-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لقاء مع إسماعيل هنية: طوفان الأقصى من الدفاع إلى التحرير

التهامي مجوري
  • 581
  • 0
لقاء مع إسماعيل هنية: طوفان الأقصى من الدفاع إلى التحرير

في لقاء جمعنا بالمجاهد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالدوحة قطر بتاريخ 10 جانفي 2024، وكنا مجموعة من أعضاء الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، استقبلنا بروح المجاهد المنتصر والمتفائل والواثق من نفسه ومن شرعية طروحاته وصدقية نشاطه، وكما قال أحد الزملاء “كنا نظن أننا سنرفع معنوياته، فإذا به هو الذي يرفع معنوياتنا”.
كان هنية يتكلم معنا خلال المدة التي قضيناها معه وهي لم تتجاوز الساعة ونصف ساعة، كلام الواثق والمؤمن بما يقول وما يهدف إليه، بطريقة وضعت القضية بين أيد الحاضرين، وكأنها قضيتنا كلنا بعدالتها، وما يجب علينا نحن، بوصفها قضية تبحث لها عن محامين متمكّنين وفي مستوى القضية.
الرجل يتكلم عن قضيته بهدوء وقناعات ثابتة وإيمان بعدالة القضية وبحتمية النصر الذي ليس بعيدا.
قال لنا هنية إن حركة المقاومة الفلسطينية انتقلت بفضل عملية طوفان الأقصى من الدفاع إلى التحرير، كما حدّثنا عن عملية طوفان الأقصى ابتداء من يوم 07 أكتوبر بقوله: العملية كانت نتيجة تحضيرات تمتد من ثلاث إلى أربع سنوات، وليست عملا مرتجَلا غير مدروس، فقد أحيطت العملية بأعلى درجات السرية والتخطيط والخداع الاستراتيجي الذي لا تسمح الظروف بالكلام عن تفاصيله الآن، وقد كان قرار طوفان الأقصى فلسطينيًّا مائة بالمائة، ولا دخل لأحد فيه، بمن في ذلك رجال المقاومة في الفصائل الأخرى، كحركة الجهاد وغيرها، وذلك لحساسية العملية وضرورة حمايتها من كل المؤثرات السلبية.
عددُ رجال المقاومة في كتائب القسام خمسة وثلاثون ألف مقاتل، منهم خمسة آلاف من النخبة، والفئة التي قامت بعملية طوفان الأقصى ألف ومائتا عنصر، تدرَّبوا على العملية لفترة طويلة، شمل تدريبهم على كل تفاصيل العملية، من معرفة بالمنطقة المحيطة بالجهة التي تقرر لدى القيادة أن تكون نقطة الانطلاق، والمؤسسات الموجودة بها والبنايات والبيوت المحيطة بها والأنفاق والشوارع والمداخل والمخارج والجدران والمحلات… وربما بلغت بهم دقة التدريب معرفة تعداد سكان المنطقة ومعرفة أحوالهم فضلا عن معرفة غيرهم من اليهود سكان المستوطنات!
في ليلة 07 أكتوبر 2023 دُعيت النخبة البالغ عددها 1200 شخص، ولم يعلموا لماذا دُعوا إلى المعسكر؟ ولِمَ دُعي الجميع؟ ولكن بمجرد اجتماعهم أعلمتهم القيادة بالعملية التي ستكون الليلة، وخيّروهم في المشاركة… فاتفق الجميع على كلمة واحدة وهي هذا هو اليوم الذي كنا ننتظره.. وانطلقت العملية وانتهت خلال 43 دقيقة إلى ساعة. والنتائج الأولية، مائتا شهيد من الفلسطينيين، وألف وخمسمائة بين قتيل وجريح من الصهاينة.
لقد وصفت عملية طوفان الأقصى بأكبر عملية للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على الصهاينة، إذ شمل الهجوم البر والبحر والجو، وبالتسلل إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة، وقد كان التسلل إلى مستوطنات الغلاف عبر الحدود بوحدات الضفادع البشرية من البحر، إضافة إلى المظليين من فوج “الصقر” التابع لكتائب القسام.
كما أعلنت كتائب القسام بدءَ العملية بضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للصهاينة. وهذه الضربة الأولى تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال أول 20 دقيقة من العملية.
وكما قال محمد الضيف قائد أركان القسام أن “اليوم هو يوم المعركة الكبرى لإنهاء الاحتلال الأخير على سطح الأرض”، ودعا الفلسطينيين في الضفة الغربية وأراضي 48 إلى الانضمام إلى هذه الحرب بكل ما يملكون من أسلحة نارية وأسلحة بيضاء، وبالاحتجاجات والاعتصامات. كما دعا الشعوب العربية والإسلامية إلى الدعم بالمظاهرات والاعتصامات، وكل أشكال الضغط الشعبي.

عددُ رجال المقاومة في كتائب القسام خمسة وثلاثون ألف مقاتل، منهم خمسة آلاف من النخبة، والفئة التي قامت بعملية طوفان الأقصى ألف ومائتا عنصر، تدرَّبوا على العملية لفترة طويلة، شمل تدريبهم على كل تفاصيل العملية، من معرفة بالمنطقة المحيطة بالجهة التي تقرر لدى القيادة أن تكون نقطة الانطلاق، والمؤسسات الموجودة بها والبنايات والبيوت المحيطة بها والأنفاق والشوارع والمداخل والمخارج والجدران والمحلات… وربما بلغت بهم دقة التدريب معرفة تعداد سكان المنطقة ومعرفة أحوالهم فضلا عن معرفة غيرهم من اليهود سكان المستوطنات!

