-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن هروبِ مقاتلي حماس؟!

حسين لقرع
  • 3426
  • 0
عن هروبِ مقاتلي حماس؟!

يبدو أن الاحتلال الصهيوني قد اهتدى أخيرا إلى “صورة نصر” مزيَّفة يقدّمها لـ”شعبه” ويحفظ بها ماء وجهه قبل أن يُجبره تفاقمُ خسائره البشرية والمادية على إيقاف الحرب؛ فقد زعم وزيرُ الدفاع يوآف غالنت أنّ “حماس فقدت السيطرة على غزة ومقاتلوها يفرّون نحو جنوب القطاع”!
ويعطي تصريحُ غالنت الانطباع بأنّ الحسم العسكري بات وشيكا، وأنّ جيش الاحتلال سيحقّق قريبا هدفه الأوّل المعلن من حرب الإبادة التي يشنّها على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وهو القضاء على حماس، وإعادة احتلال القطاع حتى لا يشكّل عليه مستقبلا أيَّ خطر.
لكنّ سير المعارك لا يؤكّد تصريح الوزير الصهيوني المتطرّف الذي أعلن من قبل قطعَ الماء والغذاء والكهرباء والدواء والوقود عن 2.3 مليون فلسطيني بغزة؛ ففي كلّ يوم تقريبا تنشر المقاومة فيديوهاتٍ لتفجير دبّابات ومدرّعات وجرّافات صهيونية، وأغلب هذه العمليات تجري في شمال غزة التي يتمركز بها العدوّ، وخلال مدة التصوير يظهر المقاومون بوضوح وهم يقومون بعملياتهم البطولية قبل أن يختفوا كالأشباح، وفي كلّ يوم يعلن العدوُّ عن سقوط عددٍ من جنوده بين قتيل وجريح، وإن كان يتكتّم على خسائره الحقيقية، كما يعترف مسؤولون كبار وفي مقدمتهم نتنياهو نفسُه بضراوة المعارك وشراستِها في شمال غزة.. فكيف يحدث ذلك كلُّه إذا كان مقاتلو حماس قد تركوا شمال القطاع إلى جنوبه هربا من دبّابات العدو وجنوده؟ من يواجههم ويحرق آلياتهم العسكرية ويقتل جنودهم إذن؟ كائناتٌ فضائية؟!
صحيحٌ أنّ قوات الاحتلال قد اجتاحت شمال غزة ووسطها وفصلتها عن الجنوب، لكنّ ذلك لا يعني أنها حاصرت المقاومة في هذه المناطق وعزلتها تمهيدا للإجهاز عليها؛ فهي تتحصّن في شبكة أنفاق منيعة متشعِّبة وممتدّة تحت الأرض على مسافة تناهز 500 كلم، ويتحرّك مقاتلوها فيها بسلاسة وينتقلون من مكان إلى آخر بيُسر من دون أن يكترثوا بما يقوم به العدوُّ على سطح الأرض، ولتوضيح المسألة نضرب مثلا بقطار الأنفاق: هل يكترث سائقوه بالاكتظاظ المروري في الطرقات على سطح الأرض؟ أم إنهم ينتقلون في جوفها بسلاسة لا يلوون على شيء؟
انطلاقا من الأنفاق، يتربّص عناصرُ المقاومة بالعدوّ، ويخرجون في الوقت المناسب لضرب جنوده أو تدمير آلياته العسكرية بضرباتٍ خاطفة ساحقة ثم يبتلعهم جوفُ الأرض، فلا يستطيع العدوُّ لهم طلبا، ولا يجد من ينتقم منه سوى الأطفال والنساء والمدنيين العزّل الذين يرتكبُ بحقّهم أبشع المجازر منذ 7 أكتوبر الماضي إلى حدّ الساعة، كما يدمّر المستشفيات والمدارس والمساجد والبيوت والمخابز وخزانات المياه والآبار، بقصفٍ وحشيّ همجي، من دون أن تتحرّك شعرة في هذا المجتمع الدولي الظالم الذي فقد تماما ضميره وتخلّى عن كلّ معاني الإنسانية.
هل يُعقل إذن أن يهرب صناديدُ حماس الذين يفجّرون دبابة “الميركافا” الأشدّ تحصينا في العالم، ومدرَّعة “النمر” بقذائف “الياسين 105” المطوَّرة محلّيا، بل بلغت الشجاعة ببعضهم أنّهم وصلوا إلى دبابات العدوّ وألصقوا بها عبوّات متفجّرة ودمّروها؟ كيف يهرب أبطالٌ شجعان مثل هؤلاء من جنود الاحتلال الجبناء الذين رأينا العديد منهم، في غزوة 7 أكتوبر المبارَكة، يبكون كالنِّسوان ويتوسّلون أشاوسَ المقاومة الإبقاءَ على حياتهم مقابل مغادرتهم فلسطين إلى الأبد؟
بعد 40 يوما من الحرب، عجز جيشُ الاحتلال المتفوّق عدّة وعتادا، عن تحقيق أيِّ نصر على حماس، ولم يستطع قتلَ قياديٍّ كبير واحد، ولا أسْرَ مقاوم واحد، ولا الوصول إلى أيِّ أسير صهيوني وتحريره، ما يعني أنّ
ما صرّح به غالنت هو مجرّد حربٍ دعائية نفسية يكذّبها الواقع؛ حماس ليست قريبة من الانهيار كما يروّج قادةُ العدوّ هذه الأيام لرفع المعنويات المنهارة لجنودهم و”شعبهم”، ومغاويرُها لا يفرّون يوم الزحف أمام هذا العدوّ الذي يرتكب أبشع الجرائم بحقّ أطفالهم ونسائهم وآبائهم.. ما دام جنودُ العدوِّ قد جاؤوا بأنفسهم إلى غزة هذه المرة ولم يكتفوا بالقصف الجوي كما كان يحدث في الحروب السابقة، فهي فرصة كبيرة للمقاومة للانتقام منهم والثأر لأهاليهم وإلحاق هزيمةٍ مدوّية بالعدوّ تكسر عجرفته وغروره وتُجبره على وقف الحرب والانسحاب من غزة ذليلا مهانا وعقد صفقة أسرى مع المقاومة تبيّض سجونه من نحو 7 آلاف أسير فلسطيني، تماما كما فعل في حرب تموز 2006 مع حزب الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!