-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا يوجد تحوُّلٌ في العلاقات الدولية؟

لماذا يوجد تحوُّلٌ في العلاقات الدولية؟

بات اليوم واضحا أن هناك بداية تحوُّل في العلاقات الدولية والنظام العالمي إلا لمن أراد أن يبقى أسيرَ الماضي ويعتقد في صلاحية النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة وببقاء الآليات ذاتها تتحكم في مصير هذا العالم ووحدات الدول المُشكِّلة له.

يمكننا التأكد من ذلك على الأقل من خلال أربع ملاحظات:

–  أولا فيما يخص العولمة: نلاحظ اليوم نهاية واضحة لها ولكل ما ارتبط بها من نظريات فرعية، وعودة تدريجية للأنظمة الإقليمية المستقلة عن بعضها والمتصارعة فيما بينها أساسها (النظام الإقليمي الغربي، النظام الإقليمي الروسي الصيني، بقية العالم).

–   ونتيجة لهذا التحوُّل نشهد بداية تشكل تحالفات عالمية جديدة نتيجة هذا الانقسام وبداية تحوُّل في المكانة الإقليمية في ثلاث مناطق على الأقل التي تخصنا (آسيا الوسطى، دول الخليج العربي، شمال إفريقيا).

–  ثانيا على صعيد النظام العالمي الديمقراطي:

نلاحظ حاليا بداية نهاية صلاحية الفكرة القائلة إن الديمقراطية هي أفضل نظام بديل للبشرية بعد اكتشاف محدودية القيم التي تقوم عليها وكذلك حقيقة المبادئ التي كانت تسعى إلى تسويقها لبقية العالم كحرية لتعبير وحقوق الإنسان وحرية المعتقد والمساواة بين بني البشر بغضِّ النظر عن اللون أو العرق…

–   لقد أصبح واضحا أن حرية التعبير ليست سوى غطاء لحقيقة احتكار مجموعة قليلة من المليارديرات على مستوى العالم لوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي: شخص واحد يملك فيسبوك وآخر يشتري تويتر وثالث يتحكم في الواشنطن بوست أو نيويورك تايمز أو في معظم وسائل الإعلام الفرنسية والبريطانية وغيرها، يصنعون الرأي العامّ بالطريقة التي تخدم مصالحهم وتزيد من نفوذهم ويزعمون أن الشعوب تتحرّك بحرِّية وتختار ممثليها بحرِّية… الخ.

– كما أصبح واضحا من خلال المعاملات التمييزية التي خُصَّ بها اللاجئون الأوكرانيون مقارنة بغيرهم من اللاجئين، خاصة المسلمين والأفارقة والعرب، مدى استمرار الخلفية العنصرية والاستعلائية للغربيين تجاه بقية الأعراق والأجناس.

-ومن جهة أخرى، اكتشف العالم مبدأ الكيل بمكيالين لدى الغرب من خلال عدم إدانته لأشكال التطرُّف النابعة من داخله فيما أصبح يعرَفُ بالنازيين الجدد، واليهود المتطرفين في الأقصى، واليمين المتطرف في معظم بلدانه، مما سيؤدي بالضرورة إلى بداية انحسار مسألة ربط التطرف بالضرورة بالإسلام والمسلمين كما ساد في بداية القرن الحالي.

– ثالثا على الصعيد الاقتصادي: بات واضحا في الفترة الأخيرة تزعزع الثقة في نظام التدفقات المالية القائم على آلية “سويفت” والشروع في تعويضه بأنظمة بديلة، كما تأكدت لدى معظم الاقتصاديين بداية أفول هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي لصالح عملات الدول الصاعدة (الصين، روسيا، الهند…).

– كما تجلّت للدول الصاعدة التي تمتلك ثرواتٍ طبيعية هائلة ولمختلف دول الجنوب أهمية سلاح الطاقة والمواد الخام والضعف الكبير الذي تعانيه أوروبا، خاصة في هذا المجال مما سيحرر الجنوب أكثر للتطلع  إلى علاقات دولية من نوع جديد…
رابعا: في مجال آليات القانون الدولي :

بيَّنت الحرب الأخيرة في أوكرانيا محدودية دور الأمم المتحدة وعجز القوى الغربية على تغيير القواعد التي تحكم نظام الأمن الجماعي من خلال آلية مجلس الأمن بعد فشل فكرة نزع حق الفيتو من روسيا وفشل فكرة تغيير تركيبة مجلس الأمن بما يخدم الكتلة الغربية.

تدلُّ مثل هذه الملاحظات بالفعل أنَّ هناك بداية تحول فعلية للعلاقات الدولية علينا التكيُّف معها ما دامت في معظمها تصبُّ في مصلحة القوى الصاعدة والتي ظلّت مهمَّشة أو تحت الهيمنة في العقود الماضية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • علي بن داود

    شخص واحد يتحكم في فيس بوك . احسن بكثير من شخص واحد يتحكم في دوله كالقدافي او الاسد او بوتن . الخ .