وكان رد الفعل الصهيوني العنصري، كما هو معلوم تلك العمليات الإجرامية وحرب الإبادة بما تحمل من الإجرام والحقد والتهجير والقتل والتدمير، بإلقاء 70 ألف طن من المتفجرات، التي صبت على الشعب الفلسطيني في غزة، فلم تسلم عائلة فلسطينية في القطاع من القتل والإصابة وكل أنواع الأذى، وقاربت المائة ألف بين شهيد ومفقود ومصاب خلال مائة اليوم الماضية، وكما قال المجاهد إسماعيل هنية إن عدد الشهداء في الكثير من العائلات ما بين 60 و182 شهيد من كل عائلة، ومن بينهم عائلته هو –عائلة هنية- سقط منهم 60 شهيدا.
أما من الجانب السياسي، فقد ذكر المجاهد إسماعيل هنية أن الاتصالات لم تنقطع عبر الوسطاء: خاصة قطر ومصر، كما وصف الصهاينة بالفشل في كل شيء، حتى أنهم لم يرسوا على طلب معيّن ثابت، كانوا يريدون القضاء على حماس، ثم رضوا بتحجيم قوة حماس، وأخيرا هم الآن يبحثون عن خروج مشرف، إذ رضوا بأن يأمنوا على مستقبلهم من حماس… بل إن محاولاتهم للتفاوض لم تتوقف عبر البعثات المختلفة، ولكن كان شرطنا وما زال هو لا مفاوضات قبل توقيف القتال، ثم لا مبادلة للأسرى إلا بالكل مقابل الكل، أي كل الأسرى الفسطينيين مقابل كل الأسرى الصهاينة.
كما ذكر لنا هنية مبادرة المحامي الفرنسي وخبير القانون الدولي جيل دوفي، والفريق الذي بلغ تعداده ثلاثمائة محامي، للمرافعة عن فلسطين ضد الصهاينة.
المجاهد إسماعيل هنية من مواليد 1963، بمخيم الشاطئ من أسرة فلسطينية لاجئة من قرية الجورة في مدينة عسقلان المحتلة.
متخرجٌ من الجامعة الإسلامية بغزة من كلية التربية قسم اللغة العربية، وقد كانت بدايات نضاله في إطار النشاط الطلابي، إذ كان عضوا بالكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية –حماس- خلال سنوات الثمانينيات 1983/1986. واعتُقل هنية ثلاث مرات خلال سنوات 1987/1989 في السجون الصهيونية، ثم تم إبعاده في سنة 1992، إلى مرج الزهور في الجنوب اللبناني مع 415 ناشط من قيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ومن بين المهام التي تولاها هنية، إدارته لمكتب الشيخ الشهيد أحمد ياسين مؤسس وزعيم حركة حماس قبل اغتياله في مارس 2004، إضافة إلى عضويته في القيادة السياسية لحركة حماس في غزة.
وفي 2006 كان على رأس قائمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العامة للانتخابات التشريعية، وقد كان لإسماعيل هنية شعبية كبيرة في أوساط الشعب الفلسطيني عموما، لما عُرف عنه من هدوء ومواقف معتدلة وتعلقه الدائم وتأكيده على الوحدة الفلسطينية، كما يتمتع بعلاقات قوية مع قيادات الفصائل الفلسطينية المختلفة، ولذلك فازت حماس بتلك الانتخابات بالأغلبية الساحقة، و كانت رئاسة الوزراء للحكومة الفلسطينية العاشرة، شغل خلالها هنية منصب رئيس وزرا ، ولكن في سنة 2007 بعد وقوع الاختلاف مع السلطة فيما يعرف بالانقسام، صار يُلقب من قبل الكثير من وسائل الإعلام والسلطة الوطنية الفلسطينية بـرئيس الحكومة المقالة القائمة بتصريف الأعمال.
ولما كانت الإقالة تصرفا غير قانوني، استمر في منصبه كرئيس للحكومة المقالة القائمة بتصريف الأعمال لحين منح الثقة لحكومة أخرى من المجلس التشريعي.
وقد تعرض هنية لمحاولات اغتيال، كغيره من قيادات حماس أمثال الشيخ أحمد ياسين ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، ولكنه نجا.
ورغم أن واقع حماس وهنية في علاقتهما بالسلطة، لم تكن على ما يرام؛ بل كانت على طرف النقيض، إذ لا يترك رئيس السلطة محمود عباس مناسبة للمز حماس وقياداتها إلا ويستغلها، ومن بين تصريحاته الشهيرة وصف صواريخ القسام بـ”العبثية”… أما بالنسبة لحماس وحركات المقاومة عموما، فلم يشغلوا بالهم كثيرا بالعبث السياسي الذي تسير عليه السلطة منقوصة السيادة وغيرهم من المطبِّعين، وإنما ركَّزوا على المقاومة وساروا في تطويرها، إلى أن بلغت هذا المستوى الذي نراه اليوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!