الرأي

لا لإجهاض الحلم

حسان زهار
  • 815
  • 7

سأقول كلاما مزعجا هذه المرة، وليعذرني البعض على صراحتي.

الانتخابات بهذا الشكل الذي يتم الترويج فيه لبعض الوجوه الغابرة القديمة، وبعض الأسماء التي تسحب من الأرشيف بعد أن يزاح عن كاهلها الغبار، في بلد كالجزائر، يعيش حراكا ضد منظومة الفساد القديمة برمتها، وتتحرك فيه أطراف كثيرة ضد الانتخابات كطريق آمن للحل، هي بلا شك انتخابات قد تكون في دائرة الخطر.

فتح المجال لبعض من كانوا في المنظومة القديمة، والذين اشتغلوا في الزمن البوتفليقي، خطوة غير موفقة إطلاقا، على الرغم من ادراكنا أن لكل مواطن الحق في الترشح، لكن الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد، تقتضي نوعا من “الاستثناء” حتى لا أقول “العزل السياسي”، كخطوة مهمة لطمأنة الشارع المتوتر، المتوجس والمشكك في كل شيء، بسبب التجارب المريرة السابقة في عمليات التزوير والالتفاف على إرادة الشعب.

فأن تعود رموز الأفلان والأرندي من النافذة، بعد أن أخرجهم الحراك من الباب، فالشارع سيقرؤها أنها محاولة التفاف على إرادة الشعب.. حتى وإن لم تكن كذلك.

لقد خرجت الملايين تصرخ ضد ثنائية (الأفلان / أرندي)، وقد تجاوز الشعب على مضض موضوع الإبقاء عليهما، وإعادة بعث قيادات جديدة لهذين الجهازين، لكن أن تعرض نفسها مجددا على شارع ما زال ثائرا ضدها، كافرا بكل وجوهها، فهذا دعم لمعسكر الرافضين للحل الانتخابي.

بهذه الطريقة، نحن لا نغري الرافضين للانتخابات بالانضمام اليها، بل نحن ندفع بالمؤمنين بهذه الانتخابات لـ”الكفر” بها.

لقد هضمنا الاستنجاد بالمنظومة البوتفليقية البائدة، في بقاء الحكومة وفي لجنة الحوار، وفي سلطة الانتخابات وغيرها… لكن أن تهدد هذه المنظومة من جديد كرسي الرئاسة، فهو مزعج للرافضين للانتخابات والمؤيدين لها معا.
إن هذه الأساليب التي ينقصها الذكاء كأقل توصيف لها، خدمة جليلة لأعداء الانتخابات، وها قد بدأوا ينفثون سمومهم في الداخل والخارج، بأننا أمام “ثورة مضادة”.

وهنا الخطر ليس على الانتخابات وحدها، هل ستجرى أم لا؟ ولا في حجم المقاطعة المحتملة لها، وإنما الخطر حتى في نتائجها، اذا ما أفرزت وجها قديما مطعونا في تاريخه وسيرته الذاتية.

بما يعني أن البلاد لن تعرف استقرارا مع هذا الرئيس “المرسكل”، ولن تعرف تنمية..

صحيح أن السماح بترشيح بعض الوجوه القديمة، ربما كان هدفه اضفاء نوع من الديناميكية على الانتخابات، ونوع من الحيوية والتنافس، لكن احتمالية وقوع النتائج العكسية هي الأرجح في هذه الحالة، وأعتقد أن امكانية التراجع عن ذلك ممكنة.
إن اختزال مشهد المتنافسين على الوجوه النظيفة فقط، معناه أنه سيكون لدينا رئيس بروح الحراك الشعبي، وهذا وحده كفيل بإسكات أعداء الحل الدستوري، من جماعات المجلس التأسيسي والانتقالية، ويبطل حججهم غدا لعرقلة عمل الرئيس المقبل ومسيرة التنمية.. وينهي دعوات التصعيد والفوضى.

ما زال الوقت متاحا لإعادة الثقة إلى الشارع..

الجزائر أكبر من الأشخاص، ومن الأفلان والأرندي، ومن منظومة الفساد التي سيطرت على البلاد طولا وعرضا.
الجزائر الجديدة تستحق وجوها جديدة أيضا.. تاريخها نظيف.. وجيوبها أيضا.

مقالات ذات صلة