كأس العالم والجزائر
انتابني خوف شديد، وأنا أتابع المباراة الفاصلة بين المنتخبين الجزائري ونظيره البوركينابي المؤهلة إلى كأس العالم بالبرازيل، خوفا من إقصاء قد يعيدنا إلى نقطة الصفر، ويزيل من الخريطة الكروية الوطنية والدولية جيلا من اللاعبين، اكتشفتهم الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بعد تنقيب وبحث عن لاعبين جدد بعدما تأكد اعتزال أغلب لاعبي جيل أم درمان. الذي قهر الفراعنة في مباراة تبقى راسخة في أذهان الجزائريين… نجاح الجيل الجديد والتأهل إلى كأس العالم بقيادة المخضرم مجيد بوقرة يزيدنا إصرارا على المثابرة وإيجاد جيل آخر من اللاعبين وتكوينهم وتأطيرهم ليكونوا حاضرين بعد أربع سنوات في مونديال روسيا 2018.
التجديد الذي قامت به الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بجلب المدرب الأجنبي وحيد خاليلوزيتش مكان الشيخ رابح سعدان وعبد الحق بن شيخة، ورغم أنه أعطى ثماره وضمن للخضر تأهلهم إلى كأس العالم، إلا أنهم يستحقون مدربا أحسن منه بشهادة الجميع. البوسني ومنذ قدومه إلى الجزائر منذ ثلاثين شهرا تقريبا، لم يستقر بعدُ على تشكيلة أساسية، وخلق مشاكل عديدة تارة مع الصحفيين، وتارة أخرى مع اللاعبين مثلما حدث مع تايدر وبودبوز وجابو، وحتى مع رئيس الفاف، محمد روراوة، حين راح في آخر ندوة صحفية له ينتقد الفيفا والكاف. خاليلوزيتش، الذي قام بتغييرات كبيرة في المقابلة الفاصلة أمام بوركينا فاسو، كادت أن تكلفنا غاليا لولا إرادة اللاعبين، الذين نسوا في المرحلة الثانية من المباراة كل الخطط التكتيكية المعترف بها في قاموس كرة القدم، ولعبوا بالحرارة الجزائرية، والضغط الجزائري، وهمهم الوحيد هو إسعاد الجزائريين وإدخال الفرحة في نفوسهم، وهو ما حدث فعلا بعد نهاية المباراة حين خرجنا إلى الشوارع للتعبير عن فرحتنا رغم الأمطار الغزيرة والبرد الشديد… ونسينا همومنا ومشاكلنا اليومية، وعشنا نشوة الفرحة والانتصار الذي غاب عنا منذ هدف عنتر يحيى بأم درمان..
الاحتفال بالتأهل سيدوم أياما وأسابيع، لكن لا بد من العودة إلى الواقع، والتفكير في التحضير الجيد لكأس العالم، بعد معرفة منافسينا في القرعة المقررة في السادس من شهر ديسمبر القادم بالبرازيل.
المشاركة الرابعة للخضر في هذه المنافسة العالمية، تجبرنا على التفكير من الآن في تحديد الأهداف المرجوة من الحضور في كأس العالم، هل المشاركة من أجل المشاركة مثلما حدث في المرات السابقة أم محاولة الذهاب بعيدا في هذه المنافسة، ولمَ لا التأهل إلى الدور الثاني وتمثيل العرب أحسن تمثيل بعد أن تبددت أحلام الأشقاء التونسيين والأردنيين والمصريين في التأهل إلى كأس العالم!
الرجوع إلى الأصل فضيلة… لا نريد أن يغطي هذا التأهل غابة المشاكل التي تتخبط فيها كرة القدم الجزائرية، علينا أن نعود قليلا إلى بطولاتنا واحترافنا وملاعبنا وحكامنا وشبابنا، فهل يعقل أن يتأهل منتخب إلى نهائيات كأس العالم وبطولته ضعيفة، وملاعبه معشوشبة اصطناعيا، وجمهوره لا يجد الراحة داخل الملاعب وخارجها، والكل يتحدث عن الرشوة ولا أحد بإمكانه التصدي لها.. هل المسؤولون عن الرياضة في الجزائر سألوا يوما عن سبب التأخر في إنجاز الملاعب التي وعد الرئيس بوتفليقة بإنجازها قبل نهاية عهدته؟ وهل هؤلاء الذين فرحوا ككل الجزائريين بالتأهل إلى المونديال وجدوا حلولا للمشاكل التي تتخبط فيها الرياضة الجزائرية؟ نشوة التأهل إلى نهائيات كأس العالم تجعلنا نفكر في مشاركة مشرفة، وإيجاد حلول لمشاكل الكرة في الجزائر…