الرأي

عن التدقيق اللغوي …أتحدث

حسن خليفة
  • 1389
  • 11
ح.م

من يتابع نشرات الأخبار في فضائياتنا “يصطدم” بذلك الكمّ الكبير من الأخطاء، على اختلاف أنواعها وأصنافها : إملائية، نحوية، صرفية، تركيبية الخ . والأمر نفسه بالنسبة لكثير من صحفنا ووسائط إعلامنا الأخرى. وأما في الفضاء الأزرق فحدّث ولا حرج عن ذلك الركام الكبير من الأخطاء في المنشورات التي يدرجها أصحابها ، وبالأخص منهم بعض ذوي الأفكار الطيبة والمستويات العليا (دكتوراه فما أقلّ).

ولا يختلف الأمر كثيرا في الأطاريح الجامعية والكتب (المؤلفات) لبعض الأساتذة والأكاديميين والباحثين فكثيرا ما تكون اللغة “ضحية” حقيقية، ويكون جسمها الشريف محلّ طعن وسلخ مؤلمين. !!

ومهما كانت الأسباب في كل هذا الانتشار الكبير للأخطاء اللغوية، فإنه غير مقبول وغير مستساغ؛ خاصة وأن ثمة علاجا نافعا وفعالا ممكنا ومتاحا وهو “التدقيق اللغوي” الذي هو أحد الآليات المعمول بها ـ عالميا ـ ؛حيث يتابع خبراء ومختصون ومهتمون ، ذوو خبرة وإلمام ، يتابعون كل ما يُكتب ويُنشر أو يذاع (في الإذاعات والتلفزيونات) ويراجعونه ويصوّبونه ويصححونه قبل نشره وإذاعته، حتى يخرج سليما من كل عيب أو خطأ.

فهل هذا الأمر صعب على مؤسساتنا الإعلامية الوطنية: فضائيات كانت أو صحفا ومنابر إعلام أخرى ، كالمواقع والصفحات وأي منشورات من أي نوع كان.

لن يسمح هذا الحيّز المختصر بالحديث عن أنواع الأخطاء، ولكن ما لا بد منه هو الإشارة إلى بعض أنواعها على وجه الإجمال :
• الأخطاء اللغوية(النحوية والصرفية والإملائية )؛
• الأخطاء التركيبية باستخدام عبارات غير سليمة، تظهر الركاكة ـ بوضوح ـ من خلالها، وينحدر الأسلوب ليقترب من الدارجة؛
• خلو النص المقروء من الانسجام اللغوي في حدّه الأدنى بما يدخلنا في ‘لغة الخشب’ كما يُقال .
• وبالنسبة للنصوص المكتوبة الخُلوّ من علامات الترقيم التي هي أمر أساسي في الكتابة العلمية والإعلامية.
أتصوّر أن الحرص على السلامة اللغوية أمر غير مكلف وغير شاق، يحتاج فقط إلى رؤية صائبة لدى أصحاب المؤسسات الإعلامية والعلمية ، كما يحتاج إلى إرادة تحقيق النقاء اللغوي،والارتقاء إلى مستوى “الأناقة اللغوية” في كل ما يصدر من كلام ويُبثُّ ويُنشر من مواد إعلامية وعلمية في كل أشكالها : نشرات، برامج ، تحقيقات، وثائقيات، حوارات، وكذلك في الصحف والمجلات، كتب ..الخ.
فهل يعدّ ذلك أمرا معجزا أو شاقا ؟.

الجواب بالطبع لا، بل هو بسيط وممكن ومتاح، كما سبق أن قلنا. فما الذي يمنع المؤسسات؛ خاصة الكبيرة منها والمحترمة، أن يكون لديها مدققون لغويون محترفون يؤدون هذا العمل النبيل الرائق الرائع ويحفظون للغة سلامتها وجمالها وأناقتها، ومن ثم ّ يحفظون أذواق المستمعين والمشاهدين والقراء والقارئات .. وعقولهم؛ حيث تُتشرّب اللغة جميلة نقية كما هي ّ أو كما يجب أن تكون.

وأما بالنسبة للأطروحات والأبحاث الجامعية فإن التشديد على هذا الأمر واعتداده محورا مركزيا في التقييم والتقويم سيدفع من يهمهم الأمر إلى البحث عن مدققين ومراجعين متمكّنين(ومتمكّنات) يصلحون أبحاثهم ويقدمونها في حُلل قشيبة تزيدها السلامة اللغوية جمالا على جمال .

مقالات ذات صلة