-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عفوا‮ ‬مالك‭..‬‮ ‬مرة‮ ‬أخرى

الشروق أونلاين
  • 4467
  • 0
عفوا‮ ‬مالك‭..‬‮ ‬مرة‮ ‬أخرى

عابد‮ ‬الناصر

هناك عظماء يمنحهم الله من كل شيء، وهناك أمم يبتليها الله بكل شيء، فأما العظماء فلا تتوقف مواهبهم وسنة الله عليهم في حياتهم التي يملأونها أخذا وعطاء مدى سنوات العمر، بل يختار لهم التوقيت المناسب ليوم الرحيل، إذ توفي العظيم مالك بن نبي في الواحد والثلاثين من أكتوبر عام 1973 أي عشية ذكرى اندلاع الثورة، وكان الرجل في حياته التي امتدت من ما قبل الثورة إلى ما بعد الاستقلال ثائرا حقيقيا على كل أنواع التخلف بما فيها القابلية العمياء للاستعمار.الرجل سبق عصره ولم يكن مقتنعا باستقلال شكلي، كان يريدها حرية دائمة تسيرها الظاهرة القرآنية التي لا تقتلع الاستعمار المادي فقط وإنما تبني أمة تستقل بأوكسجينها الذي مازلنا نستنشقه من فضلات زفير الآخرين، في الذكرى الثالثة والخمسين لصيحة الحق التي أعلنها رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فقضوا جميع نحبهم، مازلنا نذكر بعضهم بأكاليل الزهور وبقراءة الفاتحة وبالدعاء وذاك أضعف الإيمان في حق أشرف الرجال، وللأسف لا أحد زار قبر مالك بن نبي أو منحه لحظة من وقته للترحم على روحه منذ أن فارقنا منذ أربع وثلاثين سنة بعد أن كابد القهر ورفض العودة إلى باريس للاستتطاب بالرغم من أنه عاش فيها وتحصل على شهادة الهندسة منها وتزوج من إحدى بناتها، واقتنع بالعيش والموت في الجزائر التي أدارت لحد الآن ظهرها عنه وهو الذي كان ثورة حقيقية إلى درجة أنه ثار في وجه ابن باديس مرتين في قسنطينة وفي باريس وطالبه بالثورة العلمية بدل الثورة الخطابية، وكلاهما ثورة كما اعترف بذلك‮ ‬مالك‮ ‬بن‮ ‬نبي‮ ‬في‮ ‬آخر‮ ‬كتاباته‮. ‬
ليس مشكلة أن تصرف الدولة على العمال والطلبة في كل فاتح من نوفمبر (عطلة)، وليس مشكلة أن نفتح كتاب الثورة لذكر موتانا بخير.. وأي خير، وليس مشكلة أن تكرر التلفزة ححصها وأفلامها وأناشيدها الثورية القديمة، لكن المشكلة أن تبقى الثورة في عقولنا مجرد أرشيف منحنا استقلالا‮ ‬شكليا‮ ‬واستعمارا‮ ‬فعليا‮ ‬في‮ ‬لمجة‮ ‬خبزنا‮ ‬وقطرة‮ ‬مائنا‮ ‬وومضة‮ ‬أفكارنا‭.‬
مسكين مالك، عاش قبل عصره بسنوات وربما بقرون فتعذب بجهلنا.. مسكين مالك كان يحمل على ظهره مشاكل أمة فك كل طلاسيمها فازدادت عقدا.. مسكين مالك قتلناه بدل المرة ألف مرة.. مسكين مالك عاش غريبا ومات غريبا ومازال غريبا.. عفوا.. عفوا.. فنحن المساكين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!