طعام حلال في عاصمة الكاثوليك.. البيتزا بالكيلوغرام والماء المعدني مجانا

تستقبل روما المدينة الخالدة ما بين 9.5 و12 مليون سائح أجنبي سنويا من مجموع 52 مليون مسافر يحجون إلى بلد لاباستا- العجائن- والقهوة والبيتزا طوال أشهر السنة، لتتموقع بذلك كثالث عاصمة أوروبية والخامسة عالميا في السياحة الدولية بعد إسبانيا وفرنسا اللتين تستقطبان أكثر من 80 مليون سائح.
تضم روما المدينة الخالدة سلسلة نهر التبر، قرابة ستة ملايين نسمة غير أنها تبدو غير مكتظة وذات هدوء واضح وحياة وديعة استحقت وبحق لقب “الدولشي فيتا” اشتقاقا من الفيلم الذي أنتجه عبقريها السينمائي فيدريكو فيليني ودوخ به العالم في الستينيات والسبعينيات، جاذبا إليها أنظار ملايين السياح لاكتشاف كنوزها الخالدة مثل الكوليزيوم ونافورة العشاق تريفي وساحة فينزيا وغيرها من الآثار والمعالم التي جعلتها متحفا تاريخيا يعاني تخمة آثار وحدائق طبيعية وتماثيل ومسلات مزينة بالهيروغليفيا المصرية، لا قبل لأي عاصمة أوروبية أو عالمية بها، فحيثما وليت وجهك هناك معلم شامخ، أو ساحة بهيجة، أو كنيسة سامقة، أو تحفة فنية عامرة بالنحوت والرموز التي تكرس العبقرية الجمالية للفرد الإيطالي المعروف بفنه منذ عهد النهضة الفلورنسية وميكايل أنجيلو وليوناردو دافنشي الذي يحمل مطار روما الأول بضاحية فيوميتشينو اسمه كواحد من أكبر مطارات العالم حتى تكاد تتخيل أنك تتجول في مدينة كبيرة تأخذ شكل المعبر الكبير، إذ يستقبل سنويا أكثر من 30 مليون مسافر في العام دون حساب رديفه المطار الثاني في منطقة كامبينو.
رغم حركية المطار الكبيرة التي تصادف نزولنا به مع عطلة المدارس الأوروبية حيث تتحوّل روما المدينة المشمسة والحارة نسبيا إلى مقصد الآلاف من المدرسيين الأوروبيين الذين يأتون للسياحة، فإن حركية الطوابير سلسة جدا بالنظر للعدد الكبير من الشبابيك وموظفي التوجيه الذين يسهلون عملية المرور، ورغم العدد الهائل للقاصدين فإن تلك الكتلة البشرية الهائلة تذوب خارج المطار مثل البخار، فهناك خط قطار مباشر ينقل للمحطة المركزية الكبرى روما ترميني مقابل 15 يورو، وعلى يمين مخرج المطار شركات نقل بحافلات فاخرة تنقل الركاب لوسط روما الواقع على بعد 30 كلم مقابل 7 يورو وهي الأكثر استعمالا لسعرها الموافق… وحذار من سيارات الأجرة فإنها باهظة التكاليف وبتسعيرة موحدة ثمنها 46 يورو أي ما يعادل مليون سنتيم جزائري للنقلة الواحدة.

