-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صراع الإرادات

حسان زهار
  • 498
  • 8
صراع الإرادات
ح.م

من الواضح أن الجيش، قد حسم أمره نهائيا، وبشكل لا رجعة فيه.

خلال الأسابيع المقبلة، سيبدأ التحضير للانتخابات الرئاسية، وتنصيب اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات والإشراف عليها، ثم انتخاب رئيس جديد مع بداية العام المقبل 2020.

خارطة طريق واضحة ومعلومة ولم تتغير، المؤسسة العسكرية ذاهبة في هذا الاتجاه، ولا يوجد أي مؤشر على تغير المسار منذ اليوم الأول، على الرغم من تعثر انتخابات 4 جويلية.

الجديد أن في خطاب قائد الأركان نائب وزير الدفاع الأخير من وهران، عبارات أكثر إصرارا و بلهجة أقوى، عبارات تحمل تصميما لا يخالجه شك أو تردد.. يتضح ذلك في هكذا عبارات (التصدي بكل قوة وصرامة)، (لن نسمح) (سنعمل دون هوادة على إفشال المخططات الخبيثة)، (المؤسسة العسكرية ستتصدى بكل قوة) .. إلخ

وهذا يعني أن الأطراف المراهنة على تغير موقف الجيش، من المرحلة الانتقالية، أو عبر الضغط لإحداث أي تراجع أو خرق، من أجل فرض مبدأ التعيين بدل الانتخاب، أو فرض التفاوض بدل الحوار، قد فشلت بالكامل، وأن أساليب الضغط الحالية، الممارسة تحديدا عبر مسيرات الحراك بطبعته الحالية، لم تِؤت أكلها.

في المقابل، نرى موقف القوى الرافضة للمسار الذي ارتضاه الجيش، أو تلك المنادية بالمرحلة الانتقالية أو المجلس التأسيسي، متخندقة أيضا في مواقفها، متصلبة في شعاراتها الراديكالية، ولا تكاد تبرح تلك المواقف إلا عبر مناورات من هنا أو هناك.

هذه القوى هي أيضا، لديها قاموسها الخاص في التصميم وعدم التراجع، عبر التلويح بالتصعيد، العصيان المدني، دعوات للانقلاب داخل الجيش (نموذج خالد نزار)، وربما التلويح بالعصيان (العسكري) والفوضى الشاملة.. إلخ

وهذا يعني أننا أمام “صراع إرادات” حقيقي، من جهة مؤسسة الجيش، وكل من يلتف حولها من المؤمنين بالحل الدستوري، بوصفه الحل الأقل كلفة، والأكثر أمانا في سبيل الحفاظ على وحدة واستقرار البلاد، ومنعا للتدخلات الخارجية، التي بدأت تطل برأسها مؤخرا أكثر فأكثر..

ومن الجهة الأخرى قوى محلية ودولية متربصة، تريد الحل السياسي والمرحلة الانتقالية، وهذه القوى بعضها وطني صادق، يعتقد أن الديمقراطية الحقة تقتضي هكذا مسارات، للقطع مع منظومة الحكم السابق، وبعضها الآخر خبيث يترصد أي خطأ، لتوريط البلد واستدعاء التدخل الخارجي.

المعركة سيحسمها الشعب ولا شك، بطريقته الخاصة، إما عبر الإقبال يوم الانتخاب على الصناديق بكثافة، أو بالمقاطعة وتعطيل الانتخابات مرة أخرى بطريقة أو بأخرى.

وهنا من المهم التنويه، أن صراع الإرادات هذا يشبه لعبة عظ الأصابع، من يصرخ أولا يخسر.

إذا انتصرت إرادة الحل الدستوري، التي يدعمها الجيش بقوة، فإن الجزائر قد تمضي إلى الأمام، ليس فقط لأن الرئيس المقبل، سيكون منتخبا في كل الأحوال، وليس فقط لأن الديمقراطية ستكتسب رصيدا جيدا، حتى وإن كنا نعلم أننا لن نتحول بين ليلة وضحايا الى السويد، وإنما لأن البلاد ستتجاوز مرحلة الخطر، ومرحلة الاستهدافات والتربصات الداخلية والخارجية، وستحافظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها.

