-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قمّة الجزائر و”قمة” الداخلة المحتلة

حسين لقرع
  • 2606
  • 0
قمّة الجزائر و”قمة” الداخلة المحتلة

كان على الإعلام المخزني المدعوم بالذباب الإلكتروني، قبل أن يهاجم قمّة الجزائر بضراوة ويفتعل معاركَ وهمية بشأن خريطة الصحراء الغربية، وغيابِ الملك محمد السادس، وكيفية استقبال وزير الخارجية ناصر بوريطة، والوفد الإعلامي المغربي الذي تعمّد محاولة تغطية أشغال القمة بلا اعتماداتٍ مسبقة… كان عليه أن يقارن بين قمة الجزائر  و”القمة” التي ينوي المغربُ عقدها في أراضي غيره بمشاركة الاحتلال الصهيوني في جانفي المقبل، لعلّ ذلك يُشعره ببعض الحياء والخجل.

الجزائر استضافت قمة أول نوفمبر بهدف حشد الدعم العربي للقضية الفلسطينية التي تراجعت على سلم أولوياتهم في السنوات الأخيرة، وتفعيل آليات تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية الموقّع بالجزائر في 13 أكتوبر المنقضي، ومحاولة بعث العمل العربي المشترك الذي تآكل بفعل كثرة الخلافات البينية، وغيرها من القضايا المشتركة… أما “القمة” التي يسعى المخزنُ إلى عقدها في مدينة الداخلة الصحراوية المحتلّة لانتزاع اعتراف الاحتلال الصهيوني بـ”حقه” في احتلال هذا البلد، فهي نسخةٌ ثانية من “قمة” العار بالنقب التي جرت بفلسطين المحتلة في أواخر مارس الماضي، وشاركت فيها أربعُ دول عربية مطبِّعة، وخلالها وقعت عملية الخضيرة التي قتل فيها فدائيان فلسطينيان ضابطين بجيش الاحتلال وجرحا 10 آخرين في عملية بطولية، فلم يتردّد بوريطة في إدانة العملية واعتبارِها “إرهابا” وقدّم “تعازيه الخالصة” لأسرتي الضحيتين، في حين استُشهد عشراتُ الفلسطينيين في حرب ماي على غزة وبعدها في جنين ونابلس وغيرها، منهم العديد من الأطفال، من دون أن يدين بوريطة أيّ جريمة للاحتلال أو يقدّم أيَّ تعزية للعائلات الفلسطينية.

هي إذن قمّة عار ثانية دعا إليها المخزن هذه المرّة وسينظّمها في مدينة الداخلة الصحراوية المحتلة، لـ”تعزيز المشاريع الإقليمية في مجالات الأمن الإقليمي، والأمن الغذائي والمائي، والصحة، والتعليم، والسياحة”… وهي مشاريع لا تزيد المغربَ وباقي دول التطبيع إلا تبعيةً للاحتلال، وسكوتا عن جرائمه اليومية بحقّ الفلسطينيين.

لذلك نقول إنّ غياب المهرولين عن قمة الجزائر هي لا حدث، لأنها أصلا قمَّةٌ للفلسطينيين، وجهدٌ جزائريٌّ يسعى إلى إعادة القضية إلى صدارة الاهتمامات العربية، وهذا ما لا يستقيم مع الهرولة وبيع القضية الفلسطينية واختراقِ الأمن القومي العربي من خلال التحالف الأمني والعسكري مع الاحتلال.

بقي أن نقول لمن يطعن في مخرجات قمّة الجزائر ويروّج مسبقا لعدم تنفيذها، ككلّ القمم السابقة، بعد أن طعن من قبل في اتفاق المصالحة بين الفلسطينيين: الجزائر عملت كلّ ما في وسعها لجمع شمل الفلسطينيين وتحقيق المصالحة بينهم، ولم تتركهم إلا بعد توقيع “إعلان الجزائر”، والكُرة الآن في مرماهم، فإن لم ينفذوا ما اتفقوا عليه، وبقيت الخلافاتُ سائدة بينهم كما يحصل منذ 2007 إلى الآن، فهذا شأنهم، والعبرة بالسعي إلى الصلح وليس برفض الآخرين، لكنّ عدم تنفيذ اتفاق المصالحة هو مجرد احتمال فقط، ويُحتمل أيضا أن يُتعِب الخلاف وطولُ الجفاء الفلسطينيين فيدفعهم إلى التصالح هذه المرة، لذا ينبغي أن نمنح الاتفاق بعض الوقت ولا نسبق الأحداث.

كما أنّ الجزائر عملت ما بوسعها لحشد الدعم العربي للفلسطينيين، وليست مسؤولة إذا واصل العربُ خذلانهم وطعنهم في الظهر أو طبّعت دولٌ أخرى مع الاحتلال، فالجزائر لن تطبّع، كما أنّ الفلسطينيين لم يعودوا ينتظرون الكثير من العرب بدليل أنّ فِتية من نابلس وجنين والخليل حملوا البنادق وطفقوا يقتحمون حواجز الاحتلال ومستوطناته ويُثخنون فيهم قتلا وجرحا ويقاتلون إلى آخر رصاصة ويرتقون شهداء والسلاح في أيديهم.. هؤلاء الأبطال لا يضرّهم إن طبّع المخزنُ أو انبطحت دولٌ أخرى، هم فقط من يصنع تاريخ فلسطين ويكتبه بأحرف من رصاص ودم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!