الرأي

لا لوم على “اليوتوب” و”سناب شات”

محمد سليم قلالة
  • 709
  • 5

استخدام الانترنت من قبل شبابنا أمرٌ جيد، والتحكم في ذلك أكثر من مطلوب. كما أن استخدام أدواتها المختلفة من أجل الاتصال أمر لا نستطيع تجاوزه، بل علينا تربية وتكوين أبنائنا للتعامل مع هذه التكنولوجيا الجديدة. إنهم الآن يتعاملون مع الانترنت بالطريقة التي يعرفون دون توجيه أو استراتيجية أو تدريب. كلٌّ يتحرك على هواه وبطريقته، من غير معرفة الفرص المتاحة له والمخاطر المُحدَقة به.

بالأمس فقط هناك من استطاع جمع آلاف الشباب في موعد واحد وفي مكان واحد باستغلال “السناب شات”، وقبله استطاع غيره جمع أكثر من مليون مشاهدة لمقطع اليوتوب الذي أعدَّه بنفسه وبوسائله الخاصة، والعشرات، بل المئات ممن أصبحوا يسمون بـyoutubeur (صانعي  مقاطع اليوتوب المختلفة)، وsnapchateur (صانعي مقاطع فيديو أو منتجي صور عبر تطبيق snapchat) الذين يدخلون يوميا هذا العالم الافتراضي في محاولة للاستفادة من خدماته غير المحدودة… هل هم على خطأ؟ هل ينبغي أن نقف منهم موقف المتفرج؟ أم علينا التعامل معهم كواقع جديد لترشيد نشاطهم وتوجيههم نحو الأفضل؟

إني أتصور أنه من غير المنطقي أن نَمنع شبابنا من استخدام هذه التطبيقات التي تبلغ قيمتها ملايير الدولارات في السوق العالمي، ومن غير المقبول أيضا ألا نفهم ما الذي يريدون التعبير عنه من خلال هذه الفضاءات المتعددة الأشكال والألوان.

المُتابع لمثل هذا النشاط المتزايد بين الملايين من الشباب في بلادنا يتبين له أنهم يتحركون بتلقائية ومن غير أي توجيه أو رعاية مباشرة أو غير مباشرة. منهم من استثمر في السخرية وحقق نجاحا، وهناك من استثمر في السياسة، وآخرون في اللباس والموضة، أوفي الطبخ والسفر ونمط الحياة… الخ، بل لا يوجد مجالٌ من مجالات الحياة إلا كان لهم فيه رأي من غير حاجة إلى وسائل الإعلام الثقيلة كالتلفزيون والصحافة، ومن غير حاجة إلى تقنيات عالية أو ميزانيات كبيرة. يكفي الفرد منهم هاتفا ذكيا واتصالا بانترنت، وفي أحسن الأحوال كاميرا عالية الجودة لمن أراد أن يكون أكثر مهنية.

لذلك، علينا إذا أردنا أن نتعامل مع هذا الواقع الجديد، أن نتعامل معه وفق منظور الشباب لا وفق منظورنا، ووفق حاجتهم لحرية التعبير والنشاط عبر التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال المتوفرة لديهم. لقد ولَّى زمن المنع والتخويف وأصبحنا أمام زمن ينبغي فيها أن نُشجِّع المبادرة الحسنة لتُنافِس المبادرة السيئة أو السخيفة. ولتشجيع المبادرة الجادَّة والحسنة، علينا توفير التدريب اللازم والتوعية اللازمة والمرافقة اللازمة لهؤلاء الشباب بدءا من سنواتهم الأولى في المدرسة، بل ينبغي  إدراج تكوين في هذا المجال ضمن برامجنا التعليمية لتغليب محاسن التكنولوجيا على مساوئها، وذلك يحتاج بالفعل إلى رؤية واضحة لبلادنا في هذا المجال لا إلى مزيدٍ من اللوم والانتقاد لشباب ذلك ما استطاع أن يقوم به، وقد قام به في كثيرٍ من الأحيان على أحسن وجه، أحسنوا في الجد وأحسنوا في الهزل. ينبغي رؤية ذلك من زاوية الأمل لا من زاوية اليأس بالنسبة لهذا الجيل.

مقالات ذات صلة