-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كورونا يعيد ترتيب القيم

كورونا يعيد ترتيب القيم
أرشيف

أعادت جائحة فيروس كورونا التي تفتك بأوروبا وأمريكا تصحيح العديد من المفاهيم، وأعادت ترتيب سلّم القيم في المجتمعات، بعد أن طمستها ثقافة الاستهلاك، وهوى بها الإعلام المبتذل، والفن الهابط، إلى مستويات سحيقة من التّخلف، لدرجة أصبحت نجمة الإغراء أعلى درجة في المجتمع من الطبيب الذي ينقذ المرضى، وما يجنيه لاعب كرة قدم يكفي لتمويل جامعة كاملة تضم آلاف الأساتذة والطلبة.

هذا في الغرب الذي لازال يقدس العلم ويرفع أهله، أما عندنا فإنّ سلم المجتمع بلغ درجة من الاختلال لم تحدث في العالم أجمع، بدليل أن المتسرب في السنوات الأولى من الدراسة يمكن أن يتحول أحد أعيان المجتمع، بعد أن يشترى كل شيء بالمال، من المناصب إلى الدرجات العلمية إلى التكريمات والجوائز والأوسمة!

ومن الطبيعي عندنا أن يتحول الطالب المجتهد الذي نحج في مشواره الدراسي إلى موظف عند المتسرب من الدراسة، ومن الطبيعي كذلك أن تجد عاملا عاديا في شركة بترولية يبني بيتا واسعا ويحتل مكانة في المجتمع، بينما الباحث والعالم والبروفيسور في الجامعة يتذيل السُلم في المجتمع بسبب وضعه المادي السيء.

الآن فقط؛ أدرك أن الناس أن طبيبا أو ممرضا أو حتى عامل نظافة في مستشفى أهم بكثير من نجوم الرياضة والفن ومشاهير السوشل ميديا التافهين، الذين تحولوا إلى نجوم لأنهم ينشرون يومياتهم ولا يترددون في الخروج على الناس بمباشر على “الفيسبوك” أو “الأنستغرام” قبل أن يغسلوا أعينهم من آثار النوم، ولا تحدثني عن الذي أصبح مُلهما في المجتمع بعد أن رمى بنفسه في شاحنة زبالة من أجل تحدي تافه للحصول على 1000 دينار!

عامل النظافة الذي يمر يوميا أمام بيوتنا ليرفع قمامتنا، هو الأولى بالتكريم والتبجيل في المجتمع، وهو الأحق بالأجور المرتفعة، لأنه يحمينا من الأوبئة والأمراض، وليس لاعب كرة القدم، أو الفنان، أو غيرها من المهن التي وُجدت في الأصل لتُسلينا في أوقات فراغنا لا لتشغلنا عن حياتنا وأعمالنا وأدوارنا في المجتمع، والمعلم الذي يُكوّن كل الفاعلين في المجتمع من أطباء وممرضين ورجال الأمن وغيرهم، يستحق المكانة الأولى في سلم القيم، حتى يحتفظ بصورته الناصعة أمام تلاميذه.

إن القرار الرسمي الصادر عن رئاسة الجمهورية بإقرار منحة شهرية للفئات التي تحارب الوباء هو بداية الاعتراف بالجرم المرتكب في حقهم، ولا بد من عمل كبير مستقبلا لإعادة ترتيب سلم المجتمع، والبداية بالاهتمام بكل من لديه علاقة بالعلم من تلاميذ وطلبة ومدرسين وباحثين وعلماء ووضعهم في أعلى هرم المجتمع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • وطني الجزائر

    شكرا اخي رشيد الطامة الكبرى من ينفخ المشاهير و النجوم بزعمهم أمام اهل العلم و الفكر لولا إعلام مثلهم منحط وطالع بالمعرفة و الرشوة لا يفرق بين حرف ض و ظ ولا بين د و ذ حشا الإعلام الواعي و شكرا

  • عبدالكريم معلاوي

    عندما تعود الحياة إلى طبيعتها وبعد فترة قصيرة سينسى الناس هذا الهم وسيبجلون الفنانون وسيكرمونهم مثل الأمس وسيواصلون الأساتذة والأطباء إضرابهم وستخرج الشرطة باعتقالهم وستقوم الدولة بإنشاء لجنة لدراسة الملف بحثا ربح الوقت .وهكذا .لأن الإنسان يحب الحياة وهي بدورها تتعلق بالمصالح ولما تتعارض وتتصادم سننسى الماضي .ما أشبه هذا بخطبة الجمعة حيث بعد مرور لحظات لن يتذكر أحدا موضوعها .

  • فخامة الشعب

    سؤال بريئ جدا..............هل مايسمى(الوزراء والولاة ورؤساء الدوائر والبلديات) يعانون من أزمة السميد....؟

  • محمد

    اسمح لي أن أبدأ بتوجيه الطعن الأكبر لوسائل الإعلام عموما ولشاشات التلفزة خاصة لما وصلت إليه القيم من الدناءة ثقافيا واجتماعيا مانحة قدرتها الإغرائية لصالح المفسدين قصد توجيه أفراد المجتمع إلى اللهو والجهالة التي ترمي الفئات الضعيفة نحو الكسل والخمول والطعن فيما يعارض الأخلاق والاجتهاد.كذلك الحال في منظومتنا التربوية التي تزخر بموظفين نجحوا في مسابقات مزورة أبعد منها من لديهم القدرة على توصيل المعرفة الحقة والسلوك السوي مما حول هذا القطاع إلى جماعة فوضوية كثرت دعواتها إلى الاحتجاجات المتكررة والإضرابات المتعددة لأتفه الأسباب فتخلت عن أسمى صفاتها وهي التربية لتتحول إلى هيئة انتهازية في التدريس

  • بن مداني عبد الحكيم

    هل حقا ان أزمة كورونا ستعيد الخريطة الذهنية للقيم في المجتمعات وهل يتحول العالم اليوم الى اعتماد نظام اقتصادي اخلاقي ما أشبه الليلة بالبارحة خلال كارثة الوباء في 1918 الوباء الذي بذأ في الولايات المتحدة ثم انتقل الى اوروبا و لانه انتشر اكثر في اسبانيا يعرف بالأنفلونزا الأسبانية 500 مليون مصاب حول العالم ما بين 50 الى 100 مليون وفاة اصيبت الحياة بالشلل والحجر الصحي وغلق المدارس والجامعات والكنائس والمصانع وظهرت وشكلة تجني الخدمات الصحية والاجتماعية والازمة الاقتصادية الخانقة مع نفس التوصيات وفتك بالشباب اكثر هل اتعظ الانسان وقد قيل صلى وصام لأمر كان يطلبه فلما قضى الأمر فلا صلى