الرأي

عن “الطهارة” و”التطهير”

حسان زهار
  • 993
  • 4
ح.م

ظاهريا.. لا فرق بين “الطهارة” و”التطهير”.. إلا في الأداة.. هل ستكون “مقصا” أم “منجلا” أو آلة أخرى…

وإذا تجاوزنا قضية “الطهارة” التي أمر بها الشرع للأطفال قبل البلوغ، باعتبارها أفضل طريقة للحفاظ على الصحة البدنية والجنسية، فإن موضوع “التطهير” بمدلولاته السياسية في الجزائر يحتاج الى دراسة معمقة.

السبب أن “التعفين” الذي مارسته فرنسا قبل أن ترحل، والذي استمر عملاؤها في ممارسته حتى بعد الاستقلال، يحتاج الى جهود جبارة للتخلص منه، وإلى رجال مخلصين يدركون أنهم في “جهاد أكبر” لاستئصال جذور الخيانة والعمالة، بعد أن أدى المجاهدون والشهداء دورهم كاملا في ثورة الجهاد الأصغر إبان الثورة التحريرية المباركة.

لقد عمدت فرنسا قبل ان ترحل، عبر برنامج خطط له الجنرال ديغول بدهاء كبير منذ عام 1958، عندما أدرك أنه لا مناص من استقلال الجزائر، إلى زرع عملائها في في جزائر الغد.

أما وقد قيض الله رجالا مخلصين، استطاعوا بعد صبر طويل ومكابدة، من تطهير البلاد من كابرانات فرنسا ومن الخونة والمندسين، وتمكنوا من إسقاط العصابة التي اختطفت الدولة، وعاثت في البلاد فسادا…

فإن الواجب اليوم، الالتفات الى السرطان الأخطر، الذي ينخر اليوم أوصال البلاد في أروقة الإدارة، التي ما زالت تسير بذات البيروقراطية الكولونيالية، في احتقار الشعب في ممارساتها اليومية، وفي اغتصاب إرادة الشعب وقد تحولت إلى آلة رهيبة للتزوير، وامتلكت في سبيل ذلك تقاليد عريقة ومتجذرة.

إننا نشاهد بجلاء أغلبية المترشحين وهم يشتكون هذه الإدارة المتوحشة، فهم يلمسون خبثها وطرقها الملتوية في إحداث العراقيل أمامهم، في موضوع جمع تواقيع الاستمارات.. والغريب أنها تفعل ذلك من دون أن تتلقى أية أوامر، ولكنها تفعل لأنها تعودت على ذلك لا أكثر، أو لأنها تعتقد أن دورها الطبيعي هو تسهيل مرور مرشح السلطة (وهو غير موجود أصلا)، وعرقلة بقية المترشيحن، لأنهم برأيها لا يستحقون المرور.

المواطنون بدورهم شعروا وهم يحاولون تسجيل أنفسهم في القوائم الانتخابية، واستخراج بطاقة الناخب، حجم العراقيل غير المفهومة التي تواجههم في بعض البلديات دون بلديات أخرى.. بذات الطريقة التي اعلنت فيها بلديات مقاطعتها العملية الانتخابية برمتها، دون بلديات أخرى.

وقد أدركت سلطة الانتخابات هذا الأمر بوضوح، فقررت تمديد آجال التسجيلات في القوائم الانتخابية، ومنحت المحضرين القضائيين صلاحية المصادقة على التواقيع واستمارات المترشحين، تفاديا لإرهاب الإدارة هذا.

لقد تبين اليوم بوضوح أن عمليات التزوير الفاضح التي كانت طوال العقود الماضية، بتواطؤ كامل من هذه الإدارة، وإن لم تصلها الأوامر، لأن هواية التزوير باتت راسخة لديها، والهدف هو أن لا يرفع هذا الشعب رأسه يوما، ولا يتمكن من اختيار حكامه، ولذلك كانت الأصوات المنادية بإبعاد الإدارة عن العملية الانتخابية تدرك حجم هذه الكارثة.

ومع ذلك، ومع إبعاد الإدارة عن العملية الانتخابية، إلا أنها تعرقل ما أمكنها إلى ذلك سبيلا..

ما نحتاجه غدا واضح.. رئيس يعرف خبث هذه الإدراة وما زرع فيها من شرور وخيانة ليستأصل ما بقي من فساد العصابة والدولة العميقة ويعيد بناءها من جديد.

إن تطهير ادارتنا من الوثنية التي زرعتها إدارة نابليون داخلها يجب أن تكون أولوية الأوليات غدا..

كما أن فعل “التطهير” يجب أن يظل حيا في وسط مليء بالجراثيم والحشرات.. يقوده الرجال المخلصون في مناصبهم ممن يحق فيهم قوله تعالى “إنهم قوم يتطهرون”.

مقالات ذات صلة