-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من بعيد

فوز البشير… شبح المحكمة وصمت القاهرة

فوز البشير… شبح المحكمة وصمت القاهرة

نتائج الانتخابات السودانية في شقها الرئاسي، شكّلت منعطفا جديدا يشي بتغيّر مرتقب على المستوى الإقليمي في السنوات القادمة في نظر بعض المحلّلين على الساحة العربية. ويعتمد هذا التوجه، أو التحليل، على النتيجة التي حصل عليها عمر حسن البشير، حيث لم تتجاوز 69٪، وهو ما اعتبر إنجازا مقارنة مع النتائج التي أفرزتها الانتخابات في كثير من الدول العربية الأخرى.

غير أن هذا، وبالرغم من إيجابيته، ليس دالا عن توقعات المراقبين، لكون هذه النتيجة كانت متوقعة ليس فقط لأن كل مؤسسات الدولة وتاريخها وأموالها وحتى تطبيقاتها الإيمانية وخطابها السياسي وظّفت لصالح البشير، ولا لضعف المنافسين، ولا لوجود صفقات مع قيادات الجنوب تحدّثت عنها المعارضة أثناء الحملة الانتخابية، ولا لأن البشير الرجل القوي الأمين كما قدمته أدبيات وبرنامج المؤتمر الوطني ـ الحزب الحاكم ـ في حالة كارثية اعتمدت على تغليف العمل السياسي بالدين، لتقديم صورة لما سمّته بالحكم الراشد، وإنما ـ وهذا هو الأساس ـ لكون الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لازالت في حاجة إلى أدوار يقوم بها البشير في المستقبل، لذلك علينا أن ننظر لفوزه بحذر وترقب، فالشهور القادمة حبلى بكثير من المفاجآت سواء قبل الاستفتاء عن الوحدة بين الشمال والجنوب أو بعدها.

الانتهاء إلى هذا الحكم ليس ضربا من الخيال أو التوقع، ولكنه حديث متداول بين إعلاميين وسياسيين سودانيين، استمعت إليهم أثناء الانتخابات، بهدف معرفة توقعاتهم بخصوص مستقبل بلاهم، في ظل تكالب أمم منها ومن خارجها عليها في زمن ساده التفاؤل والتشاؤم معا. ويرون أنها معرضة إلى مفاجآت قد تغيّر مسار حركة الحكم في السودان وخاصة الرئيس البشير.   

السياسيون السودانيون بخصوص المفاجآت المنتظرة فريقان متنافران، بالرّغم من أنّهما يتحركان في فضاء واحد مشترك، مقدماته واحدة ونتائجه مختلفة.

 الأول: يروّج لفكرة مفادها، أن الاستفتاء في الجنوب السنة المقلبة سيكون لصالح الوحدة، لأن الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس باراك أوباما ترفض تقسيم السودان حفاظا على مصالحها هناك، خصوصا في مجال النفط، حتى أن البعض يتحدث عن (1100) شركة أمريكية تنتظر تحقيق الاستقرار، ولن يكون ذلك إلا بالوحدة، حيث أن أمريكا لا تريد دولتين ضعيفتين، لأن ذلك سيعطل وجودها في المنطقة كلها وليس السودان فقط وقد أبغت الطرفان الفاعلان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) بموقفها.

وبالعودة إلى الانتخابات السّابقة، يرجع أحد القريبين من النظام انسحاب مرشح الحركة الشعبية (ياسر عرمان) لتكون النتائج لصالح البشير بناءً على ضغط أمريكي، وهذا يعني نوعا من الصفقة المشتركة لصالح الخارج على حساب الدّاخل.

الفريق الثاني: يرى أن الاستفتاء في الجنوب سيؤدي إلى الانفصال، وأن نتائج الانتخابات هي بداية الطريق لتكريس الدولتين وسيشهد العام المقبل ولادة دولة جديدة في السودان، وهذا يعني أن إعادة انتخاب البشير يحقق مصلحة الطرفين التي هي بالأساس مصلحة أمريكية.

المهم أن الرأيين، وإن بدا مختلفين، يستندان إلى جملة من الحقائق المشتركة، يمكن ذكر بعضها على النحو التالي:

 أولا ـ التأييد الأمريكي لنتائج الانتخابات، مع ترك خط الرجعة للتشكيك في تبعاتها مستقبلا.

 ثانيا ـ الموقف الغربي عموما من فوز البشير حيث يميل إلى غض الطرف على تشكيك المعارضة في نزاهة الانتخابات.

 ثالثا ـ موقف المعارضة لجهة اعتبارها للحكومة المقبلة “حكومة أمر واقع” وكذلك الحال بالنسبة للحركة الشعبية.

رابعا ـ صمت دول الجوار، خصوصا مصر لم تحرّّك ساكنا في ظل التداعيات الراهنة واكتفت برد الفعل على ما قامت به قطر، مع أن انفصال الجنوب سيؤثر سلبا على وضع مصر، وإن كانت بعض دوائر صنع القرار ترى أن وحدة السودان ليست في صالحها والأفضل أن يظل السودان غارقا في مشاكله، مع أن النظام المصري يعتبر السودان عمقا أمنيا، وفناء خلفيا.

ولكن ما هو مصير دارفور، سواء أكان مصير الجنوب إلى الوحدة أم الانفصال بعد الاستفتاء؟

يرى بعض المراقبين أن الوضع في دارفور سيظل ورقة ضغط على حزب المؤتمر الحاكم بقيادة البشير، وأنه قضية مستقلة على الجنوب، وهو المدخل الأفضل للغرب لجهة التشكيك في دور البشير وقدرته على تسيير الحكم، وبالتالي جرّه إلى المحكمة الجنائية الدولية، ويبدو أن وصوله إلى تلك النهاية أمرا محتوما، إذا أخذنا في الحسبان تجربة الرئيس العراقي الشهيد صدام حسين، وإذا صحّ هذا القول فإن السودان يتجه نحو خطر داهم قد يؤدي إلى حرب أهلية طويلة الأمد.      

