-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أمام زحف المنصات الرقمية.. ديوان حقوق التأليف مستمر في بيع "طوابع الوهم"

فنانون يدقّون ناقوس الخطر: شبح الإفلاس يهدّد “لوندا”

زهية منصر
  • 554
  • 0
فنانون يدقّون ناقوس الخطر: شبح الإفلاس يهدّد “لوندا”
أرشيف

يعود الحديث في مناسبة كل يوم الفنان، عن دور الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة، ليس فقط في ضمان وصون الملكية الفكرية للفنان، ولكن، أيضا عن دور هذه الهيئة في الدفاع عن الموروث الثقافي والفني للبلاد، خاصة أمام تزايد موجة هجرة وتجنيس الفنانين الجزائريين بالجنسية الفرنسية ولجوئهم إلى جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى بفرنسا “أساسام” لتسجيل أعمالهم، حيث يوجد ما لا يقل عن 6 آلاف فنان جزائري منخرط في “أساسام” وهذا من بين 26 ألف فنان منخرط في الديوان. طبقا لإحصائيات 2020/2021.

وكانت مؤسسة “لوندا” قد حوّلت خلال 2019 ما لا يقل عن 340 ألف يورو أي في حدود 6 ملايير سنتيم كحقوق “اساسام الفرنسية .

يواجه الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة تحديا كبيرا في المحافظة على التراث الموسيقي الجزائري أمام التحديات الجديدة بما فيها الاتجاه إلى الرقمنة وتراجع التسجيل بالطرق التقليدية ومنها “القرص المضغوط” أو “السي دي”.

ورغم ذلك، فإن مؤسسة “لوندا” ولمواجهة شبح الإفلاس فإنها ما تزال تعتمد على بيع الطوابع كآلية في توزيع الحقوق حيث باعت ما بين 4 إلى 7 ملايين طابع خلال الموسم الأخير وهذا رغم الحظر الذي فرضته كورونا ما يطرح عديد الأسئلة حول المعايير التي تعتمدها هذه المؤسسة. وإذا فرضنا أن مليون طابع يباع بما لا يقل عن مليار ونصف مليار سنتيم ومع إضافة حقوق النسخة الخاصة يمكن تصوّر حجم الأموال التي يتم ضخها.

صنف المنتج بلعيد عميروش هذه الممارسات ضمن تواطأ الفشل الذي تنتهجه “لوندا”. وقال المتحدث في اتصال مع “الشروق” إن لوندا ما تزال تعتمد على هذه الطريقة للتغطية على الفشل في مواكبة التطوّرات التي يفرضها التوجه إلى المنصات الرقمية وخيار العصرنة في تحصيل وتوزيع الحقوق. وأضاف المتحدث أن هذه الطريقة تنطوي على تحايل من طرف المنتجين لأن شراء 7 ملايين طابع مثلا يستحيل بيعها في السوق لأن محلات بيع أو حتى تسجيل “السي دي” تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة أمام غزو “الديجيتال” والمنصات الرقمية لهذا تعتبر الجزائر استنادا إلى هذا الخيار يقول بلعيد عمروش آخر بلد في توزيع حقوق التأليف.

وكشف عميروش أنه سبق ووجّه رسائل مفتوحة للمعنيين بالأمر في قطاع الثقافة يدفق ناقوس الخطر أمام شبح الإفلاس الذي يسير إليه ديوان حقوق التأليف الذي ينتهج “سياسية النعامة” ويرفض مواجهة تطوّرات الواقع الرقمي والتكنولوجي ولكن يقول بلعيد عمروش أكد أنه حتى الآن لا حياة لمن تنادي.
وشدّد المتحدث قائلا إنه وفي ظل استمرار مثل هذه الممارسات ورفض القائمين على ” لوندا” العمل على مواجهة التحديات التي يفرضها التطوّر الرقمي، فإن “لوندا” مهددة بالانهيار والاندثار والإفلاس وليس مستبعدا يقول المتحدث تكرار التجربة الاسبانية، حيث أقصى هذا البلد في مؤتمر طوكيو عام 2018 من طرف الكونفدرالية الدولية للملكية الفكرية “سيزاك” وهذا بعد إفلاس التجربة هناك نتيجة سوء تسير ملف حقوق التليف.

وشدد بلعيد عميروش في حديثه للشروق عن الخطر الداهم الذي يهدد التراث الجزائري دون أن تنتبه “لوندا” لذلك وهو تحويل التراث الموسيقي الجزائري بعد سنوات إلى تراث فرنسي وسقوط الحقوق الفنية في الجزائر خاصة أمام موجهة تجنيس الفنانين وانتقال المنتجين إلى تسجيل أغانيهم وإنتاجهم هناك في فرنسا فأغنية خالد مثلا التي يستعد لتسجيلها لدى انيفورسال تحقق حسبه ما لا قل عن 200 و60 ألف يورو، ما يعني أنها ثروة طائل فضلا عن نسبة تراث الجزائر للخارج .

