-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كتَّابٌ أصغر من القضية

سهيل الخالدي
  • 2615
  • 4
كتَّابٌ أصغر من القضية
ح.م

أجد أنه من واجبي إبلاغ قرائي بالسرعة الممكنة أني اعتذرت يوم الخميس 4/8/2013 عن عدم قبول ترشيحي لأمانة فرع اتحاد الكتاب الفلسطينيين بالجزائر، في المؤتمر الذي انعقد في مقر سفارة فلسطين بدالي إبراهيم، بحضور الصديقين عبد الفتاح إدريس وسميح محسن، إلى الأمانة العامة في رام الله.

 اعتذرت علنا في القاعة رغم أن اسمي كان واردا في القائمة المعدّة، ورغم أني من أولئك الذين أسهموا في تأسيس هذا الاتحاد العام في سبعينيات القرن الماضي ثم فرع الجزائر، وأنا الذي صغت أول اتفاقية دولية بين الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين عام1975 واتحاد الكتاب الجزائريين حين كان يرأسهما مالك حداد في الجزائر وناجي علوش في فلسطين، ومن شخصياتهما عبد الله ركيبي ويحيى يخلف وما أدراك الرجلين.

والسبب فيعود إلى اللحظة الأولى من جلسة الافتتاح حيث قام الرئيس بمقاطعة وقمع الكاتب صالح عوض وهو من هو في الساحتين الفكريتين، ورغم أني أختلف مع كثير من طروحات الزميل عوض إلا أنه يظل أحد رجالات الفكر في الوطن العربي لابد من الاستماع إلى رأيه كاملا، فاعترضت على المقاطعة وقلت إن هذا الاتحاد ليس حزبا ولا فصيلا ولا وظيفة .. إنه تجمع فكري ولاشيء غير ذلك.. ورغم أن القاعة صفقت لكلامي إلا أن عقلية المحضرين للمؤتمر كانت عقلية البحث عن المواقع الصغيرة والصراعات الرديئة.. فاحتدم النقاش حتى وجدت نفسي في موقف لم أكن أتوقعه حتى في أحلامي.

لقد حضرت في المؤتمر كل الصراعات الرديئة وغاب الصراع الفكري وبالتالي غابت القضية الفلسطينية التي يجتمعون في ظلالها وليس من أجلها، فلم تقدم أيّ مداخلة فكرية مهما صغرت، ورغم أن المؤتمر سمي باسم صديقنا الراحل ابن الشاطئ وسرني أن التقيت ولده الشاعر أيضا عدي، إلا أن أحدا لم يذكر كوكبة الفلسطينيين الذين شاركوا الجزائر في كفاحها الثقافي، وحين طلب أحدهم بتخليد القامات الفكرية الفلسطينية، طالبت بأن يشمل ذلك القامات الفكرية الفلسطينية التي قدمت للعالم أكبر العقول، فماذا عن ادوارد سعيد أكبر عالم اجتماع في أمريكا؟ وماذا عن هشام شرابي أستاذ كلينتون؟ وماذا عن أحمد طيبي أستاذ الحضارة في جامعة أكسفورد وجامعة الجزائر؟.

وللأمانة أقول إنه في عام 2000 حين عقد المؤتمر القومي العربي في الجزائر أنا الذي تقدمت إلى المناضلين عبد الحميد مهري رحمه الله ومعن بشور أطال الله في عمره بفكرة ضرورة الاهتمام الثقافي بالعرب في الأمريكيتين، وبالفعل أصدر مركز دراسات الوحدة العربية كتابا قيما جدا عنهم وفتح لهم المجال للعضوية، ومنهم أشهر أطباء التخدير في أمريكا المفكر كمال خلف الطويل، ومنهم نقيب الصحفيين العرب في الولايات المتحدة محمد دلبح، وغيرهم كثير من رجال الخندق الأول في الدفاع عن القضية العربية عموما والفلسطينية خصوصا في ساحة الفكر العالمي.

