الرأي

عبارات اليأس وإشارات الأمل…

محمد سليم قلالة
  • 1325
  • 8
ح.م

أكبر يأس هو أن نيأس من الأمل. وهو ما يُصِر البعض مِنَّا عليه… ألم نقل لكم أن لا شيئ سيتغير يُكرِّرُون؟ كل ما حدث لحد الآن هو تحريك وليس تحرير. لا طاقات تحررت ولا قدرات جديدة برزت، ولا أهداف نوعية تم تسطيرها… كل ما في الأمر أنه تم تحريك لأشخاصٍ من مواقعهم، ولغاياتٍ من أسبقية بعضها لبعض، ولوسائل من هذا الدور إلى ذاك… لم يتم تحرير الأشخاص ولا الغايات ولا الوسائل لننطلق في بناء جديد. لذلك فإن كل الوعود التي نسمع ليست سوى أوهام، وكل الصور الجميلة التي نُبَشَّر بها في هذا المجال أو ذاك ليست سوى ظلال للحقيقة سنكتشف بعد قليل زيفها وخداعها…

هكذا يبدو هذا النوع من التحليل وجيها للوهلة الأولى، وهكذا يسارع بعضنا بالحكم على الواقع الذي نعيش، وتريد غالبيتنا أن نسترسل ضمن منطقه “الثائر”، وتكاد تُطبِق علينا زاوية النظر التي ينبثق منها بإحكام حتى لا نرى أمرا آخر غير ما تريدنا أن نراه ولو كان الأمل ذاته…

بدت لي هذه الخلاصة وأنا أتابع إصرار البعض على منعنا من الانتقال إلى زاوية نظر أخرى، إلى موقع آخر نرى من خلاله الأشياء والحقائق بنظرة أخرى، إلى الاستنجاد بالأمل لإيجاد الحل.. وكاد يُصبِح واضحا لديَّ أن اليأس لم يعد مُجرد حالة نفسية تحصل لدى الأفراد والشعوب نتيجة تراكم المشكلات والأزمات، إنما هو صناعة متقدِّمة أصبحت تُسخَّر لها الميزانيات والوسائل وتُجنَّد لها الطاقات…

وإلا كيف نُفسِّر أننا نُسارِع إلى التبشير بالفشل قبل التبشير بالنجاح، إلى الإصرار على أننا هالكون رغم إمكانية نجاتنا، إلى التشكيك في كل مبادرة أو حل حتى قبل أن نعرف طبيعة أي منهما.

يبدو لي أننا اليوم بالذات في حاجة إلى الدفع بتفكيرنا إلى الخروج إلى دائرة أكثر واقعية وأكثر براغماتية وأن نقتنع بأن الواقع لن يتبدل بين عشية وضحاها، وأن منهجية العمل التي تحكُمنا في حاجة إلى وقت لتُصنَع من جديد، وأنه من الوهم الحديث عن تغيير فوري وجذري دون مقدمات. هذه العبارة التي كثيرا ما ألهبت العواطف والأحاسيس ومنعت الناس من التفكير في حلول واقعية لمشكلاتهم وأدت ببعضهم إلى الحالات العنيفة التي لا رابح فيها سوى صانعو الوهم الزائف…
لذا، فإنه إذا كان من واجب نقوم به اليوم، فهو أن نسعى لالتقاط أي إشارات أمل مهما كانت ضئيلة لنصنع منها حزمة ضوء، بدل العمل على تضخيم عبارات اليأس الرنانة مهما كانت واضحة للعيان.

قد تغرينا عبارات اليأس بما تحمل من دغدغة للعواطف والأحاسيس.. وقد نتجاهل عبارات الأمل التي كثيرا ما تأتينا خافتة وتوصينا بالحكمة والتبصر واستخدام العقل… فلننتبه لأمرنا هذه المرة.

مقالات ذات صلة