-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تحلم بسكن لائق تكمل فيه حياتها

عمرها جاوز القرن .. معمرة البويرة تعيش مع الأفاعي والجرذان

الشروق أونلاين
  • 5846
  • 0
عمرها جاوز القرن .. معمرة البويرة تعيش مع الأفاعي والجرذان
ح.م

تحتفظ معمرة ولاية البويرة الحاجة بوقاموم تكفة نث قاسي، بذاكرة قوية وبحركة سريعة لا تعكس سنها، وهذا رغم أنها ما تزال إلى غاية اليوم تقطن بأكبر محتشد استعماري بحي أول نوفمبر ببلدية الأسنام في ظروف غير انسانية، وتقاسم يومياتها الصعبة مع الحيوانات والزواحف، وهي التي احتفلت بعيد ميلادها الـ101 بالتمام والكمال، وهذا يوم 25 أكتوبر الفارط.
تعتبر الحاجة، بوقاموم تكفة نث قاسي، أكبر معمرة في ولاية البويرة، لم تنل السنين من ذاكرتها شيئا، ولم تعرف أمراض الشيخوخة لجسدها طريقا، لديها أكثر من 50حفيدا تتذكرهم جيدا، وللمعمرة حكايات مع الزمن تراوحت بين الأفراح والأقراح، ولو أنها كما روتها لنا اقترنت في بداية حياتها بتعاقب الأحزان بفقدانها زوجها المرحوم المسبّل في ثورة التحرير حموش أوقاسي، و رغم كبر سنها، إلا أنها ما تزال تتحدث بطلاقة ولا ترتدي نظارات، وتحتفظ الحاجة تكفة ناث قاسي، بذاكراتها القوية بقصص عن شخصيات تاريخية على غرار العقيد أوعمران، الشهيد عبان رمضان، عميروش ايت حمودة وغيرهم.
الحاجة، تكفة ناث قاسي، ربما تعتبر من النساء القلائل اللاوتي تعدت أعمارهن القرن، وهن بحالة صحية جيدة جدّا، بل وتحتفظ بكامل مداركها العقلية، حيث تتمتع المسنة بذاكرة قوية، وتتذكر كل مواقيت الصلاة، وعدد الركعات لكل صلاة، إضافة إلى تلاوة سور الفاتحة والنصر وغيرها، وهي إلى غاية يومنا هذا تؤدي الصلوات الخمس، ولم تفطر خلال شهر رمضان، بل أكثر من ذلك تصوم الصابرين.
تزوجت معمرة البويرة مرة واحدة في حياتها، وهي أم لذكرين و ست إناث، وما زالت ذاكرتها زاخرة بعبق الماضي وتفاصيله وتختزن عديد المحطات التاريخية التي عرفتها الجزائر، ولا تكاد تغفل عن أدق تفاصيل حياتها، طفولتها وشبابها وزواجها، كل من يزورها ببيتها بالحي القصديري أول نوفمبر بالأسنام، تروي له كيف قام المستعمر الغاشم بحرق بيتها وبيوت الجيران، وكيف انتقلت لتعيش بدشرة أث يعلى اوسمر بأعالي جرجرة بالقرب من تيكجدة.
كما تروي المعمرة بأدق التفاصيل الحادثة المأساوية التي تعرض لها زوجها أواخر الستينيات عندما كان يشتغل في كسر الحجارة بالطريق الرابط بين تيكجدة وعين الحمام، ما سبب له إعاقة كلية جعلته يعجز عن العمل، فشمرت عن ساعديها لضمان لقمة العيش لعائلتها الكبيرة، وكانت تبيع البيض والعنب لتساعد ابنها محمد ليكمل دراسته، وبالفعل شرفها، وأصبح مهندس دولة في الفلاحة إذ تخرج عام 1979 من جامعة مستغانم، كما تتحدث بإسهاب لكل من يزورها عن نجاحها في التغلب على ظروف الحياة الصعبة التي عاشتها خلال الثورة، حيث تستحضر من فينة إلى أخرى، ذكريات مضت عليها عدة سنوات، إبان الاستعمار وإيواء مسكنها للمجاهدين الذين خدمتهم، وهي مشاهد تاريخية صعبة وأخرى سارة، تختزنها ذاكرتها القوية.
ويبقى حلم الحاجة تكفة ناث قاسي هو أن تتحصل على مسكن يليق بسنها وتغادر نهائيا، محتشد بلدية الأسنام، الذي يعيش سكانه المعاناة منذ أكثر من 40 سنة في ظل قساوة العيش تحت أسقف تهتز بفعل نسمة الهواء، فما بالك برياح الشتاء العاتية، حيث تعيش إلى غاية اليوم 35 عائلة بحي أول نوفمبر الذي تم تشييده في العهد الاستعماري، حياة بدائية وبائسة، يقاسمون حياة صعبة مع الحيوانات والزواحف داخل بيوت هشة على شكل أكواخ ينعدم فيها الماء الغاز و قنوات صرف المياه، وهذا رغم أن السكان بما فيهم معمرة البويرة، سبق لهم وأن راسلوا المئات من المرات مختلف المسؤولين الذين تعاقبوا على البويرة وراسلوا أغلبية الوزراء .. فهل يتحقق حلم معمرة البويرة قريبا؟
فاطمة عكوش

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!