-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رشيد قاسيمي يتحدث عن وجوب التأريخ للمقاومات الشعبية ويؤكد:

لا وجه للمقارنة بين التواجد التركي والاستعمار الفرنسي في الجزائر

زهية منصر
  • 887
  • 0
لا وجه للمقارنة بين التواجد التركي والاستعمار الفرنسي في الجزائر
أرشيف

اختار الأستاذ رشيد قاسيمي خوض تجربة الكتابة في التاريخ، عبر منطقته التي ينحدر منها، حيث بدأ الأمر كمغامرة ذاتية يغذيها الفضول وحب الاطلاع، وانتهت بالغوص في دهاليز الأسماء والأعراش، حيث يعتبر كتابه “ومضات تاريخية من تاريخ القبائل السفلى وبغلية- قرية أعزيب الشيخ”، الأول من نوعه في تاريخ المنطقة، ينفض الغبار عن عديد الحقائق التاريخية، بما فيها نسب المنطقة، الذي أراد الاستعمار الفرنسي طمسه.

يجب الاهتمام بترسيم تاريخ الجزائر وعزوف الشباب سببه غياب الثقة

ويتحدث الأستاذ قاسيمي في هذا اللقاء عن مغامرة تأليف هذا الكتاب، ومشاريعه المستقبلية وبعض المسائل المتعلقة بالتاريخ.

كتاب “ومضات تاريخية من تاريخ القبائل السفلى وبغلية”، يعتبر الأول من نوعه في كتابة تاريخ المنطقة، هل يمكن أن تضع القارئ في صورة بداية هذا المشروع؟

فكرة الكتاب ولدت من مناقشة ذات يوم بيني وبين الأصدقاء، في إحدى الجلسات، تناولت تاريخ المنطقة. ادعى فيها أحد الحاضرين أن عمر بن محي الدين قطع رأسه في بغلية في ثورة المقراني في 1871، قلت إن جدتي كانت تروي لنا أن أعمر قاسمي وموح قاسي قتلا شنقا في بغلية، بينما أعمر قاسي لم تعرف أخباره إلى اليوم.
فقال صديقي إن هذا الكلام موجودة في كتاب قرأته. فقلت يجب أن أحصل على هذا الكتاب بأي ثمن. وفعلا حصلت على الكتاب، كان لمحمد صغير فرج من قدماء الكشاف الإسلامية بعنوان “تاريخ تيزي وزو وأصولها”، قرأت الكتاب وقمت بتلخيصه. وعبر هذا الكتاب، اكتشفت أن أصول أجدادي لها امتداد للتواجد العثماني في الجزائر.
وجدت أن الأحداث والأسماء متشابكة والأحداث كثيرة، توسعت في البحث إلى تسجيل شهادات حية وجمع الوثائق، فكانت المادة الأولية التي أدت إلى تأليف هذا الكتاب. ومنه اكتشفت شغفي بالتاريخ، رغم أنني بعيد عن الميدان.

على ذكر حقبة التواجد العثماني في الجزائر، ما رأيك في من يعتبره استعمارا؟

البحوث التاريخية والمؤرخون الذين كتبوا في هذا الموضوع، خاصة أبا القاسم سعد الله وتوفيق المدني وآخرين لا يعتبرون التواجد التركي في الجزائر استعمارا، لأنهم جاؤوا بطلب من الجزائريين للمساعدة في دحر المد الصليبي الإسباني والأوروبي، في تلك الفترة، لأن سقوط غرناطة كان في 1492 والمد الإسباني بدأ في 1500 وشمل سواحل البحر الأبيض المتوسط، من المغرب إلى ليبيا والجزائر، حوالي 300 كلم، كانت تحت سيطرة الإسبان، إضافة إلى القاعدة العسكرية الإيطالية، التي كانت متمركزة في جيجل. ولا يجب أن ننسى أن الجزائر في تلك الفترة كانت مقسمة إلى دويلات المرينيين في تلمسان والزيانيين في بجاية والحفصيين إلى الحدود مع تونس.
استنجد أحد أمراء بجاية، الذي قاوم الغزو الإسباني بالعثمانيين، حيث تم تقديم طلب إلى الباب العالي، جلبا للمساعدة للوقوف في وجه الحملات الإسبانية. وهكذا، رست ثلاث بواخر بقيادة الأخوين عروج وخير الدين، وتم تحرير جيجل وإزاحة القاعدة العسكرية الإيطالية هناك، كما تم دحر التواجد الإسباني وإنقاذ الأندلسيين من حملات الإبادة الجماعية التي كان يقودها الأسبان تحت لواء الصليبية. ورغم ما عرفته الدولة العثمانيين في آخر أيامها من فساد وفرض الضرائب، لكن لا يمكن مقارنة التواجد العثماني بالاستعمار الفرنسي، فالأتراك لم يفرضوا لغتهم بالقوة وقد نتج عن تواجدهم سلاسلة جديدة عرفت بالكراغلة، الشيء الذي لم يحدث مع الفرنسيين رغم 132 سنة احتلال.

