الرأي

عندما يدرك شهرزاد الصباح

عمار يزلي
  • 816
  • 12
ح.م

مع اقتراب موعد الحسم الرئاسي، ومهما كان الرئيس، تتسارع قوى الضغط في الشارع غير المنسجم باطنيا، المتناغم ظاهريا وتتزايد معها محاولات بعض الأحزاب اليائسة من المحيض، وبعض قوى “البغالة” التي لا تنجب، المغضوب عليها شعبيا، التي لا شعبية لها أصلا، لمسك العصا من الوسط أو من الطرف المعارض للسلطة القائمة، طمعا في كسب مودّة شارع وحَراك منقسم على نفسه متعدد المشارب، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.

 مع اقتراب هذا الموعد، تبدو القافلة تسير.. والبعض ينبح.. بل إن البعض صار “يهرّ” والبعض يعضّ، منهم تلك الفئة الضالة المبتورة من يرون أنفسهم “شعب فرنسا المختار”، وأنهم ما دام الحكم ليس لهم، فلا حكم لأحدٍ على أحد من دونهم، ولا انتخابات ما لم تكن أوراقها بين أيدينا نوزّعها كيف نشاء أو كيف “تشاء” الأم خلف البحر. هذه الأخيرة هي من تؤجّج الوضع بالدفاع عن التنصُّر والتمسيح والمرافعة عن التنصير المخالِف للقانون والمحرِّض على التفرقة بين الجزائريين.

اليوم، ذلك التحالف الباطني غير المفهوم – وإن كان مفهوما -بين بعض الإسلاميين ممن عانوا الأمرِّين مع النظام السابق وقياداته العسكرية المحسوبة على جيش فرنسا، وما اقترفوه من جرائم في حق الشعب ومن انتخِب في التسعينيات، وبين أعداء الأمس الذين شرَّبوهم العلقم ولا يزالون، اليوم، هذا “التحلُّف” المتخندق في نفس الفندق مع أعداء الأمس، هو تخندقٌ مع الداعين للتنصل من الديانة الإسلامية عوض أن يرفعوا في أوجههم فزاعة “الردة” التي يمتهنها هؤلاء، وكانوا، ولا يزالون يتحدَّثون عن تطبيق الشريعة والشرع في كل شيء بداية من قطع يد السارق والرجم.. فلِمَ لا يتحدثون عن المرتدين أو “المغطسين الجدد” أو “المطورنيين” (les retournés) أو “المتوريزيين”، (les naturalisés)، ويسكتون عن فتح الكنائس المسيحية الصهيونية البروتستنتية الإنجيلية؟ أم هو شركاء في الثُّلث؟

مع اقتراب موعد الحسم.. القافلة تسير والبعض ينبح.. معتقدين أن العواء ورنين النواقيس والأجراس ودقَّات المهاريس وأبواق السيارات، وأجراس الكنائس، سيرسم للشعب الجزائري خارطة طريق المستقبل بأعين فرنسا الأم الحنون.

هم الآن يعملون على التشكيك في كل القوانين والإجراءات: من مشروع قانون المحروقات إلى مشروع قانون المالية وباقي الإجراءات، والهدف زعزعة الاستقرار والثقة في بعض الشعب والبعض من قوم تُبَّع، ومن لم يستعمل يوما عقله إلا تابعا لمتبوع، وهم يعرفون أن 50 سنة المقبلة، وإلى غاية سنة 2070، لن تكون لهم، وعليهم الانتظار نصف قرن حتى ينتهي الجيل الثالث من جيل ما بعد الثورة. الإسلاميون كما العلمانيين، ليس لهم حظ اليوم في الحكم إلا ما حصلوا عليه كموظفين ثانويين وعمال في الصفوف الخلفية في قاعة الصلاة لمن يصلي، وفي الكنيسة لمن لا دين له ولا ملة. هذه حقائق سيعرفونها بعد فوات الأوان.

الإسلاميون، عليهم أن ينتظروا في قاعة الانتظار وفي قائمة الاحتياط حتى يتمكَّنوا من جمع الشعب على كلمة واحدة بعد خمسين سنة، أما البقية ممن أعلنوا انسلاخهم من جلدهم الوطني والديني وربطوا فكرهم ومصيرهم بفرنسا وملتها المأفونة، فعليهم أن ينتظروا الدهر كله، وأن يستمرّوا، إذا زايدوا وكابروا، في الصياح والنباح حتى تدرك زهر زاد الصباح فتسكت عن الكلام المباح.

مقالات ذات صلة