فليخرس المتصهينون العرب
تعلّمُنا التجارب التاريخية الإسلامية أنه كلما مرّت الأمة بمحن قاسية، وأقبلت على خوض معارك مصيرية، إلا وتعرّضت للخيانة والخذلان والتآمر من المنافقين والمخلّفين من الأعراب ومن في قلوبهم مرض.. حيث ينسحب هؤلاء الأراذل من المعارك قبل بدايتها ويطعنون في الثابتين على الحق ويتمنون هزيمتهم وعدم عودتهم إليهم أبدًا.
اليوم، ومع اشتداد معركة الكرامة في غزة، وسقوط المزيد من الشهداء من الأطفال والنساء والمدنيين والمقاومين في القطاع الصامد، نيابة عن 1 .5 مليار عربي ومسلم، تبرز كل يوم المزيد من الأصوات العربية الحاقدة التي لا همّ لها سوى نهش لحم المقاومة وتحميلها كل المصائب والكوارث في غزة، حتى إن “محلِّلاً سياسياً” كويتياً ظهر في فضائية عربية معادية لكل ما هو إخواني، ليصف قادة “حماس” بـ“الأفاعي” ويروّج لأطروحات الاحتلال حول الحركة دون أن يحمّل النازية الصهيونية بالمقابل أي مسؤولية عن جرائمها في القطاع.
هذه المذابح البشعة والتعطّش الشديد إلى سفك دماء الأطفال والنساء وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، حرّكت العالم كلَّه، فانتفضت شوارع العواصم الغربية الكبرى في مظاهرات صاخبة احتجاجاً على الهمجية والنازية التي عادت من بوابة غزة، بل إنها حرّكت حتى بعض الصهاينة أنفسهم فخرجوا في مظاهرة بتل الربيع (التي يسميها العدو تل أبيب) للدعوة إلى إيقاف هذه المجازر الوحشية التي أحرجتهم أمام العالم أجمع، ولكنها لم تُحرج المتصهْينين العرب الذين يستمرّون في الدفاع عنها باستماتة قلّ نظيرُها ودون أدنى شعور بالحياء والخجل.
لقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صور ذلك الإعلامي المصري الذي ظهر في قناة “فرنسا 24″ واستمات في الدفاع عن المجازر الصهيونية بحق النساء والأطفال، في حين كانت إحدى الناشطات اليهوديات تندّد بها بقوة ولا تتردد في وصفها بـ“الجرائم ضد الإنسانية“، والمثير أن المتصهْين المصري أخذته العزة بالإثم وطفِق يدافع عن الوحشية الصهيونية ويبرّرها بحماس منقطع النظير دون أن يشعر بالخزي والعار أمام تلك اليهودية التي كانت ترمقه بنظراتٍ كلّها احتقار.
كان على هؤلاء الأعراب المتصهْينين أن يستخلصوا العبرة من نائب رئيس تحرير “الأهرام“، عزة سامي، التي قالت: “كثر خيرك يا نتنياهو، ربّنا يكثر من أمثالك للقضاء على حماس أسّ الفساد والخيانة والعمالة الإخوانية؟” فأخذها الله أخذ عزيز منتقم، فأصيبت بعدها بأيام بسكتة قلبية وهلكت غير مأسوف عليها. ألا يخشى هؤلاء الأنذال أن يلقوا مصيراً مشابهاً؟
غزة عاشت تحت الحصار الصهيوني– المصري القاسي منذ جوان 2006 إلى الآن، وعانى فيها 1.8 مليون فلسطيني من نقص الغذاء والدواء والعلاج المتخصّص، ومات الكثيرُ من أطفالها ومرضاها بسبب ذلك، فلماذا تُلام المقاومة على رفض المبادرة المصرية الرامية إلى وقف الحرب دون شروط والعودة إلى الموت تحت وطأة الحصار مجدّداً؟ ما الفرق بين الموت العاجل تحت قصف الطائرات والدبابات الصهيونية وبين الموت البطيء تحت الحصار؟
إنها إحدى الحُسنيين: إما النصر ورفع الحصار بأيّ ثمن، وإما الشهادة بكرامة وعزة. أما المتصهينون العرب فقد كان عليهم أن يخرسوا ويكفوا ألسنتهم النتنة عن الشرفاء الفلسطينيين الصامدين أمام الآلة الحربية الجهنمية الصهيونية، ولكنهم ابتُلوا ولم يستتروا وفضلوا مناصرة العدوّ الصهيوني، فليس لهم إلا الخزي والعار ولعنات الشعوب العربية والإسلامية واحتقار أحرار العالم.