-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عهدة ملغّمة

حسين لقرع
  • 5049
  • 8
عهدة ملغّمة

كما كان متوقعاً، أعلن وزيرُ الداخلية فوزَ الرئيس بوتفليقة بعهدة رابعة، ولم تحدث المفاجأة التي توقعها بن فليس وأنصارُه، ولم يحدث التغيير المنشود عن طريق صناديق الاقتراع.

انتصارُ الرئيس كان هو السيناريو الأرجح؛ إذ أن النظام لم يصرّ على ترشيحه وهو قابع على كرسي متحرّك ليسلّم السلطة لغيره حتى ولو كان أحد أبناء النظام ورئيساً أسبق للحكومة، فبوتفليقة بالنسبة إليه هو ضمانُ الاستمرار والاستقرار والحفاظ على الحكم. وكان واضحاً منذ البداية أن جمع 5 ملايين توقيع لصالح مرشح النظام في ظرف ثلاثة أيام يعني فوزه يوم الاقتراع بنسبة عالية.

لقد برهن النظامُ أنه أحسنَ توظيف أحداث الربيع العربي والاستفادة منها إلى أقصى درجة من خلال الإيحاء للشعب بأن إعادة انتخاب بوتفليقة، يعني ديمومة الاستقرار وانتخاب غيره من المرشحين يعني المجهول والفوضى، وشنّ حملة غير مسبوقة على بن فليس، واتهمه بمحاولة زجّ البلاد في أتون الفوضى والخراب من خلال التأويل المُغرض لبعض تصريحاته، وها هي النتيجة تؤكّد حسن استثمار النظام في هذه المسألة، ودفع ملايين الناخبين إلى التصويت لـ”الاستقرار”، برغم كل ما قيل عن تزوير نتائج الانتخابات.

عرّابو العهدة الرابعة افتكّوها أخيراً وحققوا هدفهم، وسيحكمون الشعب بالوكالة طيلة خمس سنوات إذا أطال الله عمر بوتفليقة، وهي حالة غريبة غير مسبوقة في تاريخ البلد، لكن على هؤلاء أن يعرفوا أن الأمر لم ينتهِ بتمرير العهدة الرابعة يوم 18 أفريل، بل إن التحديات الكبرى قد بدأت، وهذه العهدة ستكون ملغمة بكل المقاييس بالنظر إلى بقاء الكثير من القضايا دون معالجة أو حل جذري وفي مقدّمتها غرداية، فضلاً عن أن أيّ انتكاسٍ مفاجئ لصحة الرئيس سيضعهم في حرج بالغ.

وحينما يمتنع زهاء نصف الناخبين عن التصويت مقابل الربع فقط في رئاسيات 2009، فإن هذه المقاطعة الواسعة تنطوي على دلالات عميقة، وهي رسالة قوية إلى النظام من ملايين المقاطعين، وأغلبهم من الشباب، ينبغي أن لا يتجاهلها ويُحسن قراءتَها. هذا إذا افترضنا أصلاً أن نسبة المشاركة التي قدّمها وزيرُ الداخلية صحيحة وغير مضخّمة، مع أن الوزير تجاهل تماماً الحديث عن رقم المشاركة الهزيلة في المهجر واحتسابها مع نسبة المشاركة العامّة، حتى لا يؤثر فيها وتنزل إلى حدود الثلث، ويظهر الأمرُ وكأنه نصرٌ كبير للمعارضة.

ولا شكّ أن المعارضة مدعوّة الآن إلى توحيد جهودها أكثر من أيّ وقت مضى ومواصلة نضالها لتحقيق الديمقراطية الحقيقية في البلد وإنهاء عهد الوصاية على الشعب الذي طال أزيد من نصف قرن. ولعلّ استفاقة المعارضة والاتجاه إلى توحيد جهودها قبل الانتخابات، يشكّل بصيص أمل في إمكانية إحداث التغيير الحتمي مهما طال الأمد؛ وحينما يكف “الأرسيدي” عن معارضة المعارضة، ويتجاوز خلافاتِه التاريخية القائمة منذ رُبع قرن مع الإسلاميين ويجتمع معهم لتنسيق المواقف حول الانتخابات وكيفية التعاطي مع ممارسات السلطة مستقبلاً، فإن ذلك يُعدّ تطوراً إيجابياً ينبغي تثمينُه، فمن كان يعتقد أن العداوة التقليدية بين التيارين ستنتهي ويسود محلها الوفاقُ والتفاهمُ حول كيفية إحلال الديمقراطية في البلد وقد كان الأرسيدي نفسُه اقصائياً يرفض استفادة الإسلاميين من الديمقراطية؟

ربما فشلت المعارضة في تقديم مرشح توافق، ولكن الأهمّ الآن هو إنهاء تشرذمها وصراعاتها البينية، والاتجاه إلى تنسيق جهودها ومواصلة نضالها مجتمعة من أجل تحقيق الديمقراطية الحقيقية في السنوات القادمة.  