روما ترميني …فنادق متوسطة الأثمان ووجبات حلال بـ 6 يورو

يفضل السياح التوجه نحو محطة روما ترميني لسبب وجيه فهي غرفة عمليات النقل الأولى بروما، فمنها تنطلق وتصب جميع القطارات والحافلات والترامواي نحو مختلف الأحياء والمناطق الإيطالية والمدن الأوروبية الأخرى، لكن ذلك ليس السبب الوحيد ففي جوار المحطة على طول شارع جيوليتي ولامارسالا تقع عشرات الفنادق الشعبية وفنادق المدن التي تأوي آلاف السياح مقابل أسعار متوسطة لليلة الواحدة لا تقل عن 50 يورو وهو متوسط الثمن للفرد الواحد وقد يتزحزح نحو 35 يورو للفرد في الغرفة المزدوجة، وثلة كبيرة من السياح يفضلون بيوت الشباب المنتشرة في التخوم وداخل الأحياء بمبلغ 15 يورو أو 20 للسرير الواحد وتعرف هذه البيوت باسم الهوستل ولها موقع في الأنترنت لمعاينة المهاجع وحجز الأسرة بتخفيضات مغرية للشبان خاصة.
يزدحم جوار المحطة بالمئات من المهاجرين الأفارقة والآسيويين الذين ينام بعضهم على عتبات المحطة فوق أفرشة خفيفة غير بعيد عن دوريات الشرطة التي تراقب الأمن في الهيكل الضخم الذي بناه موسوليني على الطراز الإمبريالي العملاق، إذ توحي هندسته ومقاييسه العملاقة أنه حشرة عابرة بالمكان، تلك سمة المعمار على غرار المحكمة العليا التي تلقي الهيبة والرعب في قلوب الداخلين إليها.
وسعر الوجبات بالمطاعم المنشرة بالمحيط زهيد للغاية بل وطعام حلال، لذا لا تعدم وأن أنت تبحث عن مكان للأكل أن تسمع اللهجة الجزائرية والتونسية والمغربية بين الشوارع وترى إيطاليين يقبلون بدورهم على تلك المطاعم بحثا عن النكهة الشرقية والسعر الرخيص، ويحتكر الهنود المسلمون والباكستانيون والبنغاليون صناعة الطعام بوجبات مشكلة من دجاج ولحوم حمراء بالصلصة المرقية لا يتعدى سعر الدجاجة الكاملة 5 يورو، أو البيرياني الذي يتشكل من الأرز المفور بالتوابل والسلطة والخضار والذرة والطماطم والبصل والخيار والجزر والمايونيز الحارة والعادية وثلاثة قطع دجاج وقنينة مشروب البيبسي وكل ذلك بسعر مسقف هو 6 يورو لا غير.

آلات أوتوماتيكية توزع الماء المعدني و”الفيشي” مجانا

“كل الطرق تؤدي إلى روما”، مثل قديم قدم طريق أبيا أنتيكا الذي يقع في روما منذ 2400 سنة على طول 500 كلم للتوحيد بين العالم الروماني والإغريقي، وأيضا فإن كل الطرق تؤدي لأهم معالم روما الشهيرة كالفوروم الروماني والكوليزيوم ونافورة تريفي وساحتي نافونا وإسبانيا والبونتيون وغيرها من المناطق الأثرية والسياحية، لذا يختار السياح الإقامة في تخوم محطة روما ترميني إذ أن الوصول لكل هذه المناطق لا يتطلب سوى السير على الأقدام عبر شارع نازيونالي لمدة تتراوح بين 10 دقائق لزيارة الكوليزيوم والفوروم والسيركيس ماكسيموس و15 دقيقة لزيارة نافورة تريفي، وبين 20 و30 دقيقة لبلوغ ساحات نافونا وإسبانيا والبونتيون وأكثرها بقليل في حال تمديد الزيارة لبيازا ببوبولو – ساحة الشعب – أو فيلا بورغيسي وهي واحدة من أكبر المنتجعات الأوروبية الطبيعية التي يقصدها الزوار للراحة وللتمتع بمشاهد بانورامية عن مدينة روما الماتعة، ولا يحتاج التنقل في روما لجهد كبير فهناك التذكرة الموحدة الصالحة لساعة ونصف من الزمن مقابل سعر 1.50 يورو تقتنى من أي محل أو تستصدر عبر موزعات آلية تعيد لك النقد وتطبع لك التذكرة ويمكنك أن تركب بها الميترو والترامواي والحافلات، ولا يفوق سعر تذكرة اليوم سعر 7 يورو ويمكنك ذلك من الخلود في مختلف وسائل النقل طيلة ساعات اليوم حيث لا يتوقف الميترو على خط ممتد على طول 68 كيلومترا والترامواي والحافلات، ومن حسن الحظ أن ميزة روما الأساسية أنها مدينة قابلة للتجول على الأقدام لزيارة جميع الأماكن دون كبير عناء، فالسيارات التي لا تملك رخصة لا يمكنها الدخول نحو وسط روما قبل العاشرة ليلا سوى بترخيص يمنح للقاطنين بتلك المناطق أو للهيئات الإدارية والقنصلية، ويتيح ذلك الترجل بأريحية قل نظيرها في المدن العالمية الكبرى.. يتبع