-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قيام النهار

عمار يزلي
  • 2634
  • 0
قيام النهار

هذا اليوم، أعتبره أول يوم عادي لي في هذا الشهر غير العادي.. لأول مرة أستقبل رمضان بالنوم قبل طلوع الشمس إلى غسق الليل، فقد نمت لثلاثة أيام، خصم لي أجرها في الدنيا (مع مدير الثانوية الذي اعتبر النوم ثاويا بالنسبة إلي في هذا الشهر الكريم، مع أنه ركن أساسي سادس في اعتقادي). نمت لأول مرة مطمئن البال، على أساس أننا قد دخلنا في عطلة مدفوعة الأجر، فلا نريد الآن من النوم إلا الثواب والمغفرة في هذا الشهر الفضيل!

كما جرت العادة، لابد من احترام قدسية النوم وعدم تدنيسه بالصراخ والعويل والأصوات والزعيق.. أغلقت باب بيتي بالمزلاج الحديدي حتى لا يُفتح من الخارج، وضبطت المنبه على دقيقتين قبل الأذان، وأرخيت الستائر.. الله يستر.. وشمّعت أذنيّ الاثنتين حتى لا أسمع حس أحد، واستقبلت القبلة وسميت الله وطلبت منه أن يعجل بالمغرب! تصوروا 17 ساعة نوما، لكن أحسنوا عوني وتصوروا أيضا العكس: 17 ساعة صوما، وأنت لا شغل لك سوى أن تنتظر المغرب أو تهدر حتى يجف حلقك وتزبد شفتاك، أو تخرج لتتخاصم مع الناس المتخاصمين أصلا!

لا أريد أن أحكي لكم ما رأيت في كوابيس النهار.. كل ما أكلته ليلة أمس، عاد علي نهارا بكوابيس أثقل من جبل أحد: خليط من الأحلام والكوابيس والمنام الفارغ من المحتوى، كلب يعضني من الرقبة، أهوي من جبل فأسقط وأعود إلى الحياة. أنقلب من جرف فلا أتمزق وكل ما أشعر به هو هلع وأنا أصرخ فأستيقظ لأعود إلى النوم كأن شيئا لم يكن، ولا حلم جميلا ولا رؤيا.. كلها حروب ومجازر وافتراسات، كأنني أعيش في غابات الأمازون!

قبل أن تقرع الأجراس عند رأسي: أقصد المنظمة الاتصالية للإنذار المبكر، بقدوم وقت الأكل والشرب، التي ركبتها بوسائل تكنولوجيتي الخاصة، كنت لا أزال أهترف: ردسني بغل في الظهر فسقطت على البطن فانطوت رقبتي وتهشم رأسي عندما هويت على صخرة حادة، ولم تكن الصخرة سوى صوت المغرفة المعلقة عند رأسي من رِجلها العرجاء كمشروع الدستور، تحدث صوتا كما لو أنك ضربت “بماصيطا” ثقيلة بورطاي حديد رهيف السمك، صوت مجلجل رعدي لا ينقصه إلا البرق والمطر. تصوروا من عز النوم والتهتريف والشخير، لتجد نفسك فجأة يصكك بغل ويتهشم رأسك وصدرك ورقبتك وتفيق على صوت شبيه بصوت الناقور يوم الحشر؟

أفقت مذعورا وقلبي يضرب 150 كلم في الساعة في أوطوروت شرق غرب وأمامي منعرج ترابي إثر انزلاق تربة بسبب عمل الفساد في فساد العمل!

صرخت صرخة مدوية لم يسمعها أحد، رغم أن أذني كان فيها صمم بسبب تصميمي على ألا أُسمع أحدا، وقمت بتشميعهما حرصا على سلامة نومي وعافية راحتي الأبدية!

أفقت وأنا لا أعرف ماذا يحصل ولا أين أنا؟ بقيت خمس دقائق أبحث عن نفسي في الظلمة أين أنا ومن أنا بالضبط وماذا أفعل هنا؟ وهل هو الليل أم النهار أم  الصبح أم المساء أم يوم عمل صباحا أم يوم جمعة ليلا، هل هو أربعاء أم ثلاثاء. أأعمل اليوم أم.. قبل أن أعرف أني في شهر رمضان وأنا صائم.. الله أكبر! المغرب أذّن ولم أستقبل الأذان بالدعاء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة…

وأسرع إلى الطاولة آكل بعد نحو 10 دقائق من التأخر: كدت ألا أجد إلا البقايا.. مع ذلك أكلت بقايا وجزءا من وجبة الأبناء، لأني كنت آكل مغمض العينين بلا غسل الوجه!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    ه‍ههههههههههه. راهو غالب رمضان ..راك تهدر غير على الماكلا ..
    خاصة في مقالك عطلة مرضية
    بصح باين بلي راك خدام راك تكتب و الدليل مقالتين في يوم الجمعة..هذا ما اطلعت عليه انا .. والباقي الله اعلم

    صح رمضانكم

    يونس.