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • المصرى الفرعونى

    كاتب المقال صاحب فكر عميق ومتمز وملم بكل الامور بما فيها السيناريوهات المرسومه بدقه للمنطقه من جهة الغرب عامة واتمنى على المسئولين ان يستوعبوا فكر هذا الرجل المحترم واخير ارجوا من الاستاذ خالد ان يتقبل كل احترامى

  • هههههههههههه

    بلاش تماحيك فى اسم الحبيبة والعزيزة مصر

  • talal

    الجريده طلعت نزيه ونشرت تعليق ام الدنيا -
    برافو - وارحمونا شويه - انتم طلعتم القمر ولا كاس العالم

  • مصرية

    والله عندك حق فى كل الكلام اللى انت قولتها وعلشان مفيش كدبة جديد ولا واحد من الجزائرين دخل يعلق ان لم تستحى فافعل ما شئت ارجو النشر ياجريدة يا محترمة

  • السودانى ابن ام درمان

    سيدى خالد عمر بن قفه:- لا شك ابدا أن فوز الرئيس عمر البشير فى هذه الانتخابات المفصلية فى تاريخ السودان (بكل علاتها) بشارة خير لهذا القطر المترامى الأطراف(الى حين اشعار اخر), فهو بحق القوى الأمين و رمز الحكم الراشد فيما يلى من أيام (بغض النظر عن استمرار البشير أو خلفه ايا من كان من حزب المؤتمر الوطنى), هذا ما تشهد به النهضة التنموية الجبارة التى شملت السودان و التى لا ينكرها الا مكابر أو من له مارب أخرى.أما شبح المحكمة هذه, فهو شبح ليس الا و لا يزيد عن كونه كذا, الشعب السودان قال رأيه فى هذه الانتخابات, التى فاز البشير بأعلى الأصوات فى دارفور نفسها(التى من المفترض أنه حرقها عن بكرة ابيها و قطع دابرها و صارت فو ذمة تاريخ أخواتها عاد و ثمود و أمثالهما من الغابرين) و كانت له بمثابة رب ضارة نافعة و يمزرون و يمكر الله و الله خير الماكرين و انقلاب السحر على الساحر و ما شابه ذلك.أما صمت القاهرة حول كل شأن عربى فى لحظة الجد...فى جديد...فهذا ديدن السياسة المصرية المملاة من تل ابيب (عبر واشنطن) منذ اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة, التى قطعت لسان القاهرة و كممت أعينها و وثقت ايديها و شلت عموم حركاتها, حتى صارت تمثال مثل تماثيل توت عنخ امون أو رمسيس أو...أو...غيرهما.أرجوابحث أمور السودان بتعمق و دراية أكبر حتى تتضح الصورة جلية لكل متصفح لهذه الجريدة الواسعة الانتشار بين مواطنى الدول العربية كافة.

  • يحى المصرى

    والله كم احبك فى الله واسف على التعليق رقم واحد فأنا متابع جيد لجميع مقالاتك وفقك الله ارجو النشر يا شرووووووق

  • مصطفى

    متحطش الناس دول في دماغك؟؟؟
    دول الاغبياااااااااااااااء بتوع ال 4 و ال 5 ههههههههه

  • مصراوي

    بذمتك ايه علاقة مصر بالحوار هو خلاص مصر تعباكم اوي كده والله انا متاكد انكم ما بتنموش وبتقعدوا تفكروا تجيبوا سيرة مصر ازاي في اي كلام والسلام ولا تجاهل مصر ليكم اايد نار فيكم فعلا لا تعاتب ولا تناقش السفيه اللي هو طبعا حضراتكم جريدة الشروق وليس الجزاير وشكرا

  • مصرى

    بذمتك هذا عنوان فوز البشير... شبح المحكمة وصمت القاهرة
    ولا عشان بس تخلى الناس تدخل وتقرى موضوعك اللذى ليس به جديد ولا حتى فكر ممكن ان نستفيد منه عمله العنوان ده ؟؟؟؟
    ولا يمكن خلاص بقت اخباركم متتقريش الا لو حطيت فى العنوان حاجه تدل على ان مصر فى الحوار ؟؟؟؟
    ارجو النشر لو كانت الشروق جريده نزيهه كما تدعون

  • لورنس العرب

    أحييك بشده على تحليلك، ولكن مصر لم تصمت لأنها على درايه تامه بما يحدث في دارفور لأن السودان هي العمق الاستراتيجي لمصر، ومنذ أكثر من عشرون عاما والمحاولات مستمره من جانب أمريكا وبعض الدول الاوربيه واسرائيل من أجل دعم انفصال الجنوب او اعطاءه حكم ذاتي وقيام دوله مسيحيه، لكن مشكلة السودان أن الثروه في الجنوب والتجهيزات في الشمال ولا يمكن أبدا ان يعمل طرف منهم دون الاخر، وقد قال لي احد الاصدقاء السودانيين أن وجهة نظر الغربيين اختلفت في موضوع الانفصال، فهم لا يريدون من الجنوب ان ينفصل عن الشمال ولكنهم يريدون من الجنوب أن يسيطر على الشمال!!!

  • Noureddine Zerrouki

    I would like to say thnx for you informations...Really it's a lovely newspaper...May Allah help you