عن الجنرال .. بن شيخة !
المدرب الوطني الجديد، عبد الحق بن شيخة منزعج من وصفه بالجنرال، وهو لذلك طلب من الصحافة في أول لقاء به معها، أن لا تطلق عليه مثل هذه الأوصاف والنعوت الأمنية، مثل الجنرال أو الشرطي.فهو ليس في ثكنة والفريق الوطني، ليس جيشا، رغم أن الجميع يتذكر كيف كان الجزائريون يرون في لاعبي فريقهم عشية مواجهة أم درمان، محاربين للصحراء،
-
أو جنودا ذاهبين لواقعة حربية، وليس شيئا آخر، وقد كانت تلك العزيمة، سببا للفوز، مثلما كان التسيب مقدمة للانهزام أمام الغابون ومالاوي والتعادل أمام تنزانيا، والجميع يذكر ربما قصة الأقراط والشعر المصبوغ بالأصفر لبعض اللاعبين، والتي لا تتلاءم مع صفة المحاربين ولا الجنود؟ !
المهم، وإن اتفقنا على أن هذه كلها، مجرد شكليات لا تمت بصلة للموضوع الأساسي، فإن التسميات في الجزائر تعد مشكلة عويصة وهي لا تخص عبد الحق بن شيخة وحده، بل إن هنالك العديد من المسؤولين، بينهم وزراء ونواب وحتى رؤساء، التصقت بهم نعوت لم تعد تذكر إلا معهم. ولعل ذلك كان سببا في إثارة غضب وزير التضامن السعيد بركات مؤخرا، حين قال للصحافة، ناهيا وزاجرا، أنه ليس وزير الحافلات، مثل سابقه، جمال ولد عباس، الموصوف بوزير الوعود وقفة رمضان؟ !
قبل أيام نظرت المحكمة في قضية مدير الأمن بشركة الاتصالات جيزي، وأدانته بتهمة انتحال صفة، ورغم أن الرجل، عقيد سابق في الجيش، إلا أن المحكمة أدانته، لأن الجميع كانوا يصفونه بالجنرال، ولا ينادونه إلاّ “حضرات” ولاشك أن العدالة رأت في الأمر استعمالا مغرضا لهذه الصفة من طرف المعني بالأمر، فقررت محاكمته؟ !
كثيرون في سلك الأمن الخاص، وليس النظامي، وحتى بعض حراس العقارات، أو العسس، مثلما يلقبهم البعض، يتلذذون بلقب حضرات، فنجد أن بعضهم قد يمنعك من دخول مكان عام، ويمارس عليك سلطته وبيروقراطية البوابين، لا لشيء إلا لأنك وصفته بالعساس، ولم تحترم فيه صفة الحضرات ومشتقاتها؟ !
لقد بات لدينا ميل كبير وجاذبية لا توصف نحو الألقاب الأمنية، كما أن العديد من العائلات الجزائرية، باتت تحلم بأن ترى ابنها يحقق أعلى العلامات ليتمكن من دخول مدرسة أشبال الأمة، حتى تراه يوما جنرالا كبيرا؟!
الإحساس بوجود عنصر أمن في العائلة، هو إحساس بالنفوذ، كما أن استعمال البعض للقب الجنرال أو حضرات، هو بمثابة بحث عن الأهمية في وسط مجتمع لم يعد يحترم جنرالات العلم ولا الثقافة، ولا حتى كابرانات التعليم والتربية؟!