-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صفات محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل

صفات محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأخبر الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل بهذه الحقيقة، وأخذ عليهم الميثاق والعهد أن يؤمنوا به.

– قال تعالى:﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾(آل عمران:81-82).

وقد بيّن سبحانه وتعالى واحدة الشرائع السماوية، وأنها يكمِّل بعضها بعضاً، وأنها كالقصر المشيد، كل لبنةٍ منه جزء من كيانه، وهو جماع لبناته وأركانه وأشكاله، وأكّد سبحانه تلك الوحدة ببيان ميثاق الله على الأنبياء، وأن الله سبحانه أخذ عليهم ليصدِّق بعضهم بعضاً … وكل نبيٍّ متمِّم ما بدأ به النبي الذي سبقه، أو بالأحرى يؤكد ما جاء به ويوثِّقه ويقويه حتى ختم الله أنبياءه بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فكان خاتم النبيين، ولذلك كان حقاً على كل نبيٍّ أن يصدِّق ويؤمن بما يجيء به النبي الذي بعده، والذي أعلمه الله به، وإذا كان حقاً على النبي المبعوث أن يؤمن بمن سبقه ومن يجيئون بعده ممن أخبره الله تعالى: بمجيئهم، فإنه بلا ريب حق على الذين يتَّبعونه أن يصدِّقوا ذلك النبي الذي يجيء بعده، لأنهم يتبعونه في كل ما يؤمن به، فحقَّ على اليهود والنصارى بمقتضى العهد الذي أخذه الله على النبيين، وبمقتضى إيمان هؤلاء النبيين، وتنفيذاً لهذا العهد، أن يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وإلا لما كانوا متَّبِعين لموسى وعيسى عليهما السلام، إنما يكونون متبعين لأهوائهم وشهواتهم، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر: )لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حلَّ له إلا أن يتَّبعني).

وقد بشّر الأنبياء السابقون بمحمد صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء الأنبياء المبشِّرين بالنبي القادم، النبي إبراهيم عليه السلام حيث دعا ﴿رَبَّنَاوَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾(البقرة:129).

وكانت البشارة بشكل أخصّ على لسان موسى وعيسى -عليهما السلام -، كما ذكر الله بعض صفات النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم في التوراة وفي الإنجيل وهذا معناه أن اليهود والنصارى كانوا يعرفون من هذه البشارات أن الله سيبعث النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، ولكن لما بعث الله محمداً رسولاً صلى الله عليه وسلم كفروا به وكذبوه.قال تعالى:﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾(البقرة:146).

فلو لم تكن أوصافه باقية لما أمكنهم أن يعرفوه كما يعرفون أبنائهم، فهو إذاً مكتوب عندهم قطعاً رغم تحريف اليهود والنصارى النصوص الدالّة عليه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) .(الإسراء:107-109).

وقوله تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا) أي يا أهل الكتاب، إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ أي علماء أهل الكتاب،إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّدًا أي أن الله عز وجل قد وعدنا بإرساله رسولاً وكتاباً، وفعل كما وعد، فهل يا ترى أن هؤلاء عادوا إلى أديرتهم وكنائسهم يرسمون شارة الصليب على صدورهم.

بشر موسى عليه السلام قومه بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبشر عيسى عليه السلام كذلك بني إسرائيل، ولهذا جاءت صفات رسولنا صلى الله عليه وسلم مكتوبة في التوراة والإنجيل.

وقد ورد هذا صريحاً في قوله تعالى: ﴿ الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (الأعراف:157-158).

وإنه لنبأ عظيم، يشهد بأن بني إسرائيل قد جاءهم الخبر اليقين بالنبي الأمي، على يدي نبيهم موسى ونبيهم عيسى عليهما السلام، منذ أمدٍ بعيد، جاءهم الخبر اليقين ببعثه وبصفاته وبمنهج رسالته وبخصائص ملَّته.
– فهو النبيّ الأميّ.

– وهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

– وهو يُحلُّ لهم الطيبات ويحرِّم عليهم الخبائث.

– وهو يضع عمن يؤمنون من بني إسرائيل الأثقال والأغلال التي علم الله أنها ستفرض عليهم بسبب معصيتهم، فيرفعها عنهم النبي الأميّ حين يؤمنون به، وأتباع هذا النبي يتقون ربهم، ويخرجون زكاة أموالهم، ويؤمنون بآيات الله، وجاءهم الخبر اليقين بأن الذين يؤمنون بهذا النبي الأميّ، ويعظمونه ويوقِّرونه وينصرونه ويؤيدونه ويتبعون النور الهادي الذي معه أولئك هم المفلحون.