أما إذا انتصر الطرف الآخر في فرض أجندته، في منع الانتخابات، فسنكون أمام احتمالات مفتوحة وجد خطيرة، بينها الدخول في مرحلة صراعات مجتمعية ضخمة جراء فرض المرحلة الانتقالية، قد تفجر بسبب تناقض المصالح والهويات، وحدة الشعب والتراب، أو سنكون أمام إعلان حالة الأحكام العرفية والطوارئ.

أي الخيارات أسلم؟.. على الشعب أن يحسم “صراع الإرادات هذا بنفسه”، عبر استدعاء عبقريته الجماعية، في التخندق مع وطنه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • محمد ??

    ما المانع إذا عين الشعب ممثليه، عبر تمثيل في كل حومة أو حي، يصفى منهم عبر الإنتخاب أو القرعة أو بمسابقات لاختيار ممثلي البلدية ومنهم ومن ممثلي البلديات الآخرين، يصفون بالإنتخاب أو القرعة او بمسابقة لاختيار ممثل أو ممثلين للولاية، وهكذا نحصل على ممثلين ونكون بدأنا من عمق البلاد وممن يثق فيهم الشعب ممن يعرفهم.
    أن نبادر نحن بحل أحسن من أن يفرض علينا.
    أولئك الممثلين مع مختصين في المجالات القانونية يقومون بتنصيب لجنة لتنظيم الانتخابات تكون مستقلة وبصلاحيات موسعة جدا.
    بالتالي نحصل على مطلب الحراك، الذي هو محاربة الفساد وعدم تزوير الانتخابات، وهكذا يكون الحل. على أن يكمل الرئيس القادم المهمة.

  • نحن هنا

    دعك من بث البلبلة والتخويف فإن المؤسسة العسكرية ستنتصر لإرادة الشعب وتتخندق الى جانبه في مواجهة العابةفلا صوت يعلوا صوته

  • العبقري

    لاعبقرية للمنبطح

  • صالح بوقدير

    المفروض أن صراع الارادات الفصل فيه للشعب وليس لغيره فلمذا التلكؤ إذا حسم الشعب أمره وكأنك تشير الى استعمال القوة في حال خيبة الطرح الاول
    أليس الشعب هو مصدر السلطات كلها؟

  • ياسين

    يجب أن يعلم الشعب أن الذين يدعون إلى تعطيل الانتخابات و العصيان المدني هم أنفسهم الذين صادروا حق الشعب في اختيار من يمثله سنة 1992 و ألغوا المسار الانتخابي و الانقلاب على الرئيس الشاذلي بن جديد رحمه الله و أدخلوا البلاد في دوامة الدم و الدموع و الخراب الممنهج بقيادة زعيم العصابة المطلوب من العدالة و اللاجئ لدى أمه الحنون التي ربته و ترعاه اليوم؟ بمساندة الأحزاب التي تدعي الديمقراطية كذبا من أمثال الأرسيدي و غيرهم من الديمخراط؟ فهل يعي الشعب ذلك و يحبط مخططهم الخبيث الذي يهدف إلى إدخال البلد في الفوضى الخلاقة إرضاء لأمهم فرنسا؟؟؟

  • عبد الله المهاجر

    بسم الله
    - مبدأ الشورى في الاسلام هو أمر - الله تعالى - يقومون به أصحاب الحل والعقد.

  • HOCINE HECHAICHI

    الخيار الأنجع والأسرع هو "تصحيح ثوري" لإعادة إحياء المشروع الوطني وهو المطلب الأول للحراك (في بدايته)

  • HOCINE HECHAICHI

    الحل المستديم لتخلف الجزائر المزمن
    يتمثل في قيام الجمهورية الجزائرية الثانية، والتي لكي تنجح، يجب أن تبنى، في البداية، على "اقتصاد الحرب"(Economie de guerre) الذي أساسه التقشف (Austérité) والاستكفاء (Autarcie) إلى أقصى حد ممكن و"الشعب العامل والمجد".