الرأي

لا يُبنى الأمل بدعم أكياس الحليب

محمد سليم قلالة
  • 949
  • 6
ح.م

برغم أني لا أحبِّذ منهجية النقد من خلال المقارنة خاصة ما بين الدول والأمم إلا أني أجد أن مثل هذه المنهجية أصبحت اليوم تفرض نفسها على أكثر من صعيد.. بلدانٌ لا أريد تحديدها بالاسم حتى لا أُعمِّق شعورنا جميعا بالأسى لم تكن قبل عقدين من الزمن أفضل من بلدنا هي الآن تخطو خطوات عملاقة نحو التقدُّم، في حين يتردى الوضع لدينا إلى درجة أن أصبح العشرات من أبنائنا ومن بينهم بنات يغامرون بحياتهم عبر البحر في عزِّ أيام اضطراب أمواجه للفرار من بلدهم إلى الضفة الأخرى، بل الآلاف منهم إن لم تكن غالبيتهم تحدِّث نفسها بذلك بل تحلم به وتتمناه وتُخطِّط له…
حقيقة صادمة بكافة المقاييس وواقع مؤلم مهما حاولنا تبريره. لم يحدث قطّ أن عرفت بلادنا مثل هذه الحالة خلال أكثر أيامها صعوبة، فكيف يحدث بها اليوم ما يحدث؟ ما سبب هذا اليأس الذي أطبق على حياة الناس بشكل رهيب؟ وأيُّ مخرج لذلك حتى يعود الأمل الذي من دونه لا يمكن أن نعيش؟
يبدو لي أننا في حاجة فعلا اليوم إلى عملية كبيرة لإعادة بناء الأمل لدى الناس.

ليس من خلال دعم أكياس الحليب وأسعار الخبز والوقود… وليس من خلال الاستمرار في سياسات الوعود التي طال أمد تحقيقها وبخاصة في مجال السكن والشغل، إنما من خلال تقديم منظور استراتيجي جديد للبلاد وتغيير عميق في خياراتنا الكبرى قبل فوات الأوان.
إننا لا يمكن أن نبقى نُمنِّي الناس بقرب خروجنا من عنق الزجاجة في حين تقطع دولٌ أخرى خطوات كبيرة في مجال التقدم وتسبقنا بعقود من الزمن. كما أننا لا يمكن أن نستمرَّ في الإصرار على أننا على الطريق الصحيح في حين تؤكد كافة مؤشرات التقدم أننا خلاف ذلك خاصة في أكثر القطاعات استراتيجية كالصحة والتعليم والشغل وسياسة الأجور…
تكفي بعض المقارنات مع بعض الدول لكي نتأكد من هذا في مجال الصحة أو التعليم أو الإنتاج الصناعي أو الأجور أو غيرها من المؤشرات… هناك خللٌ بالتأكيد ينبغي أن يُصحَّح واليوم قبل الغد إذا أردنا لأبنائنا ممن غادروا أرض الوطن أن يعودوا ولمن بقي منهم اليوم أن يلغي مشروع الهجرة من حياته خاصة تلك التي يرمي بنفسه من أجلها في عرض البحر ونُسمِّيه نحن “حراقا”.

مقالات ذات صلة