-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قسوتنا‭ ‬ليست‭ ‬حقدا‭..‬

حفيظ دراجي
  • 8081
  • 7
قسوتنا‭ ‬ليست‭ ‬حقدا‭..‬

عندما ننتقد أحوالنا ونقسو على بعضنا البعض ونعترف بسلبياتنا وأنانيتنا وضعفنا وسوء أحوالنا، فإننا نفعل من أجل التغيير والإصلاح ونعبر عما يفكر فيه ويتمناه الكثير دون حقد أو انتقام أو كراهية ودون الحاجة إلى ذالك أصلا، ولا نفعل من أجل التضليل والتشهير وتسويد الأمور والتأثير على المعنويات، بل نفعل، لأن أمهاتنا ولدتنا أحرارا، وثورتنا ومبادئنا وقيمنا علمتنا المصارحة والمكاشفة، والواجب يفرض علينا قول كلمة الحق مهما كان الحال، ومن يعتقد غير ذلك فهو الحاقد والجاحد، وهو الجبان الذي يخاف من التغيير والتجديد، ويخاف على مصالحه‭ ‬ومكتسباته‭ ‬الشخصية‮.‬‭ ‬

  • عندما يقسو الوالد على ابنه ويقومه ويضربه فإنه لا يكرهه ولا ينتقم منه ولا يتنكر له، بل يحرص على مصلحته وتربيته على التعامل مع مقتضيات الحياة ومتطلباتها وصعوباتها، ومن أجل إصلاح اعوجاجه وتنشئته على المبادئ والأخلاق. 
    عندما ننتقد أداء التلفزيون وابتعاده عن طموحات الشعب وكل المهنيين، ونريده متميزا فإننا ندرك بأن قدراتنا أكبر من أوضاعنا الحالية وبأننا ننتمي إلى شعب  يستحق قناة عمومية قوية وقنوات متخصصة متعددة وأخرى مستقلة تعبر عن التنوع والثراء لسياسي والثقافي والاجتماعي الذي تزخر به الجزائر. ولما تنتقد الأسرة الإعلامية مسودة مشروع قانون الإعلام فإنها تفعل مقتنعة بأن جزائر اليوم لن تعود إلى الوراء، ويجب على السلطات العمومية الالتزام بما وعد به الرئيس في آخر خطابه بعدم تجريم المهنة والتأسيس لعهد جديد في التعامل مع السلطة الرابعة. عندما ينتقد المحلل والمدرب والصحفي أي لاعب أو نادي أو منتخب فإنه يفعل ذلك من أجل تحسين الأداء وتحقيق نتائج أفضل، وليس من أجل استغلال مشاعر الناس وعواطفهم والسطو على انجازات أو إخفاقات الآخرين، ومن يقصد غير ذلك ينكشف أمره لا محالة..
    عندما يتحدث الخبير المالي والاقتصادي عن القوانين التي تجاوزها الزمن وعن سوء تسيير المال العام والرشوة المتفشية والتبذير المستفحل، ويتحدث عن الاستثمار الأمثل لمواردنا المالية والبشرية لا يجب أن نخونه ونعزله ونستهتر بآرائه واقتراحاته، ونعتبره خطرا على مصالحنا‭.    ‬
    عندما يتحدث الفنان عن جمود الحياة الثقافية في الجزائر وضرورة الإفراج عن قانون الفنان وإشراك كل الفاعلين في تنشيط الحياة الفنية والثقافية والسينمائية والمسرحية، يجب أن نصغي إليه ونأخذ بيده ونرافقه بلطف وعطف وتفهم..  
    عندما يتحدث المعلم والأستاذ والطالب عن منظومتنا التربوية والتعليمية وضرورة تكييفها مع الحداثة والعصرنة ومتطلبات العولمة، وضرورة تحسين ظروف الأستاذ والتلميذ، لا يجب أن نغفل عن مطالبهم ونقصيهم من المشاركة في النقاش من أجل التغيير الذي نحلم به.
    عندما‭ ‬يتحدث‭ ‬الطبيب‭ ‬والمريض‭ ‬عن‭ ‬منظومتنا‭ ‬الصحية‭ ‬وضرورة‭ ‬إصلاحها‭ ‬وتطويرها‭ ‬وتكييفها‭ ‬مع‭ ‬الحداثة،‭ ‬لأنها‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬التطور‭ ‬والتحضر،‭ ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬تلبي‭ ‬طموحات‭ ‬وتطلعات‭ ‬شعب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نخفف‭ ‬عنه‭ ‬الآلام‭..         ‬