واعتبر بلعيد عميروش أن لجوء جزء كبير من الفنانين والمنتجين هنا لتسجيل أعمالهم في “أساسام الفرنسية” لسهولة الإجراءات المتخذة من طرف هذه المؤسسة الفرنسية وكذا مواكبتها للتطورات الحديثة منها توقيع الاتفاقيات مع كبرى المنصات الرقمية العالمية والتي تتيح للفنان ليس الانتشار فقط بل تحصيل حقوقه والعيش من فنه عكس الجزائر التي لا يزال فيها الفنان يناشد الوزارة في كل أزمة يمر بها لمساعدته بينما كافة الإمكانيات متاحة ليكون لدينا فنانين يعيشون بكرامة بل وبإمكان هذا التراث أن يدر أموالا للبلاد.

ودعا المتحدث السلطات المعنية وعلى رأسها وزارة الثقافة إلى النظر بعين العقل لهذا الملف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سبيل الحفاظ على التراث الجزائري.

يرى الفنان كريم بوراس بأن إقدام الفنانين الجزائريين في التسجيل في “أساسام” الفرنسية يعود لكون العائد المادي من خلال هذه المؤسسة كبيرا بالمقارنة مع ما يعود على الفنان هنا عبر ديوان حقوق التأليف، وأوضح المتحدث أن في فرنسا جالية كبيرة وعدد معتبر من المحطات الإذاعية الخاصة بالجالية فضلا عن أماكن البرمجة الفنية والموسيقية من القاعات والمطاعم والحفلات والتي تسمح للفنان الحصول على عائد أفضل.

وفي مقابل ذلك، نبّه كريم بوراس إلى خطورة سرقة التراث الجزائري ونسبته إلى مؤسسات أجنبية وقد حدث بالفعل مثلا مع النشيد الوطني قسما ومع أغاني دحمان الحراشي، الأمر الذي دفع ديوان حقوق التأليف إلى الدخول في معارك قانونية من أجل استعادتها .

نفس الرأي يتقاسمه مع بوراس مدير أعمال بلال ونصرو وكادير الجابوني والذي يرى أن تزايد تعامل الفنانين الجزائريين مع أساسام الفرنسية يعود أساسا إلى كون الحقوق التي تصل الفنان هنا قد لا تتناسب وحجم انتشاره وإنتاجه وحتى توزيعه وبرمجته. وأضاف المتحدث أن بعض الفنانين يحصلون مثلا على 50 ألف دينا في السنة رغم أن توزيعهم عبر الفضاءات الفنية يكون كبيرا ما يجعل الأمر غير مفهوم لدى هؤلاء فضلا عن الإجراءات الإدارية حيث يجب على الفنان أن يبقى يقضا دائما في متابعة مسار إنتاجه وإلا ممكن أن يكتشف أنه نسب لغيره كما حدث مع الشاب نصرو عندما عاد إلى الجزائر ما اضطره للدخول في معارك الأوراق والإجراءات قبل أن يقرّر العودة إلى الغربة وترك كل شيء خلفه.

ويضيف مدير أعمال بلال أن مثل هذه الممارسات لا تحدث في “الاساسام” بحيث يجد الفنان ما يستحقه من أجر يصله بدقة طبقا لخريطة توزيعه وبرمجته وهذا دون الكثير من الإجراءات ولا تعقيدات فضلا عن اعتماد “أساسام” على طرق حديثه في الترويج وتوزيع الفنانين مثل التعاقد مع المنصات العالمية والاتجاه للرقمنة بينما ما يزال ديوان حقوق التأليف عندنا يعتمد على الطابع. وأعطى المتحدث مثال عن ذلك بفترة الكوفيد فبينما أقرت لوندا صرف منحة من 50 ألف دينار بكل الترسانة من التعقيدات الإدارية وفي الأخير لم تصل لكل مستحقيها بينما في “الاساسام” يكتفي الفنان بإطلاق “لايف” من بيته وبقدر انتشار مادته عبر الفضاءات الرقمية تدفع له “الأساسام”.

من جهته، قال المؤدي نزيم إن الديوان الوطني لحقوق المؤلف اليوم بحاجة لميكانزمات جديدة تجعله يتماشى مع التطوّرات الحديثة التي تسمح للفنانين الجزائريين من الاستفادة بشكل أفضل من جهة والحفاظ على التراث الجزائري من جهة أخرى، ودعا المتحدث إلى تبني بعض التجارب الناجحة مثلا في ما عرف بـ”انتيرميتونس” وهو إجراء تعتمده “الاساسام” وبعض مؤسسات حقوق التأليف حتى في إفريقيا يسمح للفنانين المؤدين أن يحققوا مداخيل بقدر انتشار أعمالهم أي عندما يصل هذا الفنان إلى حد معينة تخصص له “أساسام” منحة مثلا لمدة سنة تسمح له بالعيش بكرامة وراحة وحتى التفرغ لفنه.

وربط نزيم باكو بين بعض المظاهر السلبية في الساحة الفنية وبين تدهور وضعية حقوق الفنان اجتماعيا وثقافيا ودعا في المقابل إلى وجوب أيجاد أشخاص يتقنون التفاوض مع المؤسسات الأجنبية لحماية وحفظ حقوق الفنانين والتراث الجزائري.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!