-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في “أغبال” شباب يبني مسكنه قبل العشرين…

في “أغبال” شباب يبني مسكنه قبل العشرين…

أحيانا يضطر المرء إلى العودة إلى الجزائر العميقة ليصحح منظوره ويوجه رؤيته، بعد أن تصله التعقيبات والملاحظات عما يكتب، هل سينتصر منطق اليأس في بلادنا؟ أم هناك مساحة أمل يمكن من خلالها أن نرى المستقبل زاهرا؟

 قادتني، أول أمس، جولة رمضانية إلى جزائرنا العميقة، إلى بلدة من أجمل بلديات ـ ولاية تيبازة ـ في أعالي جبال الظهرة المطلة على البحر: “أغبال”… قبل أن تصل إليها عبر منعرجات جبلية يزيد طولها عن 12 كلم انطلاقا من الطريق الرئيسي الرابط بين “قوراية والداموس”، ينتابك شعور بأنك لن تجدها أبدا، إلا أنك بعد دقائق قليلة من السير، تفاجأ بها تنام بهدوء وسكينة في حضن جبال شاهقة تحيط بها من كل جانب، تحميها بقامتها الفارهة، وتغذيها بمائها العذب الزلال وأشجارها المثقلة بالغلال الصيفية، وتروح عنها باخضرارها ونسيمها العليل..

يمكن لهذه البلدة أن تصبح مزارا للجزائريين، ينعمون بجمالها ويفتخرون بزيارتها، إذا ما واصلت سياستها التنموية، وتم إدراجها ضمن مخطط وطني أكثر طموحا للنهوض بالجزائر العميقة. بل يمكنها أن تتحول في ظرف  05 سنوات إلى أفضل من مثيلتها في أوروبا أو بلدان الضفة الأخرى. لقد تمكنت للتو من الانخراط حقيقة وبلا مجال للشك ضمن سياسة محلية للقضاء على مشكلة السكن نهائيا (أم المشاكل عند الجزائريين)… يكفي أن نعلم أنه لم يبق مواطن واحد بها لم يستفد أو هو في طريق الاستفادة من منحة البناء الريفي البالغة حاليا 70 مليون سنتيم. يكاد المرء لا يصدق عندما يعلم أن عدد الاستفادات المخصصة لهذه البلدة في نطاق السكن الريفي قارب الـ 3000، تم استهلاك نصفها إلى حد الآن. وهو ما يساوي نحو نصف عدد السكان البالغ7121 نسمة، بل ربما لا يصدق أن شبابا لم تتجاوز أعمارهم  الـ 20 قد شرعوا في إنجاز مساكنهم...

 

هي ذي “أغبال”، في مجال السكن لا تحتاج سوى إلى الخطوة الأخيرة لكي تتحول إلى بلدية متكاملة. أما في المجالات الأخرى فلا تحتاج سوى إلى مزيد من الإتقان في العمل، (الطريق الماء، إتمام المساكن، التنظيم…)، لكي تتخلص من صفة طالما التصقت ببلداتنا ومدننا ودولتنا: التخلف. وهي بهذا تعطينا مساحة أمل أن بلادنا جميلة وماءها عذب زلال كماء أغبال، وغلالها وافرة، ومشكلاتنا برمتها ليست مستعصية إذا ما توفرت الإرادة والإخلاص وثقة الناس في الله أولا ثم في أنفسهم وفي بعضهم البعض وفي المستقبل…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!