    عندما نتحدث عن الظروف الاجتماعية الصعبة والأزمة الأخلاقية المستفحلة التي يعيشها أبناؤنا وشبابنا فإننا نفعل من باب الواجب، وليس من أجل التشهير أو لأغراض سياسية ضيقة، ونفعل، لأننا شعب يستحق العيش الكريم في مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، ويستحق وطنا‭ ‬وبلدا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التضحيات‭ ‬والإمكانيات‭ ‬المتوفرة‭.‬
    أما عندما ننجح ونتألق في الدبلوماسية والاقتصاد والرياضة والعلوم ونحقق الانجازات في البنى التحتية والسكن والشغل والفلاحة فيجب أن نعترف ونثمن ذالك، ونستثمر في النجاح ونقدر الرجال ونحميهم ونشجعهم على المزيد ونستمر في الجهد لأجل المزيد..    
    ببساطة وصراحة عندما ندعو إلى الاستثمار في النجاح أو إلى التغيير والإصلاح  وانسحاب من لا يقدرون على خدمة الوطن والشعب فإننا لا نرجو ولا ندعو إلى استقالة الدولة وتهربها من تحمل مسؤولياتها والقيام بدورها وواجبها من خلال رجالها ومؤسساتها، بل ندعوهم إلى تحمل مسؤولياتهم، لأن الواجب يقتضي ذلك والتاريخ لا يرحم، لذلك أضم صوتي إلى الأصوات المنادية بضرورة الإسراع في الإصلاح والتغيير، وأقول بصوت عال ما يفكر فيه الكثير بصوت منخفض، ولا يعلنون جهرا بحكم التزامهم  بمبدأ التحفظ وخوفهم على لقمة عيشهم ووو.
    كلنا مدعوون للقيام بواجبنا في عدم السكوت والتنديد أو التشجيع، وطرح المشروع البديل دون إقصاء وأنانية أو نكران للجهود التي بذلها الرجال والمؤسسات، ودون هاجس أو خوف من المستقبل، ودون مزايدة على بعضنا البعض أو شكوك في النوايا، لأن السكوت عن الظلم والجهل والركود‭ ‬والفساد،‭ ‬والهروب‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬وطغيان‭ ‬الملل‭ ‬هي‭ ‬العيوب‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعيقنا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬نريده‭ ‬لأبنائنا‭..‬
    لقد‭ ‬حان‭ ‬موعد‭ ‬احترام‭ ‬وتقدير‭ ‬من‭ ‬يكشفون‭ ‬أخطاءنا‭ ‬وعيوبنا‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬يطبلون‭ ‬ويزمرون‭ ‬للحاكم‭ ‬والمسؤول‭ ‬ويقفون‭ ‬مع‭ ‬الواقف،‭ ‬ثم‭ ‬ينقلبون‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬منعرج،‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لكي‭ ‬نستفيق‭ ‬من‭ ‬سباتنا‭ ‬العمق‭.‬
     
    derradjih@gmail‭.‬com‭  ‬
     
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • أنيس

    فاقو بيك يا حفوظ غير بدل الخطة راك تلعب ضد مرماك

  • awicha

    سلام ترباو شوية بركاو ما اكلو في بعضكم ليك يا جمال حفيظ ا دار فيك خير

  • بدون اسم

    انت الذي تتعالى على الجزائريين فى الخارج بل تحتقرهم ل يحق لك ان تنصحنا و قد كنت جزءا من اللعبة و لزلتا

  • djamel

    لم اعرف في حياتي احقد منك يا ااصوري .اثهناوا منك في ااتلفزيون

  • عبد القادر ب

    نعرفك كما كنت ولازلت وستبقي يا حفيظ جزائري حر صاحب كلمة ذات وزن ومعنى حقيقة انت ترفع رية الاعلام العربي

    شكرا لك

  • farida

    saha ftourek hafidh

  • صلاح الدين

    فهمتك يا حفيد وردك منطقي ة تعرف أن أهم بهده العقليات لايريدون أن يتقدمو همهم الاحتكار في كلش والخوصصة الاعلامية تفضحهم شكرا لك لقد أصبت فأنت غيور علي وطنك ربي يكون في عونك