-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فازت قطر رغم الظلمات الثلاث

ياسر أبو هلالة
  • 1093
  • 0
فازت قطر رغم الظلمات الثلاث

في اللحظة التي كان يغرد فيها دعاة حقوق الإنسان و أدعياؤها عن حقوق العمال في قطر ومن خلال أجهزة الآي فون وعلى منصة توتير كان عمال شركة آبل في الصين يقمعون لتظاهرهم بسبب أكل أجورهم وظروفهم الصحية بسبب الجائحة، وإليون مسك يشرد عمال تويتر بقرارات مزاجية بعد أن استحوذ على الشركة. ليس هذا الدليل الوحيد على الازدواجية في التعامل مع قطر، ذكرنا أيضا بتلك الازدواجية البغيضة هزيمة الارجنتين المذلة أمام السعودية، ففي العام ١٩٧٨ استضافت كأس العالم وفازت به وهي ترزح تحت حكم الانقلابيين العسكر الذين حصلوا على جائزةغير مستحقة وقتها كان المعارضون السياسيون الذين تكتظ بهم الزنازين يسمعون هتافات المشجعين دون أن يتمكنوا من حضور المباريات. تاريخ الازدواجية يمتد قبل ذلك، عندما شكلت جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، فريقًا في المنفى عام 1958 في سياق معركتها ضد الاحتلال الفرنسي. تنافس الفريق مع منتخبات وطنية أخرى و تحت ضغط من فرنسا ، عاقبت الفيفا الفرق التي لعبت مباريات مع فريق جبهة التحرير الوطني.

فازت قطر عندما هزمت تلك المعايير المزدوجة، ونجحت في تنظم واحدة من أفضل البطولات، وبددت ظلمة السماء أنوار الاحتفالات . خرجت البطولة ، بصعوبة وإصرار وجد ومثابرة من رحم ظلمات ثلاث، الجملة المنهجية الظالمة، و الحصار الذي فرضه عليها في وقت حرج وانتهى بصلح العلا ، وظلمة جائحة الكوفيد ١٩ التي عطلت النشاط البشري. الظلمة الأولى كانت الأشد، وتنوع رعاتها بين فئتين الأولى؛ دول وهيئات متربصة بقطر وتدفع الملايين للإضرار بها، والفئة الثانية هيئات حقوقية وصحفيين أحرار يريدون اغتنام كأس العالم لتمرير أجندتهم الحقوقية. لكن هذه الفئة تعرضت للاختراق والاستغلال من الفئة الأولى . وغذّى الفئتين استعلاء ثقافي غربي يستصغر قطر والعرب والمسلمين ويستكثر عليهم البطولة.

فازت قطر وكسرت الظلمات الثلاث وأنارت أضواء احتفالات ملعب البيت السماء. جسد ذلك الملعب الخصوصية الثقافية وهو يرمز للخيمة العربية التي انطلقت منها حضارة مركزية أنارت ظلمات العالم، ووجاءت تلاوة الطفل غانم المفتاح للقرآن الكريم رسالة تسمع من به صمم،ذكرنا غانم بمقولة اللاعب زيدان” بكيت عندما لم أجد ثمن حذاء رياضي لكني في اليوم ذاته شاهدت رجلا بلا قدمين” فالطفل الذي ولد بلا قدمين تمكن بمعونة أسرته ودولته من أن يكون قصة نجاح ملهمة للعالم الذي تسمر على الشاشات ليتابع أقدام اللاعبين .

‏بالنهاية المشجعون والفيفا غير معنيين في الصراع السياسي والثقافي، هي رياضة عابرة للحواجز السياسية والثقافية. وجاءت كلمة أمير قطر ردا واضحا على تلك الحملات ” سوف يجتمع الناس على اختلاف أجناسهم وجنسياتهم وعقائدهم وتوجهاتهم هنا في قطر، وحول الشاشات في جميع القارات للمشاركة في لحظات الإثارة ذاتها.ما أجمل أن يضع الناس ما يفرقهم جانبا لكي يحتفوا بتنوعهم وما يجمعهم في الوقت ذاته.” وبالفعل لم ينشغل الناس بغير المستطيل الأخضر والكرة التي يتقاذفها اللاعبون .