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • كركر

    انا شخصيا كنت ضد العهدة الرابعة لكني لم اجد عند بقية المترشحين برنامج ثري يجذبني اليهم غير الحديث عن القديم "النظام فيه و فيه"وانا وكل الشعب الجزائري كنا ننتظر بشائر جديدة وعلى يد رجال مزالوا صغار باش يسلملهم الرئيس المشعل ويكملوا واش بدا لكن هيهات مكاين والوا ولهذا رئيسنا بوتفليقة الي يستهلها وراح نكملوا معاه وربي يطول عمرو انشاء الله

  • كارميلا

    انا شخصيا كنت ضد العهدة الرابعة لكني لم اجد عند بقية المترشحين برنامج ثري يجذبني اليهم غير الحديث عن القديم "النظام فيه و فيه"وانا وكل الشعب الجزائري كنا ننتظر بشائر جديدة وعلى يد رجال مزالوا صغار باش يسلملهم الرئيس المشعل ويكملوا واش بدا لكن هيهات مكاين والوا ولهذا رئيسنا بوتفليقة الي يستهلها وراح نكملوا معاه وربي يطول عمرو انشاء الله

  • نحال عبد القادر

    لنفترض ان الانتخابات كانت لصالح بن فليس الدي تحبه هيل سياتي بالتغير الدي تتكلمون عنه ، المشكل انكم تعلمون ان التغيير لا ياتي من شخص والمحيطين به كلهم من النظام وحتى من المفسدين الكبار الدين عاثوا في الارض فسادا بالاضافة الى الانتهازيين وما اكثرهم في هدا العصر ادن يا استادي المحترم ارجوا ان تحترموا ارادة الشعب حتى ولو مظهريا وكفانا من الكلام الدي ياتي بعد الفشل والدي يصبح هستيريا يجب ان تعالج عند الطبيب النفساسي ، كما ارجوا ان تدهبوا الى تاسيس حزب وتتعاركون حول من يكون في اللجنة المركزية ومن هو

  • أبو ألاء

    ولا أظن أن مجتمعا أميا على جميع المستويات كمجتمعنا تصلح عليه دراسات الدراسين في مجال السياسة أو علم الاجتماع.
    فالشخص الذي تحركه نزواته وأهواءه بدون عقل لا يصلح أن نطبق عليه قوانين الغرب والشرق.

  • بدون اسم

    من1962ونحن في الألغام..لكن هذه الألغام تنفجر على الشعب وفي الشعب والشعب فقط..

  • عمار السطايفى

    ماشى الذى يلبس كستيمة يحط روحو دكتور محلل كبير والله أننى فى هذه الانتخابات اقتنعت بان أغلبية المحللين لايفقهون شىء فى دراسة سلوك الناخب الجزائرى

  • redha

    اعتقد ان فوز الرئيس بوتفليقه اطال الله عمره و حفظه لنا كان باستحقاق لانه انتم لا تفقهون و لا تعرفون طريقة تفكير الشعب الجزائري لان الشعب الجزائري لم يجد في كل المترشحين افضل من سي عبد القادر'بوتفليقه'' باش تفهمو عقلية الشعب الجزائري فعليكم بالاختلاط بالشعب في اعماق الجزائر مشي برك في الاحياء الراقية كحيدره و و الابيار يا صاحب المقال.

  • rida

    معم احترامي للمنظرين والدكاترة، أشك في أنهم فهموا هذا المجمتع المتناقض، ولا أظن أن بن فليس كان يمني نفسه بكرسي متحرك مكان بوتفليقة، ولا أظنه بهذه السداجة لكي يقتنع بأنه سيحقق المعجزة، ولا أظنه أفضل من الابراهيمي أو بن بيتور أو أنه فهم النظام أحسن من حمروش، لا أظن أن حماسة المحامي هي من تدفعه نحو الكرسي.
    ولا أظن أن مجتمعا أميا على جميع المستويات كمجتمعنا تصلح عليه دراسات الدراسين في مجال السياسة أو علم الاجتماع.
    فالشخص الذي تحركه نزواته وأهواءه بدون عقل لا يصلح أن نطبق عليه قوانين الغرب والشرق.