الرأي

عندنا أولويات…

محمد سليم قلالة
  • 569
  • 2
أرشيف

ما دمنا لا نستطيع التمييز بين الأساسي والثانوي على المستوى الفردي والجماعي ولسنا على مسافة واحدة من أولوياتنا، فإننا لن نستطيع أن نَتقدم ولا أن نَصنَع مجتمعا مزدهرا. أي المسائل ينبغي أن تُعالَج قبل غيرها وأي المشكلات ينبغي أن نَسبَق بحلها لنتفرغ إلى الأخرى؟ تلك هي الأسئلة الصحيحة التي ينبغي أن نطرحها اليوم قبل الغد.
لقد انتقل العالم من تصنيف دوله إلى رأسمالية واشتراكية وعالم ثالث، أو مركز ومحيط، إلى تصنيفها حسب سرعة الأداء الاقتصادي (الدولة السريعة والدول البطيئة)، ووصل في المدة الأخيرة إلى تصنيفها وفق طريقة التسيير (دول مسيرة بطريقة صحيحة وأخرى مسيرة بطريقة خاطئة)… أي أن التخلف في جوهره ليس قدرا محتوما بل هو رهن بمجموع الشروط الموضوعية في التسيير التي توفرها هذه الدولة أو تلك لتقدمها أو العكس؛ ومن بين هذه الشروط معرفة الأساسي من الثانوي أي فقه الأولويات لديها… وهو ما ينطبق على بلادنا على أكثر من صعيد… ذلك أنه لا يكفي أن نمتلك الوسائل المالية والمادية للتقدم بل علينا أن نُحسِن استخدامها وأن لا نبددها بطريقة أو بأخرى كما هو حالنا اليوم.
ولعل هذا ما يجعلني بالمناسبة أكاد أجزم أن أكبر مشكلة ينبغي أن نضعها على رأس قائمة المشكلات التي تعرفها بلادنا هي الفساد في أي مستوى كان وفي أي ميدان كان، من السياسة إلى الاقتصاد إلى الأخلاق وحتى “العلم”!
وعلينا أن نعمل لأن تكون محاربة هذه الآفة أولوية الأولويات بالنسبة لنا إذا أردنا للأمل أن يعم بلادنا، قبل أي أمر آخر نزعم أننا بصدد مواجهته بحلول مناسبة. ذلك أننا لن نستطيع حل أي من مشكلاتنا مهما صغرت أو كبرت إذا لم نبدأ بالقضاء على الفساد سواء أكان أخلاقيا أم ماليا أم سياسيا أم حتى “علميا”… وعندها سنعرف ما إذا كُنَّا سنستمر كدولة مُسيَّرة بطريقة خاطئة أو سنتحول إلى دولة مُسيَّرة بطريقة صحيحة…
أي أن البداية ينبغي أن تكون من هذه المسألة بالذات، وعلينا أن نمتلك الشجاعة لنجعل منها حقيقة فعلية لا قولا وشعارا نرفعه. وبداية البداية ينبغي أن تكون من معرفة أي الرجال والنساء سيقومون بهذه المهمة وإلى أي درجة بإمكانهم ذلك؟
إذا لم نتمكن من فكّ هذه العقدة، لا قدّر الله، واستمر الوضع على حاله، فإن تصنيفنا ضمن الدول الفاشلة يُصبح لا شك فيه، أما إذا تمكنا من فك هذه العقدة فإنني أتصور بأن التقدم ليس ببعيد عنّا، دون أن تُعطِّلنا التفاصيل أو المشكلات الفرعية… ذلك أنها لن تجد مكانا لها بيننا ما دمنا نملك أولويات.. وبالإمكان أن تكون لدينا أولويات، وتلك هي مساحة الأمل المتبقية…

مقالات ذات صلة