قوانين الاتصالات السلكية واللاسلكية تجاوزها الزمن
أكد خبراء في تكنولوجيا الاتصال، أن القوانين التي تحكم القطاع والتي صدرت سنة 2000 ومنها القانون رقم 2000 – 03 المؤرخ في 5 أوت سنة 2000، يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد وبالمواصلات السلكية واللاسلكية، تجاوزها الزمن ولم تعد صالحة لضبط القطاع في سوق مفتوحة للمنافسة المحلية والدولية نتيجة التغييرات الجوهرية التي طرأت على السوق الجزائرية خلال الـ12 سنة الأخيرة على المستويات التقنية والتكنولوجية وعادات الاستهلاك وشروط مزاولة أنشطة الأعمال والاستثمارات في القطاع من قبل شركات جزائرية وأجنبية.
وقال يونس قرار، الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، في تصريحات للشروق، إن قرار الحكومة القاضي بتكليف نفس الأشخاص بتحضير القانون الجديد الذي يحكم قطاع البريد وتكنولوجيا الاتصال سنة 2008 هو السبب الرئيسي في فشل إطلاق مشروع الجزائر الالكترونية وفي الفوضى والتخلف الذي يعرفه القطاع اليوم بالمقارنة مع دول الجوار.
وأوضح قرار، أن القانون الجاري العمل به حاليا متخلف جدا إلى درجة أن بعض العبارات أصبحت غير صالحة تماما وأن بعض الممارسات في السوق ليس لها أية مرجعية قانونية، لأنها مستحدثة وظهرت بفضل التقنيات والتكنولوجيا الجديدة بعد صدور القانون الجزائري، كما أن نفس القانون العتيق يمنع المتعاملين في القطاع من إقامة استثمارات جديدة وخاصة في مجال المتعامل الافتراضي أو “التفكيك “(dégroupage) الذي يمكن أي متعامل آخر لا يملك الشبكة من تقديم خدمات متنوعة ومختلفة على شبكة تابعة لمتعامل آخر.
وانتقد المتخصص في الاتصالات حالة الركود والجمود شبه التام والتداخل بين الهيئات المشرفة على القطاع، مشيرا إلى أن التشريع الحالي لم يوضح بشكل صريح دور كل من وزارة البريد وتكنولوجيا الاتصال ودور سلطة الضبط للبريد والمواصلات والاتصالات السلكية واللاسلكية ودور السلطة الجزائرية المتخصصة في منح الذبذبات، بدقة مما أحدث هرجا ومرجا كبيرا في القطاع الذي يزداد تخلفا يوما بعد آخر.
واستطرد المتحدث أن سبب التخبط الحالي هو استمرار خوف الحكومة من المضي قدما نحو انفتاح حقيقي لقطاع الاتصالات على الرغم من الأشواط المتطورة التي قطعتها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجال على حساب الجزائر على الرغم من الأهمية الاستراتيجية تقنيا واقتصاديا لتحرير القطاع بطريقة جدية وكاملة.
ودعا يونس قرار، الحكومة إلى وضع خوفها جانبا والعمل على إصدار قوانين جديدة لضبط القطاع بالشكل الذي يسمح لدولة مثل الجزائر باستدارك التأخر الفظيع في القطاع مثل ما هو معمول به في العالم، مشيرا إلى أن السوق الجزائرية قادرة على استيعاب متعاملين جدد في قطاع الاتصالات الثابتة والجوالة لتقديم خدمات جديدة ذات قيمة مضافة عالية من خلال تقنيات التفكيك والمتعامل الافتراضي التي قطعت أشواطا متقدمة في الأسواق التنافسية الحقيقية، وكذا من أجل وضع قوانين مشددة تفرض النظام وتنهي الفوضى الحالية.
واستغرب، الدكتور فريد فارح، الخبير في تكنولوجيا الاتصالات ، كيف أن الجزائر لا تطبق مبدأ حرية تغيير المشتركين للمتعاملين مع احتفاظهم بنفس الرقم (La portabilité du numéro) على الرغم من أن ملكية أرقام الاشتراك في الهاتف الثابت والجوال تعود للدولة مثلها مثل جواز السفر، ولا يمكن لأي شركة من الشركات أن تستحوذ على هذه الأرقام تحت أي مصوغ كان، مشيرا إلى أن سلطة الضبط الحالية غير قادرة على لعب دورها.
وأضاف فارح، في تصريحات لـ”الشروق”، أن المشاكل والفوضى التي يعيشها القطاع من سنوات تعود إلى عجز سلطة الضبط على القيام بدورها والغياب التام للدولة في القطاع، مشددا على ضرورة إصدار قوانين جديدة تراعي التحولات التكنولوجية الجوهرية التي عرفها القطاع مع ضرورة أن تتضمن القوانين الجديدة تعريفا دقيقا لمصطلحات سوق الاتصالات وحالات الهيمنة والمنافسة وشروطها والجهات وشروط الحصول على الرخصة في مجال الاتصالات النقالة والثابتة والتفكيك والمتعامل الافتراضي، وتعريف السوق بشكل جيد بالشكل الذي يمكن من تحديد المفهوم الجيد للهيمنة: هل تعني عدد المشتركين أو نوع الخدمات أو رقم الأعمال.. إلخ.
ويضيف المتحدث أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تتوفر على قانون للتدفق السريع للانترنت، وهو ما يؤكد أن القانون الحالي تجاوزه الزمن، كما أن القانون الحالي لا يمنع مثلا أن يقوم متعامل ما ببيع تجهيزات بأسعار مدعمة.