لهذه الأسباب رفض آيت أحمد ومهري و حمروش وجاب الله المشاورات
تحفظت شخصيات سياسية بارزة على الطريقة التي تدار بها جلسات الحوار الموسعة التي يشرف عليها رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ومعاونيه، الجنرال المتقاعد، محمد تواتي، والمستشار لدى الرئاسة، محمد علي بوغازي، فيما أعلنت شخصيات أخرى مسبقا رفضها المشاركة.
-
وعلمت “الشروق” من مصادر مطلعة أن شخصيات سياسية توصف بـ”الثقيلة” لم ترد على دعوة هيئة المشاورات، بالرغم من مرور وقت ليس بالقصير على استلامها الدعوة، ويتعلق الأمر بكل من الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الحميد مهري، ورئيس الحكومة الأسبق، مولود حمروش، وقائد الولاية الرابعة التاريخية، يوسف الخطيب، ورئيس الحكومة الأسبق وعضو المجلس الأعلى للدولة سابقا، رضا مالك، ومؤسس حركتي النهضة والإصلاح وعبد الله جاب الله، فيما اعتذر رئيس الحكومة الأسبق عبد السلام بلعيد لحالته الصحية، ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس.
-
وتتخوف السلطة من أن ينضم المزيد من الأسماء السياسية الثقيلة إلى قائمة الرافضين للمشاركة في الحوار المؤدية إلى الإصلاحات السياسية التي دعا إليها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير للأمة منتصف أفريل المنصرم، سيما بعد أن قررت شخصيات بارزة في المعارضة المقاطعة، على غرار الزعيم التاريخي ورئيس جبهة القوى الاشتراكية، حسين آيت أحمد، الموجود بمنفاه الاختياري في سويسرا، والأمين العام للتجمع من الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، ومرشح الرئاسيات ورئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، ورئيس الحكومة في منتصف التسعينيات، مقداد سيفي، إضافة إلى الرئيس الأسبق اليامين زروال، المتعود على مقاطعة كل المناسبات والدعوات الرسمية.
-
ورجحت مصادرنا أن يكون التأخر في رد الشخصيات السالف ذكرها، على دعوة الرئاسة، قرار غير معلن بالمقاطعة، خاصة وأن أغلب هذه الأسماء عانت من تهميش وإقصاء السلطة منذ مطلع التسعينيات حتى يومنا هذا، فضلا عن تشكيكها بجدية السلطات في الذهاب بمسار الإصلاحات إلى نهايته، بل وتذهب بعيدا عندما تعتبر ما يقوم به بن صالح ومساعداه، مجرد “مناورة لربح الوقت وقتل طموح الجزائريين المتطلعين إلى التغيير”، سيما بعد النجاحات التي حققها الشارع العربي في الأشهر الأخيرة.
-
وذكرت شخصية مقربة من محيط عبد الله جاب الله، فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن الرجل يكون قد حسم أمره بمقاطعة المشاورات، وأكدت بأن جاب الله قد يحسم بصفة رسمية ونهائية في بيان سيوزع على الصحافة بحر الأسبوع الداخل، تعبيرا عن رفضه للطريقة التي يدار بها الحوار، حيث لم يرق مرشح رئاسيات 1999، مطالبة المدعوين للمشاورات بتقديم مقترحاتهم للهيئة المكلفة وكأن الأمر مجرد “استطلاع رأي”، في حين كان يتعيّن، بحسب المصدر، طرح قضية ما للنقاش مع الجهة المسؤولية مباشرة، والتباحث بشأنها، قبل أن ينفض الطرفان على وفاق، فيما يشير متابعون إلى أن جاب الله لم يعد يثق في السلطة، بعد كل الذي تعرض له خلال العشرية المنقضية، التي ميّزها تجريده من حزب يعتقد أنه هو من بناه.
-
أما عبد الحميد مهري فيرجع المتابعون تردده وعدم رده على دعوة الرئاسة، لامتعاضه من الطريقة التي تعاطت بها السلطات مع مبادرته التي أطلقها ولقيت دعم الزعيم التاريخي لجبهة القوى الاشتراكية، حسين آيت أحمد، وبالتالي فمن غير المعقول أن يهرول لتلبية دعوة السلطة، في وقت أدارت فيه هي ظهرها لمبادرته، فضلا عن رفضه للطريقة التي تدار بها الإصلاحات، بحيث يشترط “فتح نقاش وطني سياسي عميق وشامل حول كيفية وضع أسس تغيير النظام”، علما أن خطاب الرئيس حصر الإصلاحات في تعديل الدستور وبعض النصوص القانونية والتشريعية.
-
ويبدو صمت مولود حمروش، أكثر من مألوف بالنظر إلى مواقف هذا الرجل، الذي فضل الانزواء بعيدا عن “كرنفالات” السلطة، منذ أن انسحب من سباق رئاسيات 1999، بحيث لم يعد يثق في السرايا وحتى في محيطها، وتجلى ذلك من خلال إحجامه عن الترشح للرئاسة في 2004 وفي 2009، اعتقادا منه بأن ما جرى كان محسوما مسبقا وأن اللعبة مغلقة.
-
ومن شأن مقاطعة الشخصيات السالف ذكرها للمشاورات أن يضرب مصداقية الإصلاحات السياسية في الصميم، ويؤثر سلبا على مساعي السلطة في الوصول بالبلاد إلى بر الأمان، إن كانت صادقة فعلا في مسعاها، الأمر الذي يحتم على من بيده زمام المبادرة إلى استدراك ما يمكن استدراكه، حتى لا تحرم الجزائر من فرصة تاريخية قد لا تعوّض.