لهذه الأسباب لم يستفد الجزائريون من 155 مليار دولار
كشف الخبير الاقتصادي، تومي عبد الرحمان، أن الطريقة الأمثل لتوظيف احتياطات الصرف الجزائرية التي ناهزت 155 مليار دولار، هي اللجوء إلى شراء كميات من الذهب، الذي يعتبر أكثر الملاذات أمنا، في ظل عدم القدرة محليا على استغلال تلك المبالغ الهائلة في تمويل برامج تنموية حقيقية داخل البلاد.
-
وقال تومي، في تصريح لـ”الشروق”، إن توظيف الاحتياطات الحالية في تمويل الاقتصاد الوطني يتطلب تصحيح الخلل الموجود في المنظومة الوطنية الاقتصادية بكل مكوناتها مع ضرورة التركيز على تطوير المنظومة البنكية وبناء قدرات وطنية حقيقية للإنجاز، ومكافحة البيروقراطية والفساد وتطوير محافظ الخدمات البنكية وتطوير الثقافة الاستثمارية للبنوك الوطنية ورفع قدرات الاستثمار منعا لحدوث تسخين اقتصادي وتجنبا للاستمرار في دفع التكلفة الزائدة.
-
وكشفت الحكومة في وقت سابق على لسان، عبد الحميد تمار، أن الحكومة قررت العمل على استرجاع احتياطات الصرف الجزائرية الموجودة بالخارج، مشير إلى عدم الجدوى الاقتصادية من توظيف تلك المبالغ الضخمة بالخارج نتيجة الأزمة المالية العالمية التي تسببت في تراجع معدلات الفائدة على سندات الخزينة الأمريكية إلى مستويات أقل من 1 بالمائة.
-
وسيكون توجيه احتياطات الصرف التي تجاوزت نهاية العام الماضي 155 مليار دولار، نحو استثمارات محلية، أكثر جدوى من توظيفها خارجيا في ظل الأزمة الراهنة، حيث أصبحت عمليات التوظيف الخارجية دون مردودية. بعد أن اتخذت العديد من الدول الغربية قرارات تخفيض معدلات الفائدة إلى ما يقارب صفر بالمائة، إلا أن المخاوف الحقيقية التي تطرح بخصوص توجيه احتياطات الصرف نحو التوظيف الداخلي، تتمثل في عدم وجود كفاءة محلية قادرة على تسيير تلك المبالغ الضخمة بالفعالية والنجاعة المطلوبتين دوليا، خاصة بعد الفشل في تسيير برامج الاستثمار العمومية التي شرع في تنفيذها منذ 2001، حيث أصبح الفشل أكثر بروزا في تنفيذ ومتابعة برنامج الإنعاش الثاني الذي لم يستهلك منه سوى 20 مليار دولار خلال الخماسي الماضي، في حين بقيت قطاعات إستراتيجية مثل قطاع المساكن يترنح، رغم أنه الأكثر على تحريك العجلة الاقتصادية في أي دولة فصلا عن كونه قطاع توظيف على نطاق واسع.
-
وتجمع كل التحاليل المحايدة على ضرورة إعادة النظر في الإجراءات المتعلقة بمرافقة الاستثمار المحلي وكذا شروط توظيف المواد المالية التي تتوفر عليها البلاد، وخاصة من خلال إعادة النظر في الأجهزة والمؤسسات القائمة على تسيير تلك الموارد.
-
ولتتمكن الحكومة من التوظيف الجيد لمواردها المالية، عليها إعادة النظر بصورة شاملة في قواعد الحكم الحالية وخاصة في مراكز اتخاذ القرار الاقتصادي بشكل يسمح بتوظيف موارد البلاد لإطلاق تنمية حقيقية تسمح بحل الإشكالات التي يعانيها المجتمع من بطالة وسكن وصحة وتكوين وترفيه، على اعتبار أن المشكل الحقيقي الذي تعانيه الجزائر ليس المال، وإنما في وجود خبرات حقيقية قادرة على الاستغلال العقلاني لكل الموارد المالية.