-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كل له رئيسه.. ويبحث عن رئيس!

كل له رئيسه.. ويبحث عن رئيس!

نعرف من يحكم الجزائر، ولكننا لا نعرف من يحكم الجزائريين، لأن كلا منهم يريد أن يحكم نفسه بنفسه، ويريد حاكما على مقاسه، وقانونا على مقاسه، وسياسة على مقاسه، ومدرسة على مقاسه، وطريقا على مقاسه، ومديرا على مقاسه… وإلا لانتفض ورفض وصاح ولغط واعتبر أن كل شيء فاسد وكل شيء سيء، وينبغي أن يراه الجميع كذلك.

هناك غياب لثقافة الوسط عندنا، وغياب لثقافة النظر للآخر من الزاوية التي ينظر بها هو لنفسه، ومحاولة البحث عن القواسم المشتركة، والتغاضي عن الفروقات.. هناك غياب لثقافة التماس الأعذار لبعضنا البعض، ولثقافة قبول الآخرين كما هم من دون أن نحاول صبغهم باللون الذي نريد.

كل يريد للآخر أن يكون كما يريد، ويرفض هو أن يكون بعضا مما يريده الآخر…

هي حالة نفسية ينبغي أن تزول إن عاجلا أو آجلا، وقد بدأ الوعي بها في بعض المستويات، حيث النقاش اليوم هو أننا ينبغي أن ننتقل من سيطرة العقل الطفولي الذي يمكن أن يتحول من حالة البكاء الشديد إلى حالة الفرح المفرط في لحظات قليلة، إلى سيادة العقل الناضج القادر على تحديد نقطة الوسط وحالة التوازن والقرار الرصين. وينبغي أن يستمر هذا الانتقال التدريجي إلى جميع المستويات لكي نصل بالفعل إلى مرحلة نستطيع أن نتخذ فيها قراراتنا بعقلانية ومن غير إفراط ولا تفريط عند اختيار الرئيس.

اليوم أمامنا أكثر من بديل للرئاسيات، المرغوب والمرفوض والمطلوب والمعقول والمدفوع وحتى المغامر والمجنون… وعلينا أن نختار واحدا منهم، لأننا لا يمكن أن نعيش في أمن واستقرار من دون رئيس. فأيهم نختار؟ المنطق يقول أن الغالبية ستختار الخيار المعقول، والواقع يقول أن من بيننا من سيختار حتى الخيار المغامر والمجنون، فهل سنترك الجنون يحكمنا إذا لم نتمكن من تحقيق ما نرغب فيه؟

ينبغي أن نخرج من حالة النظر إلى الآخر من خلال الذات الفردية، والانتقال إلى النظرة الوسطى المتوازنة القادرة على إحكام العقل والترجيح بين الخيارات من خلال النظرة الجماعية، لأننا إذا لم نقم بهذه الخطوة سنختار كل البدائل المطروحة أمامنا إلا البديل العقلاني والمعقول، رغم أنه هو الأنسب لمرحلتنا القادمة والقادر على جمعنا باعتباره وسطا بين المرغوب الذي هو حلمنا والمجنون الذي  هو غاية بعضنا.

وهي الثقافة التي من دون شك التي ستمكننا من أن لا نتردد عند الخيار القادم بين الرغبة والعقل والجنون…

ونحن نعلم أن ليس هناك جنون أكبر من أن يكون لكل منا رئيسا بداخله، وليس هناك عقل أكبر من أن يطيح كل منا بهذا الرئيس الذي يسكنه ويقبل بذلك الذي يتقاسم الولاء له وحبه، مع غالبية الجزائريين، وتلك مساحة الأمل…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!