 لكن ساحة القتال الفكري الحقيقي غابت في مؤتمر فرع اتحاد الكتاب الفلسطينيين في الجزائر وحضر قتال المواقع الصغيرة والصراعات الرديئة التي لم أخضها يوما ورضيت بالمعاناة التي يعرفها قرائي جميعا، وأعلنت انسحابي من المؤتمر، وهنا تدخل الصديقان القادمان من رام الله فتريَّثت لكني اعتذرت عن عدم الترشح علنا في القاعة رغم ورود اسمي في القائمة المعَدَّة.

 لقد حدث في هذا المؤتمر أمران مدهشان:

 1- أن الذي كان يطرح طرحا فكريا ويحدد بدقة علاقة الثقافي بالسياسي هو السفير لؤي عيسى رغم أن وظيفته هي الديبلوماسية.

2- أن الكاتب صالح عوض الذي تم قمعه في بداية الجلسة ويقال إن طروحاته الفكرية ليست على وفاق تام مع طروحات السلطة الفلسطينية تجاوز المسألة وحضر الجلسات حتى نهاياتها ورشح نفسه لعضوية المؤتمر العام وحصد نصف أصوات القاعة.

 ورغم وضعي الصحي الذي لا يُحتمل وعثاء السفر، إلا أني قفلت راجعا إلى البويرة حاملا معي أسفي الشديد على تدنِّي المستوى الفكري عند هذا الجيل من الكتاب الفلسطينيين، بل والمستوى السلوكي عند بعضهم. وحمدت الله على ما قدّمه لنا الغرب من أنترنيت تتيح لي التواصل مع كتّاب كبار أمثال يحي يخلف ورشاد أبو شاور ووليد أبوبكر وغيرهم.

 وهنا أجد من الضرورة أن أبيح جزءا من سر وهو قول صدام حسين لبعض السياسيين الفلسطينيين وفيهم بعثيون طرحوا عليه همومهم اليومية: “قضيتكم أكبر منكم”.  وأعاد صدام ترتيب أوراقه مع ياسر عرفات واستشهد قبله وهو يقول “فلسطين حرة عربية”.

 لقد ذكّرتني بكل ذلك كلمة السفير لؤي عيسى لمجموعة تعقد مؤتمرها في داره وتقدم نفسها باسم الثقافة والفكر ليثبتوا أنهم أصغر من قضيتهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • عبد الله

    لعلهم يبتسمون

  • الجزائرية

    هو موقف مشرف ما قمتم به أستاذنا الفاضل سهيل الخالدي وهل للإنسان من قيمة غير موقف مشرف يسجله في لحظة زمنية يحولها الزمن إلى تاريخ وهو حتما سيبقى في سجل مواقفك الثابتة اتجاه القضية التي لا تقبل الميل أو المساومة أطال الله عمرك وأمدك بدوام الصحة و العافية .آمين

  • محمد

    عاشت فلسطين مسلمة حرة عربية ...لها نحيا و عليها نموت ...من نصرها نصره مولانا ...ولو تدكير الاجيال نبل القضية و عمقها في تحرير العقول من الفكر الجبروتي الدي لا يرى الا قوة السلاح ...فتحجر قلبه و رثاه عدوه ...فلا سبيل الى تحريره من رصاصه الموجه الى صدور مليئة بالشهادة و نية الجهاد ...الا ضربه بالعلم الفياض من عقول راسخة في حب الاله ...تكتب هنا و تكشف اسرار العلم بالقلم و تنشر السلطان للنفاد الى اقطار السموات ...فعشتم للعلم تنظرون و تنيرون من غشاه ظلام الجهل فتؤجرون ...كما حياتكم جهاد فكلمتكم كدلك.

  • عبد الله

    زوال المعسكر الاشتراكي كشف عوراتنا و ابان وهننا و عجزنا عن رفع اي تحد. النتيجة هي اننا ذهبنا مطاطئي الرؤوس نبحث عن مكان في مؤخرة الطابور الذي كان يقف فيه امراء و ملوك الخليج طمعا في ان يرانا الاسياد من نافذتهم فيرضوا عنا و لعلهم يبتسموا لنا و قد يتقدم منا احد منهم فيربت على كتفنا.