وقد أمر عدد من اليهود الذي منَّ الله تعالى: عليهم بالإسلام من أمثال (عبد الله بن سلام) بهذه الحقيقة التي كانوا يتواصلون بكتمانها، وثابت من الروايات التاريخية أن جموع اليهود في الجزيرة العربية كانوا ينتظرون مبعث نبيٍّ قد أظلَّهم زمانه، وكذلك كان عدد من الموحِّدين من كل من الأحناف، وأحبار اليهود وأساقفة النصارى، ولكن اليهود كانوا يتوقعون أن يُبعث الرسول الخاتم من بينهم، فلمَّا كان من ذرية إسماعيل – عليه وعلى نبينا من الله السلام- فإنهم عارضوا نبوَّته، وقاموا دعوته ونقضوا جميع عهودهم ومواثيقهم معه، وألَّبوا عليه القبائل الوثنية، وحاولوا سمَّه وقتله، ولكن الله تعالى: حفظه من كيدهم ونصره عليهم.

وعلى الرغم من ذلك كلّه فقد بقي من الإشارات إلى سيدنا محمد في الكتب المتداولة اليوم بأيدي كل من اليهود والنصارى على الرغم مما تعرضت له من الحذف والإضافة.

وقد روى البخاري عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ قال: (أجل، والله إنه لموصوفٌ في التوراة بصفته في القرآن: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا)، وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخَّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضَه الله حتى يقيم به الملَّة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، قال: ثم سألت كعب الأحبار عن ما قال ابن عمرو فما زاد عليه حرفاً.
ويدلُّ هذا الحديث على أن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الموجودة في القرآن هي نفس صفاته الموجودة في التوراة والإنجيل.

مراجع البحث:

– علي محمّد محمّد الصّلابيّ، المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام (الحقيقة الكاملة)، 2019م، (275:271)
– صلاح الدين الخالدي، حديث القرآن عن التوراة والإنجيل، دار النفائس، عمَّان، الأردن، ط1، 1438ه، 2017م. 4/337.
– محمدسليمالقاضلي، النصرانية في ميزان العقل والإسلام، دارالكتابالثقافي، الأردن، إربد، ط1، 1424ه، 2003م، ص 210.
– زغلولالنجار، من آيات الإعجاز الأنبائي والتاريخي في القرآن الكريم، دارالمعرفة، لبنان، 1434ه، 2013م، 2/301.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • جلال

    لا نعرف حتى كيف نصلي , على النبي أم الرسول ؟ لأن هناك فرق , نخالف بذلك الآية. قولنا : "صلى الله عليه " تحصيل حاصل, هى جملة إخبارية من عندنا وليست صلاة كمن يقول لك "جاء زيد", والصحيح والله أعلم القول: "اللهم صلي عليه" في شكل دعاء, ثم إن إضافة و"سلم" لا يجب أن تنسب الى الله, يفسرها البعض بالتسليم( وقالوا سمعنا وأطعنا) أي نصلي نحن عليه ونُسَلِّم بما جاء في الرسالة.إن الرسول محمد اللهم صلي عليه قد أُفتريَ عليه ممن يدعون اتباعه أنفسهم ونسب إليه من الخوارق والمعجزات والصفات ما لم يأذن به الله ولا الرسول نفسه وأوقعوا المسلمين في الشرك من حيث لا يدرون فهو في القرآن "رسول قد خلت من قبله الرسل...قل ما كنت بدعا من الرسل...لا أدري ما يفعل بي ولا بكم ..وهو يتبع ملة ابراهيم وليس له ملة خاصة به" وهو في الحديث"ابن إمرأة كانت تأكل القديد" وغير ذلك كثير لذلك نقول ونكرر إن في التراث الإسلامي كوارث وفظائع واسرائليات ومدسوسات يجب أن ينتبه لها العلماء والمفكرون والباحثون وتنقيته من كل تلك الزوائد الدودية

  • الهادي

    اللهم شفّعه فينا يوم القيامة، فقد ابتعدنا كثيراً عن الصراط المستقيم و نحن نعترف أن زادنا لا يبلّغنا الجنة ؟

  • الجامع لفهم المجامع

    لو اكتفي الكل في فهم وًتطبيق الوصف والأعمال وأوامر الله عزوجل للحبيب المصطفي الموجودة في القران لما كان حال هذه الأمة علي النحو التالي. فلا تكثروا الغوغاء والشمس واضحة للعيان فقد مللنا من هذه المحاولات البائسة للبحث عن ما يروه الآخرون فينا وفي قدوتناعن طريق كتبهم بل يجب ان نكون كما وصفنا في كتابنا وكفي

  • Omar

    LE TEMPS N'EXISTE QUE PAR NOTRE CONSCIENCE, IL N'Y A NI PASSE NI FUTUR, IL N'Y A QUE DU PRESENT, LE PASSE N'EXISTE QUE DANS NOTRE MEMOIRE. LA CONSCIENCE DE L'ÊETRE HUMAIN EST UNE MACHINE QUI TRANSFORME LE PRESENT EN PASSE ET LE FUTUR EN PRESENT VIA LE CYCLE SOMMEIL-EVEIL... TOUT EST INFORMATION...