-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عزوف بسبب الخوف ومرضى يعانون

كورونا يجفف مراكز التبرع بالدم عبر المستشفيات

كورونا يجفف مراكز التبرع بالدم عبر المستشفيات
ح.م

تشهد مراكز التبرع بالدم نقصا كبيرا في التزود بهذه المادة الحيوية، بسبب عزوف المتبرعين، خاصة منذ بداية تفشي وباء كورونا المستجد، وهو ما زاد معاناة المصابين بالأمراض المزمنة والذين يحتاجون لنقل الدم بصفة دورية، ما جعلهم يواجهون خطر الموت.

“الشروق” تواصلت مع عدد من المرضى الذين تحدثوا عن معاناتهم منذ بداية انتشار وباء “كوفيد 19″، ونقلوا صورا للبيروقراطية التي تعرفها الكثير من مراكز وبنوك الدم، حيث لا يمكنك الحصول على كيس الدم إذا لم تكن مقربا من أحد مسؤولي المركز، وهو ما أدخلهم في دوامة.

بدورنا نقلنا هذا الانشغال إلى مختصين في المجال، وكشفوا لنا أسباب عزوف الناس عن التبرع، موضحين حقيقة ما يحدث في بنوك الدم، مع تقديم الحلول الممكنة لإنقاذ المرضى، الذين ينشرون نداءات استغاثة متواصلة للحصول على الدم.

“المعريفة” تضاعف معاناة المرضى 

تواصلت معنا “جميلة” التي كانت ترافق صديقة لها بمركز نقل الدم في مستشفى بني مسوس بالعاصمة، بغرض الحصول على كيس الدم، فقالت إن الأمر أضحى خطيرا فعلا، في ظل عزوف المتبرعين وتعنت مسؤولي المركز ورفضهم منح أكياس الدم إلا ب “المعريفة”.

وراحت محدثتنا تسرد لنا تجربتها في مستشفى بني مسوس، تقول إنها رافقت صديقتها لتحصل على كيس الدم لوالدها الذي يعاني من مرض البروستات وفقر الدم، معتقدة أن الأمر سيستغرق ساعة على الأكثر إلا أنها قضت يوما كاملا، حيث كان مدخل المركز يعج بالناس الذين اصطفوا في طوابير منتظرين دورهم.

وتحدثت جميلة عن الإهمال الذي تشهده المصلحة وعن رفض رئيس المصلحة منحهم الدم، بالرغم من أن أهل المريض هم من جاؤوا بالمتبرعين، وفي حال أراد المريض الاستفادة من الدم في المرات المقبلة عليه جلب متبرعين جدد، على الرغم من أن الدم الذي منحه المتبرعون في المرة السابقة يكفيه عدة مرات، وختمت بالقول أن الأمر تطلب تدخل أحد معارفها لدى المدير في سبيل حصولها على ما تريد.

نفس المعاناة تناقلها العديد من الباحثين عن متبرعين عبر صفحات التواصل الاجتماعي، حيث أخبرتنا ليندة التي وضعت منشورا بصفحة فايسبوكية تطلب متبرعين لوالدتها التي تعاني من مرض الكلى، أن هذه الأخيرة تحتضر بسبب عدم تمكنهم من الحصول على حاجتها من الدم، حيث قضت أسبوعا كاملا في رحلة البحث عن متبرعين، بما أن مراكز حقن الدم يشترطون جلب المريض لمتبرعين في سبيل حصوله على هذه المادة الحيوية.

تدخل وزارة الصحة أضحى أمرا ضروريا

قال رئيس شبكة جمعيات الأمراض المزمنة، عبد الحميد بوعلاق، إن قطاع الصحة يعاني من نقص كبير في مجال أكياس الدم، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة، بحيث تمنح الأكياس إلا لأشخاص مقربين وبوساطات، إذ يطلب من المريض إحضار متبرعين وإلا سوف يبقى يعاني في صمت إلى غاية وفاته.

وطالب بوعلاق في حديث لـ “الشروق” بضرورة التدخل العاجل لوزارة الصحة لتدارك هذا النقص الفادح في أكياس الدم والقضاء على البيروقراطية في التوزيع.
هذا ما يجب فعله لتشجيع المتبرعين وإنقاذ حياة المرضى..

وأوضح المختص في الصحة العمومية، الدكتور أمحمد كواش، أنه منذ ظهور الجائحة انتشرت فوبيا التقرب من المستشفيات وبدأ العزوف عن زيارتها حتى لغرض العلاج، وهو ما تسبب في قلة الراغبين في التبرع بالدم وحتى بالنسبة للمتعودين على العملية، نظرا لتخوفهم من الإصابة بكوفيد 19 أو لنقص مناعتهم في حالة التبرع.

واستطرد الدكتور قائلا أن توجه أغلبية الجمعيات الناشطة لمشاريع أخرى ساهم كذلك في نقص أو غياب حملات التبرع المحلية والوطنية، ونفس الأمر ينطبق على أجهزة الأمن التي كانت تقوم بمثل هذه المبادرات، حيث تحول انشغالها لمواجهة الجائحة”.

وأضاف “هذه كلها عوامل تزيد من الضغط على بنك الدم المحلي والوطني وتفسح المجال لمعاناة اصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة، التي تحتاج إلى حقن الدم مثل سرطان الدم، فقر الدم، تصفية الكلى وجراحة القلب وكذا الحوادث الخطيرة على غرار حوادث المرور، وحتى عملية استيراد الدم في الوقت الراهن قد تكون مستحيلة في ظل الوباء العالمي الذي يجبر الدول على الاستعداد لأي طارىء صحي”.

وبخصوص الحلول الممكنة لمواجهة هذا العجز وإنقاذ حياة المرضى، قال المختص ذاته، إنه يجب العمل على إحياء مبادرات محلية ووطنية لعملية التبرع بالدم وتنبيه الجمعيات لهذا النشاط، مع ضرورة توعية المجتمع للقيام بالعملية التي ليس فيها أي خطر أو عدوى وتتم في ظروف وقائية ممتازة ولاتؤثر على المناعة بالعكس تنشطها.

ندعو المتبرعين الدائمين إلى التحلي بالشجاعة والقوة

أكد رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، معاناة المرضى في عملية نقل الدم منذ ظهور الوباء، حيث تشهد هذه الأخيرة ركودا على غرار ما يحدث في جميع المجالات، قائلا أن أمر عزوف المتبرعين راجع إلى تخوفهم من انتقال عدوى فيروس كورونا إليهم، وهذا من خلال ابتعادهم عن المؤسسات الاستشفائية قدر المستطاع.

وأشار زبدي إلى لجوء الكثير من المصحات والعيادات إلى حلول مؤقتة لاحتواء الوضع، تمثلت في مطالبة المريض بجلب متبرعين قبل الدخول إلى المصلحة، فيما اشترطت بعضها أن يصل عدد المتطوعين أربعة أشخاص، وبالرغم من هذا هنالك عجز مسجل فعلا.

ودعا المتحدث ذاته المتبرعين الدائمين والمعتادين إلى التحلي بالشجاعة والقوة، في سبيل إنقاذ أرواح مرضى يحتاجون بشدة إلى قطرة دم، ومن أجل كسب الأجر كذلك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • قناص قاتِل الشـــــــــــر

    بل الكورونا كشف شوء التسيير في ادارة المستشفيات وخصوصاً التبرع بالدم