الرأي

كفى كراهية!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1712
  • 8
أرشيف

يسود هذه الأيام جدلٌ عقيم حول أبعاد الهوية الجزائرية، ما شكَّل فرصة لمرضى النُّفوس لبثِّ سموم الفرقة بين الجزائريين على أساس عرقي أو لغوي أو جهوي، وفيما يتنكر البعض للبُعد الأمازيغي بكل مكوناته كأحد أبرز عناصر الهوية الوطنية، يذهب عددٌ كبير من المتطرفين إلى إنكار عروبة الجزائر وإطلاق الأوصاف العنصرية الدنيئة على كل من يؤمن بأن الجزائر بلدٌ عربي وإسلامي!

والغريب أنّ هذا الجدل العقيم يأتي في ظروف خاصة يمر بها العالم أجمع، يتمثل في التهديد الذي يشكله وباء كورونا على مستقبل البشرية كلها، وهو ما يجعل نقاشات الهوية ضربا من التّرف الذي لا معنى له ولا أثر له غير إحياء النّعرات الضّيقة وإثارة الانقسامات والصراعات.

لذلك كله؛ فإنّ قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية جاء في وقته لوقف هذا الانحراف الخطير الذي تشهده مواقعُ التواصل الاجتماعي من خلال تجريم الظاهرتين وتسليط عقوبات صارمة على المتورِّطين في هذه الممارسات والتي تصل أحيانا إلى حدود خطيرة تتجسد في التحريض على التمييز والعداء والعنف.

وهنا لا بد من الإشارة إلى الآلاف من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تغذي هذا التوجُّه الخطير بعضها في الخارج وبعضها داخل الجزائر، بل إن الكثير من الناشطين لا يتورَّعون عن ازدراء عناصر الهوية الوطنية، ووصل الأمر ببعضهم إلى شن حملة شعواء على كاتبٍ فلسطيني معروف بحبِّه للجزائر وأهلها، يتحدَّث فيه عن العربية والإسلام كعناصر أساسية في الهوية والوطنية، والأسوأ أن الكثير ممن يعدُّون أنفسهم مثقفين انخرطوا في هذه الحملة ضد الكاتب الذي لم يصدر عنه ما يطعن أو يهوّن من أبعاد الهوية الجزائرية، بل إنه يعترف بالتّنوع الثّقافي والعرقي للجزائريين ويعتز بالبُعد الأمازيغي.

هذا التطرُّف والغلوّ لا يبشر بالخير، لأنه ينطوي على نيَّة خبيثة للتفرقة بين الجزائريين على أساس لغوي وعرقي، مع أن الجزائريين انصهروا منذ قرون ولم يحُل التنوُّع الثقافي واللغوي دون وحدتهم، لذلك فإنّ الوقت قد حان لتجسيد قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية، خاصة في شقه الذي ينص على أخلقة الحياة العامة ونشر ثقافة التسامح والحوار ونبذ العنف في المجتمع، وكذا اعتماد آليات لليقظة والإنذار المبكر عن أسباب الآفتين.

وأول خطوة هي رصد الحسابات المحرِّضة على الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تلك التي تُخفي هويات أصحابها، والوصول إليهم ليس صعبا، كما يتعيَّن وضعُ حدٍّ للمعارك “الدونكيشوتية” حول الهوية، لأن الأمر مفصول فيه منذ قرون.

مقالات ذات صلة