-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كيانات التآمر التي لن تكون

عمار يزلي
  • 1293
  • 0
كيانات التآمر التي لن تكون

في الوقت الذي تشعر فيه الكيانات الغاصبة والمحتلة بأنها قد بدأت تفقد أطرافها من خلاف مع التحولات العالمية والشعبية المعادية للإمبراطوريات الناتجة عن عصر الاستعمار والاستيطان خلال القرنين الـ19 و20، بدأت هذه الكيانات تعرف أن زوالها حتمي لأنها أصلا زوائد دودية، جزر مصطنعة كقواعد عسكرية لحماية استغلال النفط على جزر بلا شعب، فلم تجد غير الاصطفاف مع آخر جزيرة آيلة إلى الانهيار، التي هي جزيرة الكيان الغاصب، القاعدة العسكرية الأمريكية والغربية المتوسطة للشرق الأوسط.

لم يعد خافيا على أحد، رغم الدواعي الدبلوماسية والتحفظ السياسي ودواعي “الأخوّة” في الدين والعروبة، أن التواطؤ العربي الصهيوني وعمل هذا التحالف غير المجانس وغير المألوف بات على أشدّه، ليس ضد القضية الفلسطينية بالأساس، وغزة وحماس كجزء أساسي منها، بل صار التآمر يصل إلى أطراف جغرافية أخرى، بدأت من السودان للتغلغل في أدغال إفريقيا لاسيما دول الحزام الجنوبي والغربي للجزائر، وبلدان المغرب العربي من ليبيا إلى موريتانيا. الكل بات يعرف أن حجم التواطؤ الصهيوني العربي مشخصا في الحلف المغربي الصهيوني الإماراتي كثالوث محوري لسهم التهديم والتخريب لأسس العلاقات الدولية الداعمة لحركات التحرر في العالم، وربما تكون إحدى أواخرها: القضية الفلسطينية والصحراء الغربية.

الدور الجزائري ومحيطها شرقا وجنوبا، العامل على تحريك جذوة الوطنية التي أريد لها أن تخبو وتنطفئ وتُنسى، جعلها المستهدَف الثاني بعد السودان: السودان الذي كان قبل التقسيم يشكل أكبر دولة إفريقية وعربية من حيث المساحة، صار اليوم يحتل المرتبة الثانية بعد الجزائر. وهذا مؤشرٌ واحد من بين عدة مؤشرات على أن عمل محور الشر على خلق الفتن وإشعال بؤر توتر على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية للجزائر هو مقصودٌ بل ومخطط له بعناية وليس منذ اليوم، بل ومنذ عشرات السنين من قبل.

زيارة الرئيس البرهان للجزائر، تندرج في هذا السياق من دون شك، فهو يعرف حجم التهديدات ويعرف حجم التحديات التي تطال إفريقيا والدول التي تتحدى كبريات القوى الاستعمارية الأمس واليوم، وترفع الصوت عاليا نصرة للقضايا العادلة مدافعة عن حق التحرر والاستقلال والعدالة للشعوب الأخيرة التي ما زالت ترزح تحت نير الاستعمار في ظل قوانين دولية تحمي المحتل للبلد وتدين المحتلة بلده المدافع عن هويته ووطنه وترابه وأرضه وعرضه. الجزائر، واحدة من الدول القليلة في العالم العربي وفي إفريقيا وعدم الانحياز وأمريكا اللاتينية التي لا تساوم على القضايا العادلة في العالم، لاسيما حرية الشعوب وحقها في تقرير المصير والاستقلال ودعم قضايا التحرر العالمي والعدالة الاجتماعية والتنموية ومطلب النظام العالمي الجديد في أروقة الأمم المتحدة من 1974 وما قبله، وبالأخص المطالبة بحق الشعب الفلسطيني في العودة وبناء دولته المستقلة السيادية مثله مثل الشعب الصحراوي.

العالم يتغير، والرمال تتحرك، والكل بات يعرف أن منتصف القرن الـ21، لن يكون كبدايته، وأن حراك الشعوب قادم وأن فلسطين ورياح القدس وطوفانه قد فتح الأعين في العالم وفتح القلوب وفتح السراديب على مستقبل يراه الصهاينة يوم قيامة، ونهاية الحلم الصهيوني وكابوس الوجود؛ لهذا فهم يقومون بتدمير كل ما هو موجود من علاقات دولية فضلا عن تدمير كل حي وجامد ومتحرك وثابت في غزة والضفة، وغير مستبعد أن يشنوا حرب تدمير على لبنان حتى ولو دُمّر كيانهم المدمَّر من الداخل اليوم. مع ذلك، يقوم “المهرولون” من المطبِّعين بلا طبع ولا طبائع أخلاقية وقومية، برهن أنفسهم وكراسيهم الوثيرة خدمة لهذا الشيطان الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!