قليلة هي الكاتبات التاريخية في فترة المقاومة الشعبية، إلامَ يعود ذلك؟

قال الوزير الأسبق، أحمد طالب، في حصة عبر الجزيرة، إن ثمة 450 مؤرخ فرنسي كتبوا في تاريخ الجزائر، بينما توجد ثلة فقط من المؤرخين الجزائريين، زيادة على كون الأرشيف لا يزال في حوزة فرنسا، وإذا أضفنا عدم اهتمام شباب اليوم بالتاريخ تصبح المشكلة معضلة أكبر. التاريخ عندنا لا يزال في ذيل الترتيب والاهتمام.

في رأيك، ما دور المدرسة في عزوف الشباب عن التاريخ اليوم؟

تاريخ الجزائر تم التلاعب به، وفقا للأهواء، مثلا النشيد الوطني حذف منه مقطع في الثمانينيات وحرم عزفه، مفدي زكريا مات في تونس، البشير الإبراهيمي وضع تحت الإقامة الجبرية.. الشباب لم يجد المصدر التاريخي الصحيح، فصار لا يثق كثيرا في التاريخ، وأحيانا ينجذب إلى المصادر الغربية. ربما حان الوقت لترسيم التاريخ الحقيقي للجزائر. فالتاريخ هو تاريخ، مهما تم تزيف والتغطية عليه لفترة أو فترات، لكن لا يمكن طمسه للنهاية أو للأبد.
نحن عادة نهتم بتاريخ القادة والزعماء الكبار وخاصة تاريخ الثورة الكبرى، لكن في الحقيقة منذ دخول الاستعمار الفرنسي في 1830 فقد سجلت الجزائر إلى غاية 1916 أزيد من 160 مقاومة شعبية، بمعنى أن هذا الشعب لم يتوقف عن المقاومة منذ الوهلة الأولى التي تم فيها اجتياح أراضيه.

وماذا عن مشاريعكم المستقبلية؟

أفكر في إنجاز جزء ثان لذات الكتاب، لأنني توقفت في هذا الجزء الأول عند انطلاق الثورة التحريرية الكبرى. وفي الجزء الثاني بحول الله سأتطرق لأهم المعارك التي عرفتها المنطقة ورجالها، خاصة معركة وادي أهلال الكبرى التي انطلقت بعد 22 يوما فقط من اندلاع ثورة 1954 ومعركة مهمة في الولاية الثالثة بشهادة سكرتير القائد عميروش رغم أن المؤرخين سكتوا عن هذه المعركة.
المنطقة ثورية وعرفت عدة أحداث واحتضنت رجالا يستحقون أن نتحدث عنهم ونخلد ذكراهم للأجيال، مثلا سعيد شكرابي، كان قائد لأربع فرق من مجموعة المنظمة السرية في المنطقة، وإذا عرفنا أن المنظمة عند إلقاء القبض على بن بلة كان بها زهاء 2000 شخص يمكن أن نتصور ثقل جماعية “بغلية”، فيها كما احتضنت سابقا المنطقة أيضا القائد أعمر اوعمران وكريم بلقاسم، وكانت أيضا تحت لواء الشيخ الحداد، ومر منها أيضا رجال آخرون يستحقون أن نكتب سيرتهم. الكتاب يمكن إدراجه في “تاريخ الهامش”، لأن الثورة كما صنعها القادة الكبار كانت أيضا من صنع البسطاء الذين مهدوا الطريق وقدموا التضحيات وقاموا بمهام كبيرة، لكن قليلا ما يتم الحديث عنها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!