-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قلة العِلم والحيلة

قلة العِلم والحيلة

ما كاد العالم بفقرائه وأغنيائه، يُلملم جراحه، بعد جائحة كورونا التي قتلت في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، قرابة مليون ونصف مليون نسمة، وحطمت عالمي المال والأعمال، حتى دخل العالم في دوامة جديدة، تمثلت في التغيّرات الجوية، التي صارت تهدد البشرية جمعاء، بحرارة شديدة، ضحاياها يسقطون في شتى أنحاء العالم، وقد يزداد الوضع تأزما بعد أن قلبت الحرارة الخارطة النباتية والحيوانية..

رأسا على عقب. ومثل هذه الظواهر الطبيعية التي سوّت ما بين كل شعوب العالم، أكدت جميعها، بأن الإنسان لم يؤت من العلم إلا قليلا، فحتى أمريكا التي زعمت دائما بأن مفاتيح العلم بين أيديها، وقادرة على حماية الكرة الأرضية من أي كارثة مناخية أو جيولوجية أو فلكية ممكنة، تبدو مع كل ظاهرة، أول ضحية، كما حدث لها مع الأعاصير ومع وباء كورونا ومع التغيرات المناخية المتسارعة.

أكدت جائحة كورونا تساوي الناس، في كل شيء، فقد كان الإنجليز وهم يشاهدون سقوط ضحايا الوباء، أمام رفع رئيس وزرائهم بوريس جونسون لراية الاستسلام عندما “عزّاهم” قبل الموعد بقرب مفارقة أحبائهم للأبد، يحتارون كيف يموت أبناءهم بعشرات الآلاف، ولا يمسّ الوباء مستعمراتهم القديمة والحالية، في “جامايكا وسانت لوسيا وغرينادا”، ولم تمض أشهر الوباء العجاف، حتى تغيّرت الكثير من موازين القوى في العالم. وظهور مجموعة “البريكس” كقوة عالمية جديدة وتراجع دول الغرب، هو نتاج ليقين الناس من قلة العلم والحيلة، لدى من زعموا وأوهموا العالم بأنهم القوة الأولى، بل الوحيدة على وجه الأرض.

لم تتأكد شعوب العالم فقط، من كون “القوى الكبرى” عاجزة عن حمايتها من مخاطر الأوبئة والمناخ المتغير، كما كانت عاجزة عن حمايتها من الزلازل والبراكين والفيضانات والجفاف والمجاعات والفتن والحروب، بل إنها تيقنت بأنها عاجزة حتى عن حماية نفسها، وهي تتساوى في همّها مع الشعوب المكلومة، بعد أن ظلت لعقود تجني الفوائد من مصائب البلدان، وما يحدث من تحديات ورفض لتسلطها من بلدان كثيرة في السنوات الأخيرة، هو دليل على أننا اقتربنا من نهاية حقبة يمكن أن نقول بأنها كانت الأسوأ والأشدّ سوادا، على شعوب العالم، وخاصة الشعوب العربية والإسلامية التي جعلوها حقل تجارب، وعلقوا عليها كل مصائب الدنيا، التي اخترعوها، من تخلف وإرهاب.

يحفظ الناس آية قرآنية وردت في سورة الإسراء: “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”، وهم يتأكدون من يوم إلى آخر بأن الذين حاولوا أن يقولوا دائما، بأنهم قد نفذوا من أقطار السموات والأرض من دون سلطان، إنما كانوا يسوّقون الأوهام، التي نسفتها الأعاصير والأوبئة والاحتباس الحراري، والحقيقة أن الجميع مازال على خط الصفر لم ينطلق بعد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!