تواصلت الحملة البغيضة مع نجاح البطولة، ولك أن تتخيل حجم البغضاء في تغطية الجارديان لمباراة

‏قطر والاكوادور اعتبرت انه فوز الإكوادور دليل على أنه البطولة لا تشترى، ولو فازت قطر لقالت اشتريت البطولة ! طبعا جاء فوز السعودية على الأرجنتين صادما لهذا المنطق. في مقابل الهياج صدعت أصوات عاقلة لعل أبرزها الإيكونونست عندما ترافعت في مقالة عن حق قطر في الاستضافة وقارنتها باستضافة روسيا التي كانت تحتل القرم ودورة الألعاب الاولمبية في الصين واعتبرت ذلك ” ينم عن تحيز أعمى. يبدو الكثير من النقاد الساخطين وكأنهم ببساطة لا يحبون المسلمين أو الأغنياء.” موضحة ” هذا بعيد كل البعد عن روسيا فلاديمير بوتين ، حيث تم إرسالك إلى السجن لوصفك الحرب في أوكرانيا بأنها حرب ، ناهيك عن التنديد بها. وهو عالم مختلف عن الصين ، حيث لا يسمح بزقزقة معارضة سياسية. طرد المجلس العسكري الأرجنتيني الذي استضاف كأس العالم عام 1978 النقاد من طائرات الهليكوبتر.”

وفي تحقيقها عن العمال النيباليين قدمت النيويورك تايمز معلومات دقيقة ترد أرقام الجارديان الكاذبة ونقلت عن مسؤلي العمل في نيبال وصفهم للوظائف في قطر ” قيمة للغاية لدرجة أن نشطاء العمال المهاجرين في نيبال يعترفون بأنهم يخشون أحيانًا الضغط بشدة من أجل الإصلاحات. هناك ، بعد كل شيء ، الكثير من الفقراء في البلدان المجاورة يتنافسون على العمل وعلى المال الذي يجلبه إلى الوطن” وفي الأرقام الرسمية بحسب التحقيق، لا يبدو ثمة فارق في وفيات العمال بين قطر وغيرها ” توفي ما لا يقل عن 2100 عامل نيبالي في قطر منذ عام 2010 ، وهو العام الذي فازت فيه بحقوق استضافة كأس العالم ، وفقًا لبيانات جمعتها وزارة العمل النيبالية. (ماتت أعداد كبيرة في أماكن أخرى أيضًا: أكثر من 3500 في ماليزيا ، وحوالي 3000 في المملكة العربية السعودية ، وما لا يقل عن 1000 في الإمارات العربية المتحدة” وتقول الإيكونومست صراحة “ينظر العالم أيضًا إلى العمال المهاجرين في قطر من خلال عدسة مشوهة. لسبب واحد ، الإمارة أكثر انفتاحًا على العمالة الأجنبية من أمريكا أو أي دولة أوروبية.”

وتخلص إلى إنه ما لم تتناوب على البطولة فنلندا والنرويج والسويد “فلا يمكن دائمًا الاحتفاظ بها في مكان خالٍ من اللوم. فكرة إحضار كأس العالم إلى العالم صحيحة فقط. الشرق الأوسط مليء بالمعجبين ، لكنه لم يستضيف الحدث من قبل. ولا يوجد أي بلد مسلم. إذا كان من المقرر إقامة بطولة كأس العالم في مثل هذا المكان ، فإن قطر تعد اختيارًا جيدًا تمامًا”

يبقى القول إن على دعاة حقوق الأنسان وإدعياؤها التمسك بالمعايير الصارمة التي طبقت على قطر في البطولات الرياضية المقبلة، ولا يتغاضون عنها كما الحال في تاريخ البطولة !

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!