-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في فلسطين: لا راية بيضاء

صالح عوض
  • 8403
  • 0
في فلسطين: لا راية بيضاء

لا يبعد بيتنا عن مركز شرطة رفح بقطاع غزة سوى بمائة متر.. سقطت الصواريخ الإسرائيلية، يزن كل منها نصف طن على المسجد المجاور لمركز الشرطة.. صواريخ أربعة تلاحقت بين كل واحد والآخر ثوان.. انقطعت الكهرباء وملأ الأفق دخان وغبار، حينها أصبح طعم الموت شهيا.. ما فائدة الحياة؟ كم كنا مخادعين لأنفسنا ونحن نتوقع عيشة سلمية مع هؤلاء المجرمين القتلة؟ ما أتفه من يحاول أن يجرب حظه في مفاوضات مع إسرائيل!! لقد ملأ اليقين القلوب ان من يقصفنا بصواريخ الفانتوم لا يمكن ان يفكر بأن ننال شيئا من حقوقنا وكرامتنا.. كان يوما داميا أزهقت صواريخ اسرائيل فيه أرواح أكثر من ستين فلسطينيا وأصابت بالجراح مئتين.عندما تكون في فلسطين وترى قذائف الصواريخ الإسرائيلية وتسمع دوي انفجاراتها ويعبق أنفك الغبار الناتج عن سقوطها ترى الامور واضحة تماما.. ترى السماسرة من الحكام الذين يبيعون فلسطين وأهلها مقابل بقائهم على كراسي الهوان، ترى بأم عينيك أن العدو الخطير هو عجز اخوتك وأهلك العرب الذين يقفون على بعد أمتار من مذبحة تتعرض لها الاسر الفلسطينية الامنة وهكذا تتضح المسألة بأنها على اعتبار انها سوق للنخاسة والبيع بالمزاد العلني والسمسرة الرخيصة.. للاسف لم يعد مطلوبا ان يتوقف الفلسطينيون عن التدخل في الامن العربي، بل اصبح مطلوبا ان يتحول النضال الفلسطيني عن مساره إلى اتجاه منحرف عن مصلحة الشعب والقضية.القمة العربية والدفاع العربي المشترك والقرارات العربية وأكثر من ذلك التعهدات من قبل الحكام المطبعين مع إسرائيل كل هؤلاء أين هم؟ هم يتعنترون الآن على سورية ويهددونها بعدم عقد مؤتمر القمة فيها وضرورة ان تخضع لشروط صناعة الرئيس في لبنان.وفي الخليج أيضا نراهم يتحدثون بملء أشداقهم عن الامن القومي ومستلزماته وعن جزر الامارات العربية الثلاث أو عن القنبلة النووية الإيرانية.. وتعقد المؤتمرات الإقليمية والمباحثات وتوضع الخطط وتبرمج الأجهزة لإحباط أي تقدم في المنطقة من شأنه ان يحررها من ربقة الاستعمار.غزة اليوم، في مذبحة أو محرقة أو هلوكوست، فماذا سنفعل؟ المطلوب من الفلسطينيين ان يركعوا وان يرفعوا الراية البيضاء، فهل هذا ممكن؟ الذي يشاهد الفلسطينيين وهم يرفعون أجسادهم من تحت الدمار وهم يصلون على شهدائهم أو يدفنونهم في المقابر الذي يقدر له ان يعيش معهم الان يدرك ان اسهل شيء عندهم الموت ولا أحد يكترث به، بل الجميع يتمنى ميتة الشهداء..لن ترفع غزة الراية البيضاء.     

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!