الرأي

لا الإسلام ولا العربية

ح.م

كان العرب “كمّا” مهملا، بعضهم يتبعون الفرس، وبعضهم يتبعون الروم، وبعضهم يعيشون كالأنعام التي يرعونها، حفاة عراة، لا حضارة لهم، ولا فكر عندهم إلا بعض الأمثال وبعض القصائد يتسامرون بها في نواديهم يوم إقامتهم.. وأكثر ذلك كذب صراح.. وجمع مثالبهم جعفر بن أبي طالب في قوله لملك الحبشة: “كنا قوما أهل جاهلية.. يأكل القوي منا الضعيف، ونسيء الجوار..”.

ثم أكرمهم الله – عز وجل- بأقوم كتاب أنزل، وبأفضل رسول أرسل، فصاروا أمة، بل “خير أمة” تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وأصبحوا شيئا مذكورا فأسقطوا إمبراطوريتين (الروم والفرس) طاغيتين، وحملوا مبادئ العدل والحق والمساواة والكرامة إلى غيرهم من الشعوب، فدخلت في دين الله أفواجا..

ثم استدبر “الخلف” ما تركه أولئك الأسلاف، وأضاعوا ما استحفظوا عليه من قيم الإسلام ومبادئه، ونسوا حظا مما ذكروا به، فأحيوا “سننهم الجاهلية”، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.. فإذا هم اليوم أضحوكة الضاحكين، وهزء المستهزئين، وسخرية الساخرين..

ومن أوقع ما سمعناه في المدة الأخيرة من أن “أميرا أعرابيا”، كان يبري بظفره القلم، التقى رئيس حكومة دولة إثيوبيا، فقال ذلك “الأعرابي”: سنبني لكم معهدا لتعليم الإسلام.. فقاطعه الرئيس الإثيوبي قائلا: لا نريد معهدا لتعليم الإسلام، فالإسلام قد أضعتموه، ولكننا نريد معهدا لتعلم اللغة العربية، فإذا تعلمناها تعلمنا الإسلام، ثم نعلّمه لكم.. فبهت ذلك “الأعرابي”.

أما تعليقي على الرئيس الإثيوبي فهو  أن هؤلاء “الأعراب”- من محيطهم إلى خليجهم- لم يضيعوا الإسلام فقط، بل أضاعوا معه اللغة العربية، ولم يبق لهم لا إسلام صحيح، ولا لسان فصيح، ولا خلق مليح.

مقالات ذات صلة