الرأي

كن فاشلا لترقى

رشيد ولد بوسيافة
  • 3878
  • 8

من غرائب السياسة وإدارة الشأن العام في الجزائر، أن التعيينات في المناصب الحسّاسة لا تكون بمعايير الكفاءة والرصيد العلمي والمهني، بقدر ما هي عملية توزيع مناصب باعتبارات الولاء والطاعة حتى وإن كانت عمياء.

وإلا ما معنى أن يعود الوزراء الذين استبعدوا من الحكومة بعد أن تفجّرت قطاعاتهم بالاحتجاجات، وارتبطت بالفشل والكوارث من بوابة مجلس الأمة الذي تحول مع الوقت إلى فضاء اجتماعي يقضي فيه متقاعدو السياسة سنوات للراحة والاستجمام.

فقطاع الصحة الذي غادره الوزير السابق، والسيناتور الحالي جمال ولد عباس، وهو في أسوأ حال، لا نجد فيه أثرا لإنجاز يذكر، اللهم إلا الحديث عن أمراض الفقر التي تقتل الجزائريين دون غيرهم من الشعوب، والسرطان الذي تحول إلى وباء يقتل شخصا في كل عائلة جزائرية، بل إن ولد عباس لم يوفّق إلا في إثارة غضب نقابات القطاع التي تنفّست الصعداء برحيله.

وفي قطاع التربية لم يصدّق الكثير من أبناء القطاع، رحيل أبو بكر بن بوزيد، الذي بقي صامدا رغم تغيير الحكومات والرؤساء والسياسات، ونفّذ إصلاحات لا زالت تثير جدلا إلى اليوم، حيث تشير بعض التقارير إلى تراجع خطير في مستوى تحصيل التلاميذ، وهناك من يتحدث عن تخريج المدرسة الابتدائية لآلاف الأطفال الأميين الذين لا يحسنون القراءة والكتابة، وذلك هو أساس العملية التعليمية.

وفي قطاع التكوين المهني، ما هي الحسنة التي يمكن أن ننسبها للسيد الهادي خالدي، في ظل الرداءة المكرسة في هذا القطاع الذي لا ينتج يدا عاملة مؤهلة، وإنما يخرّج الآلاف من البطالين بشهادات من ورق، في وقت تشكو المؤسسات الوطنية والأجنبية من غياب اليد العاملة المؤهلة، وغالبا ما يتم استيرادها من الصين ومصر والمغرب ودول أخرى.

وفي قطاعات الفلاحة والصحة والتضامن الوطني، وهي القطاعات التي مر عليها سعيد بركات، لا يمكن العثور فيها على إنجاز مذكور، اللهم إلا تلك الملايير التي وزعت على مستصلحي الأراضي فغمرتها رمال الصحراء، ولم نجد لها أثرا إلا في قاعات المحاكم عبر فضائح الامتياز الفلاحي وما شابهه.

أما قطاع الشباب فهل يمكن اعتبار تلك “الملحمة” التي نفّذها الوزير جيار، عندما أشرف على نقل مناصري “الخضر” إلى أم درمان، إنجازا يؤهله للعودة إلى مجلس الأمة، لعله يصدح بأفكار أخرى تنقذ الشباب من متاهات الانحراف والبطالة.

هي نماذج للفشل تحول أبطالها إلى سيناتورات، إلى جانب أولئك الذين وصلوا بالانتخابات بطرق لا نريد التفصيل فيها، والنتيجة أن مجلس الأمة لا يمكن العثور فيه على عالم واحد أو مخترع أو شخصية بارزة لها دورها في بناء الجزائر المستقلة، إذااستثنينا بعض المجاهدين الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير.

مقالات ذات صلة