “ما وقع يوم السابع اكتوبر، ضرب مفاصل المشروع الصهيوني، والذي يعتبر كيانا للهيمنة على أرض الغير، ووعدنا الله عز وجل بالقضاء عليه ووضع حد لهيمنته قريبا”.
وأضاف براهيمي “المسلمون عاد لهم الأمل، بالنهوض مرة أخرى من خلال ما أدته المقاومة، من نصر على الأرض ضد قوة عسكرية صهيونية مدججة بالأسلحة الحديثة، ونحن مؤمنون آن الله جعل نهاية هذه المعركة نصرا عظيما”.
ويرى محدثنا، أن المسلمين اكتشفوا من خلال هذه الملحمة، تواطؤ أنظمتهم وأنهم أمام واقع عظيم، خاصة أن المقاومة الفلسطينية ربطت معركتها بمسجد الأقصى المقدس عند المسلمين كافة، وهو ما جعلهم يتحدون جميعا، لأن المعركة معركتهم.
وحسب ابراهيمي الأيام القادمة “حبلى بالمسرات، فالعرب والمسلمون بدأوا ينخرطون في المعركة”، والشيء الملفت، يقول ابراهيمي، إن هذا الآلام والجراح وكيفية تعامل أهل غزة مع هذه المصيبة، جعلت الناس تتساءل عن سر هذا الصبر الجلل، فوجدوه في الدين الإسلامي العظيم، حتى الأطفال عندنا يخرجونهم من تحت الركام، تراهم صامدين وحامدين.
وأضاف محدثنا “أهم درس استفدناه، هو انكشاف الرواية الصهيونية، التي كانت تستثير مشاعر الشعوب الغربية بمحرقة الهولوكوست وغرف الغاز التي تعرض لها اليهود على يد النازية، فكسبت الصهيونية تعاطف الغرب، والآن سقطتهذه الرواية الصهيونية، بل ظهرت أكثر اجراما من النازية، من خلال ضرب المستشفيات وإعدام الجرحى وضرب الكنائس والمساجد والمدارس.. الصهيونية انتهت كقيمة وحضارة، وتعرت أمام العالم، واكتشفنا انها تعتبر بقية الشعوب حيوانات لا أكثر”. وختم بالقول “نحن امام تحول كبير انتصرت فيه المقاومة أخلاقيا وسياسيا وعسكريا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!