-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وقفات رمضانية

كُن سعيدا ولا تبتئس

سلطان بركاني
  • 1885
  • 0
كُن سعيدا ولا تبتئس

لعلّ من أهمّ الدّروس والمواعظ التي يحملها رمضان لأمّة الإسلام كلّ عام، في سرعة حلوله وسرعة توالي أيامه ولياليه وسرعة انقضائه، أنّ مكمن السّعادة الحقيقية والحياة الطيّبة في معرفة حقيقة هذه الحياة الدّنيا، وأنّها ظلّ زائل؛ عمرها قصير ومتاعها حقير. أيام وأنفاس معدودات وتنقضي الأعمار وينتقل العبد إلى دار القرار، فإمّا إلى جنّة وإمّا إلى نار. ومن الخسارة أن يكون همّ العبد المؤمن في هذا العمر القصير بطنه وفرجه، وأن يُضيّع حياته وأيام عمره الغالية في توافه الأمور.

لا تعطِ الدّنيا أكثر ممّا تستحقّ

كثير من الناسِ تُظلم أرواحهم وتُسجن في أبدانهم وتستولي عليهم الهموم والغموم والأحزان بأسباب لو تأمّلوها لوجدوا أنّها أتفه من أن تعكّر مزاجهم فضلا عن أن تسرق منهم سعادة قلوبهم وأنس أرواحهم؛ فهذا يتلمّظ بسبب خلاف مع الزوجة حول طعام لم يعجبه، وذاك بسبب موقف محرج تعرّض له، وآخر بسبب تأخّر راتب أو ضياع فرصة يمكن أن يعوّضها أو يظفر بما هو خير منها… وهكذا تسيطر التّعاسة على حياة كثير من النّاس بتوالي مثل هذه المنغّصات التّافهة عليهم صباح مساء، مع أنّه كان بالإمكان أن يهوّنوا من شأنها وينظروا إليها على أنّها هوامش لا تستحقّ أكثر من حجمها في مسيرة حياة يمكن أن يسعد فيها العبد بهمّته العالية ويجعلها جسرا ينقله إلى دار السّعادة الأبديّة. 

تسلّحْ بالإخلاص يهُن عليك أمر النّاس

من الدّروس المهمّة التي يحملها رمضان أيضا أنّ الحياة الطيّبة والسّعادة في الإخلاص لوجه الله جلّ وعلا، يوم يكون همّ العبد أن يتقبّل الله منه، لا يهمّه ما يقوله النّاس. يستوي عنده المدح والذمّ، شعاره في كلّ عمل: ما لي وللنّاس.

يتذكّر العبد المؤمن ثمرات الإخلاص فيهون عليه أمر النّاس؛ يتذكّر أنّ من ثمرات الإخلاص حبّ الله وحبّ النّاس، إجابة الدّعاء، راحة القلب وطمأنينة النّفس، حسن الخاتمة، نعيم القبر، رفعة الدّرجات في الجنّات؛ وفي الحديث أنّ في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدّها الله لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام. بل إنّ للمخلصين في الجنّة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ((فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)). قال الحسن البصريّ عليه رحمة الله: “أخفى القوم أعمالهم فأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”.

لا تنسَ أنّك طالب جنّة عرضها السّماوات والأرض

في أوّل ليلة من رمضان تُفتّح أبواب الجنان، ليتذكّر العبد المؤمن وهو يجد طعم السّعادة في أيام وليالي الشّهر الفضيل أنّ الحياة الطيّبة والسّعادة يوم تكون الجنّة هي غاية العبد في هذه الدنيا، يوم تكون دار الرّضوان حاضرة في ذهنه ماثلة أمام عينيه. إذا ضاقت به الدنيا تذكّر جنة عرضُها السماواتُ والأرض. إن افتقر أو حزن أو مرض أو ظُلم تذكّر أنّ نهاية هذه الحياة هي موت بعده جنّة لا فقر فيها ولا حزن ولا همّ ولا غمّ ولا ألم، تذكّر الحور والخيام والقصور، تذكّر الأشجار والظّلال والأنهار، تذكّر جوار المصطفى –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وصحبه الأبرار، تذكّر لذّة النّظر إلى وجه الله الكريم، تذكّر اجتماع شمله بأهله وإخوانه وأحبابه في مقام لا موت فيه ولا فراق بعده.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!