-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قمة العشرين: هذا يحفر لهذا!

قمة العشرين: هذا يحفر لهذا!

افتتحت قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية هذا السبت. لم يحضرها قادة “البريكس” الكبار الصيني والروسي، وحضرها الباقون وتم ضم الاتحاد الإفريقي العضو رقم 21، من دون أن تُغيِّر المجموعة اسمها، وفي ذلك دلالة على “الوزن” الذي تُعطيه المجموعة للأفارقة… ولم يعد يخفى عن أحد، أن المجموعة على وشك الانفجار، بها ثلاث كتل رئيسة: الغرب بقيادة الولايات المتحدة ويضم مجموعة السبع وباقي دول الاتحاد الأوروبي، والشرق بقيادة الصين وروسيا، وباقي الدول التي يريد كل طرف استمالتها لجانبه أو استخدامها ضد الآخر، وتقف الهند بين الجميع في محاولة أن تصنع لنفسها دور القائد الجديد للجنوب… ما الذي سيحدث لهذه المجموعة، وأي مآلات تنتظرها؟ وأي موقف ينبغي أن يكون لنا نحن، الدول التي هي خارج المجموعات والكل يتنافس لكي تكون له لا عليه؟

يبدو أنّ علينا الانتباه إلى أن الدول الكبرى اليوم تلعب ورقة الإيقاع ببعضها البعض، كل يحفر للآخر، وينبغي ألاَّ نكون نحن الضحية القادمة… اللعبة اليوم مكشوفة أمامنا:

ـ هناك مزاعم توبة غربية وأمريكية عن التوقف عن استغلال العالم، ومساع لإقناعنا بنسيان كم كان الاستغلال بشعا تجاهنا إلى حد لم نتمكن معه طيلة العقود الماضية (ما بعد استعادة الاستقلال السياسي)، من الانطلاق في بناء اقتصاداتنا أو مؤسساتنا، وأخرى لإقناعنا بأنهم اكتشفوا أخيرا ظلم النظام المالي العالمي ومؤسساته (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكبرى البنوك العالمية) وأنهم سيقومون “قريبا” بإصلاحه، وإقناعنا بأنهم أخطأوا بدعم الأنظمة الدكتاتورية والعميلة والمُرتَشية التي كانت ترعى مصالحهم وسيرفعون اليد عنها بدعم تغييرات “ديمقراطية” حقيقية (وليست شكلية هذه المرة) مُقابل مطلب واحد أن ننظر للصين وروسيا كدكتاتوريات شرقية قادمة وأن نحذر منهما.

ـ في أجندة الرئيس الأمريكي أن يُفجّر “البريكس” بالهند، وأن يستغل الأموال الخليجية لبناء خط سكة حديد يربط الهند بأوروبا وخط بحري بالتوازي معه ليقطع الطريق على مشروع الحزام والطريق الصيني.

ـ وفي أجندة المجموعة الغربية (مجموعة السبعة) أن يتم استمالة الدول الإفريقية التي تزايد لديها الوعي بمقومات القوة البشرية والمادية التي تملك، بمقعد شكلي يوهمها أن العالم تغيّر وقد أصبحت لديها فعلا “مكانة” فيه…

ـ وفي أجندة الهند أن تلعب على الحبلين… هي مع الشرق في “البريكس”، ومع الغرب ضد “البريكس”.. لتكون “بهارات” (الاسم الجديد المُقترح للهند)، حلم رئيس الوزراء الهندي “مودي” كي يُصبح زعيما عالميا وليس للهند فقط.

ـ وفي أجندة الصين وروسيا أن يتم بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب ينهيان معه حقبة النظام الغربي الليبرالي الذي تَنَكَّر لهما كحضارتين شرقيتين مختلفين معه في القيم والمبادئ، يريدان استرجاع مكانتهما.

ـ وليست هناك أجندة واضحة لبقية العالم.

هكذا هي الصورة اليوم في مجموعة العشرين، تكاد تكون قاب قوسين أو أدنى من الانفجار، وقد أصبح أعضاؤها كل يحفر من تحت أقدام الآخر ليراه ذات يوم ساقطا على الأرض.

وعليه، ليس أمامنا نحن الدول التي تُصنَّف اليوم “بلا أجندة” وبخاصة الإفريقية والعربية منها أن نتجنب الوقوع في كمائن هذا أو ذاك، وأن نسعى بكل هدوء لكي نمنع استغلالنا مرة أخرى في معارك ليست من أولوياتنا.

إننا لا نستبعد أن يُضحِّي الغرب بأوكرانيا في هذه القمة بعد أن يُلاحظ عدم تمكُّنه من الإيقاع بروسيا فيها، وأن تُضحِّي أمريكا بأوروبا إذا ما لاحظت أنها أصبحت عبءا على هيمنتها على العالم، ولا نستبعد أن تضحِّي الصين وروسيا بالهند (داخل البريكس) إذا ما لاحظتا سعيها للتحالف مع أعدائهما.. وعندها ستعرف بقية الدول الأخرى التي صدَّقت هذا أو ذاك، أو تسعى لذلك، بأنَّ هناك حفرة أخرى تنتظرها في يوم من الأيام، لأن الجميع يحفر للجميع في عالم يقول عن نفسه اليوم إنه لا يرحم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!