-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قانون الإعلام ومعركة الذكاء الاصطناعي

قانون الإعلام ومعركة الذكاء الاصطناعي

المُتابع للنقاشات التي صاحبت مشروع قانون الإعلام الجديد الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني، لا شك أنه لاحظ أنها أهملت جانبا مهمًّا تشهده الساحة الإعلامية عبر العالم.

وتواجه الصحافة عبر العالم اليوم، تحديات كبيرة بسبب التحولات السريعة نحو الإعلام الرقمي، عجزت حتى كبرى المؤسسات الإعلامية عن مجاراتها، ليصطدم الجميع مع بداية 2023، بثورة في الذكاء الاصطناعي يقودها روبوت الدردشة “شات جي بي تي”.

وجاء في التقرير السنوي لوكالة رويترز حول اتجاهات الصحافة والإعلام والتكنولوجيا في 2023، أن علامات إخبارية كبيرة وتاريخية ستسرِّع التحوُّل إلى نموذج رقمي، شأنها شأن قنوات تلفزيونية بسبب المنافسة الشرسة من المنصات الرقمية.

وهذا التحوُّل نحو النماذج الرقمية، لدى وسائل إعلام غربية، بدأ مبكرا خلال السنوات الأخيرة من أجل مواكبة التحولات السريعة للتكنولوجيا والصحافة الرقمية.

ومع بداية السنة الجارية وقعت ثورةٌ غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي، عبر روبوت الدردشة “شات جي بي تي”، جعلت المؤسسات الإعلامية عبر العالم أمام تحديات أكثر تعقيدا حول كيفية التكيف مع هذه التحولات التكنولوجية.

وفي هذا السياق، قرأنا قبل أيام تصريحا للرئيس التنفيذي لمجموعة ألمانيا للإعلام والنشر، ماتياس دويبفنر، يقول فيه إن الصحفيين معرَّضون لخطر استبدالهم بأنظمة ذكاء اصطناعي مثل “شات جي بي تي”.

وحسبه، فأدوات الذكاء الاصطناعي، مثل “شات جي بي تي”، تعدُّ ثورة في ميدان المعلومات، وستكون قريبا أفضل في تجميع المعلومات من الصحفيين البشر، مما يدفع الصحافة إلى أن تكون أفضل مما كانت وتتطور، أو ببساطة سيحلّ محلها.

هذه التحديات، التي أضحت تؤرِّق المؤسسات الإعلامية عبر العالم، كان جليًّا أنها كانت خارج نقاشات قانون الإعلام الجديد في الجزائر، مع العلم أنه حتى قبل هذه المرحلة كانت الصحافة في الجزائر متأخرة في مواكبة تحولات الإعلام الإلكتروني والتي  بدأت قبل سنوات.

ولا يتطلب الأمر دراسات معمقة للوقوف على ذلك، فيكفي أن يجري الواحد منا عملية بحث عبر محرك غوغل حول موضوع أو معلومة تخص الجزائر وبأي لغة يريد، وسيكتشف أن أغلب نتائج البحث تقودك إلى مواقع أجنبية وليست جزائرية، مع العلم أن الجزائر بها قرابة 180 جريدة ورقية وأكثر من مائة موقع إلكتروني إخباري.

وهذه النتائج التي تقدِّمها محركات البحث ليست اعتباطية، بل مبنية على معايير عدة، فيها شقٌّ تقني حول تهيئة المواقع الإخبارية للمنافسة على الانترنيت، وشقٌّ يخص المحتوى، إذ أضحت الكتابة لمحركات البحث اليوم تخصصا قائما بذاته في الإعلام الدولي.

ومن الغرائب أن هذا التخصص لا يوجد أصلا في مناهج التدريس بأقسام الإعلام في الجزائر، دون الحديث عن غياب التكوين في الميدان رغم تأكيد الرئيس تبون استعدادَ الدولة لدعم برامج التكوين.

هذا الوضع فسح المجال أيضا أمام مراكز تكوين مزيَّفة تحتال على طلبة الإعلام وحتى الصحفيين بدورات يشرف عليها أشخاصٌ لا علاقة لهم بالمهنة.

هذا الواقع الذي يعشيه الإعلام الجزائري، يستدعي تحركا من أهل المهنة وحتى من القائمين على القطاع للتكيف ومواكبة هذه التحولات الرقمية المتسارعة، من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ التحذيرات التي أطلقها رئيس الجمهورية ووزير الاتصال من تصاعد الحملات الإعلامية الالكترونية، ضد الجزائر خلال الآونة الأخيرة، لا يمكن التصدي لها في ظل حضور إعلامي ضعيف عبر الشبكة العنكبوتية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!