الرأي

لم تكن حربا من أجل إيران

حسين لقرع
  • 1246
  • 3

بدل أن يأسف للجرائم البشعة التي ارتكبها طيرانُ الاحتلال بحقّ 69 طفلا ومئات المدنيين، وللدمار الذي لحق بالبيوت والأبراج السكنية والبنية التحتية بغزّة، ويدينها بكل وضوح كما فعل كلّ أحرار العالم، لم يجد وزيرُ خارجية الإمارات عبد الله بن زايد ما يأسف له غير رفض الغرب تصنيف حماس “حركةً إرهابية”، ليتبنّى بذلك أطروحات الاحتلال من دون أيّ لبس، ويضرب عرض الحائط بكلّ الشرائع والأعراف والقوانين الدولية التي تُقرُّ بحقِّ الشعوب المستعمَرة في مقاومة مستعمِرها بكلّ الوسائل ومنها السلاح.

وجاء هذا التصريح الغريب بعد نحو ثلاثة أسابيع فقط على نهاية حرب غزة التي تعرّض فيها الاحتلالُ إلى هزيمة منكَرة دفعت السفير الإماراتي بتل أبيب إلى زيارة كبير الحاخامات لمواساته ورفع معنوياته قائلا بالحرف الواحد: “إن شاء الله ترجعون أقوى مما كنتم!”، علماً أنّ مقرّ سفارة الإمارات بتل أبيب لا يبعد سوى بنحو 15 مترا عن المكان الذي أعلن فيه الاحتلالُ قيام ما أسماها “دولة إسرائيل” في 1948، واختيار هذا المكان له دلالةٌ عميقة وليس صدفة.

من جهتها، تشنّ وسائل الإعلام الإماراتية، مسنَدة بوسائل إعلامية خليجية متصهْيِنة أخرى، حملة قذرة ضدّ المقاومة منذ نهاية حرب غزة، وذهب الإعلامُ المتصهين بعيدا في تبرئة الاحتلال المجرم وتحميل حركتيْ حماس والجهاد مسؤولية الحرب وخسائرها البشرية والمادّية، واستعان بـ”محلّلين” أفّاكين مرتزقة قالوا إنّ هذه الحرب كانت من أجل إيران التي طلبت من المقاومة شنَّها على الاحتلال لتحسين شروطها التفاوضية في فيينا على رفع العقوبات الأمريكية عنها مقابل العودة إلى الاتفاق النووي، واتهموا المقاومة مجددا بأنها مجرّد “أذرع إيرانية في غزة” وأنّها عرّضت القطاع للدمار وسكانَه للموت خدمةً للأجندة الإيرانية!

والواضح تماما أنّ انتصار المقاومة في الحرب الأخيرة قد آلم هؤلاء الأعراب المتصهينين أكثر مما آلم صهاينة الاحتلال أنفسهم، ولذلك قرروا شنّ هذه الحملة الحاقدة ضدّ حماس والجهاد، مع أنّ أيَّ متابع موضوعي نزيه يعرف أسباب هذه الحرب، وهي -للتذكير- تتعلّق بإصرار الاحتلال على تدنيس المسجد الأقصى المبارك يوميا، وقمعه للمرابطين هناك، ورغبته في تهجير سكان حي الشيخ جراح، وقد قررت المقاومة نصرة بيت المقدس والمرابطين فيه وفي أكنافه، وخاضت حربا وكسبتها ولله الحمد، ولا صحّة لمزاعم الأعراب المتصهينين بأنها كانت حربا من أجل إيران لتعزيز موقعها التفاوضي في فيينا.

لم تُخفِ المقاومة الفلسطينية يوماً أنّ إيران تموّلها وتسلّحها بالصواريخ والتقنيات وأسلحة أخرى منذ 16 سنة على الأقل، ولكنّ فصائلها مع ذلك ليست “أذرعا إيرانية” كما يزعم هؤلاء الحاقدون، ولا ترضى ببيع قرارها المستقلّ لأحد، ولا تتلقى الدعم من إيران مقابل تشييع غزّة أو خوض حربٍ من أجلها، بل إنها لم تكترث تماما باستيائها وامتعاضها حينما اتخذت منذ سنوات موقفا معاديا لنظام بشّار الأسد.

وكما أضحى بعضُ الأعراب واضحين في مواقفهم المؤيِّدة للاحتلال ويجهرون بها بلا خجل أو تحفّظ منذ أن أخرجهم ترامب من جحورهم وأرغمهم على التخلي عن نفاقِهم وادِّعائهم “نصرة قضيتهم الأولى”، فإنّ المقاومة بدورها واضحةٌ في خياراتها ومواقفها وتحالفاتها وتجهر بها برأس مرفوع وهي مطمئنّة إلى أنّ 1.7 مليار مسلم معها وأحرار العالم يؤيدونها، ولن يضرّها من خالفها أو آذاها أو ظاهر العدوَّ ضدَّها إلى أن يأتي اللهُ بأمره.

مقالات ذات صلة