الرأي

ضرب “المهاريس” في رقاب “العتاريس”

حسان زهار
  • 8083
  • 18

من عادة الرعاة القدامى تعليق الأجراس في رقاب البقر والماعز، لكن يبدو أن الرعاة الجدد قرروا تعليق “المهاريس” في رقاب “العتاريس”.

فأن يتزامن طرح فكرة المقاومة بالمهراس، في نفس الوقت مع غلق الكنائس غير القانونية في منطقة القبائل، والتي كانت تضرب بدورها الأجراس لتفريق وحدة الشعب في أرض الإسلام الأبدية، فهذا مؤشر على فقدان الكثيرين للبوصلة.

لقد طرحت فكرة ضرب المهاريس في الليل، مباشرة بعد فشل نفس الفكرة التي نفذتها معارضة الخارج في مصر، عبر قناة الشرق المعروفة تحت شعار “اطمئن أنت مش لوحدك”، اين أبدعت الحملة الفاشلة في إنتاج صور كوميدية للضرب على الأواني داخل البيوت، قبل أن يكتشف اصحابها متأخرين أن إسقاط نظام السيسي لا يمكن أن يتم بالضرب على “المواعين”.

نفس المخابر إياها نشرت الفكرة عندنا، وشرعت في تطبيقها، مع فارق بسيط هو ان الضرب يكون على المهاريس، ولو باستخدام العتاريس، ممن يدعون اليوم تمثيل الحراك، وفي نفس الوقت، وهنا الغرابة، يدافعون عن بناء الكنائس غير القانونية، التي يتم فتحها في منطقة بعينها من الوطن، داخل الدهاليز والأقبية، وفي بنايات لا علاقة لها لا بالعادة ولا بالعبادة.

هؤلاء هم العتاريس حقا.. ونحن نعرفهم بالاسم وبالتاريخ غير المشرف.

فلقد رفعوا عقيرتهم أخيرا، وبدأوا يستصرخون منظمات حقوق الإنسان، والبكاء على حرية التدين والمعتقد، بل والقول صراحة أن غلق الكنائس غير المرخصة هو استفزاز لمنطقة القبائل والجزائر كلها..

هؤلاء الذين لا يعترفون بالدستور، ولا بالحل الدستوري للأزمة، عادوا ورفعوا الدستور مجددا كما قميص عثمان، واعتبروا ان المادة 42 من الدستور تكفل أن “لا مساس بحرمة حرية المعتقد”، لكن وعلى طريقة “ويل للمصلين”، لا يكملون نص المادة التي تقول بصريح العبارة إن “حرية ممارسة العبادة مضمونة في ظل احترام القانون”.. وهذه الكنائس غير مرخصة ولا هي قانونية، بل أن إنشاءها هو في حد ذاته تحد لسلطة الدولة.
فهل سيستعيضون بالضرب على المهاريس لتعويض الضرب على النواقيس؟

تمنينا لو أن هذه الشعارات البراقة حول حرية التدين والمعتقد، مارسوها من قبل مع الديانة الاسلامية التي هي من المفروض الديانة التي يدينون بها (ولو في الظاهر)، لكنهم أبدا لم يتحركوا عندما كانت المصليات غير المرخصة تغلق، بل عندما كانت المساجد القانونية تحاصر في زمن العصابة، ويمنع الناس من الصلاة بسبب أشكالهم ونوعية لباسهم..

هؤلاء المتباكين على كنائس “المارشي نوار”، كانوا جميعا يراقبون عملية هدم مشروع مسجد أغريب بولاية تيزي وزو في اوت 2010 وهم في قمة السعادة.. وقتها وقف الأرسيدي بقيادة سعيد سعدي وخلفه كل عتاريس اليوم، ليخربوا بيتا من بيوت الله يذكر فيه اسمه (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا).

إنهم هم أنفسهم، وليس غيرهم، الذين يعلقون اليوم أجراس العتاريس، دفاعا عن الحق في ضرب النواقيس، من ظلوا يطالبون بمنع صوت الآذان من مكبرات الصوت في المساجد.. لقد كانوا يقولون دائما أن لديهم مشاعر حساسة وآذان رهيفة، تنزعج من صوت المؤذن وهو يدعو “حي على الفلاح”.

أفلذلك اختاروا المقاومة بالمهاريس؟ ألم يكونوا هم الداعين من قبل للخروج بالسبت (تيمنا باليهود).. وفشلوا.. ثم دعوا الى الخروج بالأحد (تيمنا بالمسيحيين) وفشلوا.. بعد أن خرج عليهم شعب الجمعة من ابناء الشعب المسلم، قبل أن يتحولوا إلى شحاتين على ابواب المساجد، ينتظرون المدد الحراكي من بيوت الله.

من خانه نداء الله أكبر.. كشحنة ربانية للمقاومة والجهاد، لن ينفعه قرع المهاريس ولا ضرب النواقيس، (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

مقالات ذات صلة